منذ بدأت رياح الأزمة تهب على اليمن تحت مسمى رياح التغيير أو ما يعرفه البعض "الربيع العربي" بدأت المراهنات تتوالى تباعا منها ما يؤكد على أن صوملة ثانية ستبدأ وهي الأولى في شبه جزيرة العرب ، على اعتبار أن موطن الأولى يقع في القرن الأفريقي وهو الموطن الأصلي لأبشع صور الدمار في التاريخ المعاصر. منبع جدية المراهنة مصدره أن شعبا يمتلك زهاء ستين مليون قطعة سلاح كفيلة بنجاح تجربة الصومال في معترك الحرب الأهلية التي لا ولن تتوقف لا سمح الله إلا بمعجزة إلهية. أضف إلى ذلك أن ملامح الانقسامات الداخلية كانت قد بدأت هي الأخرى تنخر في جسد هذا البلد الذي لا يزال يرزح حتى اللحظة تحت خط الفقر ، كما أن مستوى الوعي لدى أبنائه لا يزال متدنيا هو الآخر!. حراك في الجنوب وقاعدة في الوسط وحوثيين في أقصى الشمال ، مضاف إليها انشقاق غادر في صفوف الجيش والقوات المسلحة ، تسانده مجاميع قبلية لا تزال تعيش فيما قبل التاريخ بعقلياتها المتحجرة ، كل ذلك رجح كفة المراهنين على أن اليمن يتجه فعلا نحو الهاوية ، وأن حرب بسوس عصرية ستندلع تأكل الأخضر واليابس لا سمح الله. عندها أدرك الزعيم علي عبدالله صالح، أن مواجهة هذه الرياح العاتية المستمدة قوتها من المحيط الخارجي لا يكون إلا بما يحفظ لهذا الشعب وحدته واستقراره ويرسخ عقيدته الديمقراطية التي سعى إليها طيلة حياته . بدأ الزعيم في مواجهته للعاصفة باتخاذ بعض من الإجراءات الاحترازية حرصا منه على صون المكتسب الديمقراطي ، وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة بالطرق المشروعة دونما حاجة لوسيلة الانقلابات والمؤامرات مدفوعة الأجر من الخارج ليضمن لهذا الشعب طريقته المثلى نحو الديمقراطية بعيدا عن سفك الدماء وأساليب لي الأذرع التي عفا عليها الزمن . فمنذ لاحت المبادرة الخليجية في أفق السماء ، أدرك الصالح أن بنود المبادرة لا يمكن تطبقها ما لم تتضمن آلية تنفيذية مزمنة تلتزم بها كافة الأطراف السياسية سواء في السلطة أو المعارضة تحت رعاية أممية تكون بمثابة الشاهدة على أن اليمن بلد اختار النهج الديمقراطي منذ الأزل . خطوة أخرى جسدت مدى حرص الزعيم على وطنه من التفكك وعلى شعبه من الضياع والدمار عندما أعلن أن كرسي السلطة لا يمكن تسليمه إلا لأيادي أمينة تحفظ للبلد أمنه واستقراره وللشعب حريته وديمقراطيته . إن ال 21 من فبراير لم يكن يوما عابرا بالنسبة لليمن ، بقدر ما كان يوما تاريخيا وضعت فيه الإرادة الشعبية في محطة اختبار لمعرفة مدى استيعاب اليمنيين للنهج الديمقراطي ومبدأ التداول السلمي للسلطة على أسس سليمة تحفظ له كرامته ووحدة أراضيه . إن كان لا بد لهذا الشعب أن يحتفل بهذا اليوم فلا بد له أن يدرك المسببات الرئيسية التي تستحق الوقوف عندها والتي عملت على زرع بذور الديمقراطية وريها والاعتناء بها وصولا إلى موعد الحصاد الذي اخترناه يوم ال21 من فبراير 2012. إن أردنا الاحتفاء بهذا اليوم فإنه من الواجب علينا أن ندرك أن شخصاً ما كرس كل وقته لنرى شمس هذا اليوم تطل بأشعتها البهية تخترق عتمة السحاب السوداء لتصل إلينا متلألئة عنوانها برد وسلام وليس سفكا ودماء كما كان يسعى إليه البعض. إن ال 21 من فبراير يوم عظيم صنعه الزعيم لشعب عظيم ....