استبقت اللجنة التنظيمية لساحة الجامعة قراراً كان متوقعاً صدوره برفع ساحات الاعتصام وأخلت الساحات ،وبذلك فوت الساحاتيون فرصة اتهامهم بالرضوخ للسلطة الحاكمة التي أتت بها المبادرة الخليجية ،وهي التي طالما عبروا عن أنها لا تعنيهم في شيء لأنهم –كما كانوا يصرحون دوما- "لا يعترفون بشرعيتها" أصلاً. نشطاء سياسيون ربطوا إخلاء الساحات – أو ما تبقى منها – بقرارات 10 أبريل التي بموجبها تم إنزال علي محسن من التبة الشمالية للعاصمة وتحويلها إلى حديقة عامة، فمكوث الساحاتيين لم يطل أكثر من أسبوع واحد على مغادرة محسن !! فكأن الساحة المحاذية للفرقة كانت حائط الحماية الأول ،وبالمقابل تقوم بتجنيدهم في الداخلية والدفاع،إلى جانب دعمهم بما يحتاجون. *سكان الأحياء السكنية الواقعة في حي الجامعة والمجاورة لها انتصروا لقضيتهم بصمودهم وصبرهم ،وكانت لحملتهم (ارحلوا عن شوارعنا) صداها الواسع ،وتأثيرها الواضح في توجيه الرأي العام المحلي والدولي لهذه المأساة اليومية. أقام سكان الأحياء المتضررة الفعاليات الحقوقية والثقافية والرياضية والمسيرات والمظاهرات ،وكانوا يتوجونها بصلاة الجمعة في الشارع العام ليدينوا العالم أجمع بجريمة السكوت على حقوق أحياء بأكملها ..جذبت هذه الفعاليات عدسات الكاميرات، وأقلام الصحافيين وتقارير الحقوقيين والنشطاء السياسيين ،ولفتت انتباه العالم إلى المعاناة اليومية التي يعانيها الأهالي جراء بقاء المخيمات على أبواب منازلهم، وما صاحبها من اعتقالات ومضايقات وتكبيل حريات ،وأكدت الحملة على حقهم في العيش الطبيعي الآمن المستقر كبقية سكان أحياء العاصمة. *دعوات جديدة للتخييم واستحداث بؤر جديدة مازالت تتوالى آخرها دعوة توكل كرمان للشباب عبر صفحتها في الفيسبوك بأن يخيموا أمام المؤسسات الحكومية لتصبح كل مؤسسات الدولة ساحات جديدة، وأعطت شعاراً نبيلاً (اجتثاث الفساد) لتزيين الدعوة ..استوحته من طموحات وتطلعات الشباب المغلوبين على أمرهم. لقد تناست كرمان أن ما استخدمته من شعارات للوصول إلى تحقيق نجاحات شخصية توجتها بحصولها على جائزة نوبل (للسلام!!) ،لم يعد يجدي نفعاً الآن ؛فالذين انجرُّوا وراء دعواتها السابقة لاسيما دعوتها لاقتحام مبنى رئاسة الوزراء لا يزالون على بوابة رئاسة الوزراء حتى اليوم ،جرحى لا يجدون من يمنحهم الدواء ،وإن وجدوا عسكريين غلاظاً شداداً لينهالوا على بقايا حطامهم البشري ضرباً بالهراوات.