ونحن طلبة في أوائل دفعات كلية الإعلام بجامعة صنعاء، أتذكر أنه كان يُنادى علينا باسم " عيال رؤوفة حسن " ، وكم كان ذلك النداء يشعرني بالزهو، ولكأنهم يقولون لنا يا عيال الشمس . علاوة على كونها صاحبة الفضل في إيجاد " قسم الإعلام "- آنذاك- من العدم، كان لرؤوفة حسن – رحمة الله تغشاها – إشراقات جليلة وعقل يوزن بلد . بالأمس مرت علينا الذكرى الثانية لرحيلها، أو بالأصح الذكرى الثانية لوفاتها، لأن الكبار يموتون ولا يرحلون أو يغادرون الحياة كأي هامشي ولد ليُصفق فقط. نحن – كما العادة – نحتفي بجلادينا، إحياء كانوا أو أمواتاً، ما جعل منا شعبا بلا ذاكرة وبلا عيون. تستحق سيدة المجتمع المدني " رؤوفة" ومثيلاتها من اليمنيات الرائدات، أن يُحتفى بهن باعتبارهن رموزاً واجهن هذا المجتمع المحشور في عبوات أبو شنب وأبو لحية . حتى الطفل هنا يحلم أول ما يكبر أن يطلع له " شنب " ! ولم يتشكل إلى الآن مجتمع يحترم عطاء الضفيرة . في مثل هذي البلاد المزحومة – جدا- برجال منشغلين بالسيادة وبالتملك، تمر النسوة فيه لكأنهن عقاب أو لكأنهن عيب ينبغي مواراته. الغريب أن يحدث هذا مع أن بلقيس وأروى بنت أحمد مرتا من هنا، فكيف أصبحت هذه البلاد رجيم . ولئن توارى صوت الدكتورة رؤوفة حسن، أو اختفى حضورها من جدول المحاضرات اليومية، ومن ذاكرة " أبوشنب"، إلا أنها ستظل – على الدوام- حاضرة كمنارة يهتدي بها عُشاق التمدن وأرباب السلام . ألف رحمة تغشاكِ مجددا ، والفاتحة - مجددا - إلى روحكِ الملهمة ياست الكُل . [email protected]