شارك ما لا يقل عن 30 رئيس دولة في تشييع جنازة الرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز أمس الجمعة وسط مشاعر جارفة من الحزن على زعيم تمتع بجاذبية شعبية كبيرة وغير وجه السياسة في أمريكا الجنوبية وإن اختلفت حوله الآراء. وتوفي تشافيز "58 عاما" يوم الثلاثاء الماضي بعد معركة مع السرطان استمرت عامين خضع خلالها لأربع عمليات جراحية في كوبا منذ اكتشاف المرض للمرة الأولى في منطقة الحوض في منتصف عام 2011. واعتصر الحزن ملايين من مواطني فنزويلا غالبيتهم من الفقراء الذين أحبوا الرئيس الثوري لأنه وضع ثروة البلاد النفطية الضخمة في خدمتهم لكن وفاته أنعشت آمال المعارضة التي رأت فيه دكتاتورا. وتدفقت حشود غفيرة من "التشافيين" يحملون صوره ويرتدون قمصانا قطنية عليها صورة لعينيه على الساحات المحيطة بالأكاديمية العسكرية التي نقل إليها جثمانه بعد أن طاف به أنصاره في شوارع العاصمة كراكاس وسط فيضان من المشاعر. ومن المقرر أن يحنط جثمان تشافيز ويعرض "إلى الأبد" في متحف عسكري على غرار ما حدث مع زعماء شيوعيين راحلين مثل لينين وستالين وماو تسي تونج. لكن قبل أن تتخذ هذه الخطوة سيظل جثمانه أسبوعا آخر في الأكاديمية العسكرية إرضاء لرغبة ملايين المواطنين الذين يريدون إلقاء نظرة الوداع الأخيرة على زعيمهم الذي سيذكره التاريخ على أنه من أكثر الزعماء الشيوعيين بريقا وإثارة للجدل. وقال نيكولاس مادورو القائم بأعمال الرئيس والذي أعلن تشافيز قبل رحلته الأخيرة لكوبا للعلاج أنه يفضله ليخلفه في الرئاسة "كل هذه الإجراءات تتخذ حتى يبقى الشعب مع زعيمه إلى الأبد." ومن المقرر أن يؤدي مادورو اليمين كقائم بأعمال الرئيس يوم الجمعة بعد الجنازة. وحتى الآن ألقى أكثر من مليوني شخص نظرة الوداع على جثمان تشافيز المسجى في نعش خلف شريط أحمر في المقر الفخم للأكاديمية العسكرية وكان البعض يبكي والبعض يحيي الرئيس فيما رسم البعض علامة الصليب على صدورهم. ومن بين الزعماء الذين تجمعوا في كراكاس حلفاء للرئيس الفنزويلي مثل رئيس الأكوادور رافائيل كوريا ورئيسة البرازيل ديلما روسيف ورئيس البرازيل السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا والرئيس الكوبي راؤول كاسترو. وقال كاسترو "أهم شيء إنه رحل دون أن يهزم" مشيرا إلى فوز تشافيز في أربعة سباقات رئاسية، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الانتصارات الانتخابية لحزبه طوال حكمه الذي استمر 14 عاما. وأضاف كاسترو "كان رجلا لا يهزم. لقد رحل منتصرا وما من أحد يمكنه إن ينتزع هذا منه. هذا مسجل في التاريخ". وكانت رئيسة الأرجنتين كريستينا فرنانديز وهي صديقة مقربة من تشافيز من أول كبار المشيعين الذين وصلوا إلى كراكاس بعد وفاة الرئيس الفنزويلي. وقالت وسائل إعلام إنها عادت إلى بلادها يوم الخميس ولن تحضر الجنازة. وحضر الجنازة رؤساء معظم دول أمريكا اللاتينية وبعض الحلفاء المثيرين للجدل للرئيس السابق "المعادي للإمبريالية" مثل الإيراني، محمود أحمدي نجاد، والكوبي راؤول كاسترو، والبيلاروسي، ألكسندر لوكاشينكو. ومن جهتها، أعلنت الخارجية الأمريكية أن القائم بالأعمال الأمريكي في كراكاس وسياسيين ديمقراطيين أمريكيين سيمثلون الولاياتالمتحدة في مأتم تشافيز. ومساء أمس الجمعة، أدى نيكولاس مادورو، الذي كان نائبا لتشافيز واختاره لخلافته، اليمين ليصبح رئيسا بالوكالة. وأعلن رئيس الجمعية الوطنية في فنزويلا، ديسودادو كابيلو، أن مادورو "سيدعو إلى انتخابات في الوقت المحدد خلال الأيام الثلاثين المقبلة، بموجب الدستور".
وكان مادورو ذكر الخميس أن الزعيم الأمريكي الجنوبي "سيحنط" مثل القادة الكبار لثورات القرن العشرين، من لينين إلى هو شي مينه وماو تسي تونغ، وسيبقى جثمانه "مسجى 7 أيام إضافية على الأقل". وقال "نريد أن يراه كل الذين يرغبون في ذلك".