معظم المفسبكين يصدقون بأن الشياطين تُصفَّد في رمضان، فتراهم يُصفِّدون أنفسهم ويبدأون بنشر "بوستات" دينية وتفاسير لآيات قرآنية، وأحاديث لا يعرفون صحَّة معظمها، ولم يقرأوها من قبل. يريدون أن يتحوَّلوا إلى ملائكة بمجرد رؤية الهلال، دون أساس صحيح.. من يصفِّد القتلة الذين يسفكون دماء الناس.. ومن يصفِّد المسلَّحين الذين يجوبون الشوارع بسياراتهم المدجَّجة.. ومن يصفِّد ضاربي الكهرباء وخاطفي البشر..ومن يصفِّد مصدِّري الفتاوى التي تبيح دم الإنسان.. فشياطين الجن الذين نفرح بتصفيدهم في رمضان لا يشكِّلون ضرراً بهذا القدر الذي تشكِّله شياطين الإنس؟ومتى نكفُّ عن إلقاء اللوم على الشيطان في كلِّ ما نفعله!! هناك من يقول إنه يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، لكن الوساوس لا تفارقه، وهو يجهل أنه هو مصدر هذه الوساوس وليس الشيطان، طالما أن الوساوس لا تتلاشى بعد الاستعاذة من الشيطان.. فهناك ما يسمَّى ب"الوسواس القهري"، وهو الوسواس الذي قال عنه الله تبارك وتعالى "ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه".. وهذا يختلف كلياً مع ما يوسوس به الوسواس الخنَّاس. نحن بحاجة إلى من يصفِّد التجار واللصوص والقتلة، لأنهم أشدُّ ضرراً على الحياة وعلى الإنسان من الشياطين. هناك من يريد أن يثبت لنفسه بأنه ملاك لمجرد مجاراته لروحانية رمضان، الذي ما أن يطلَّ هلال شوَّال حتى تتلاشى كل تلك الروحانية وكل تلك الجدية في العبادات والتقرُّب إلى الله، وكأن الله لا يتواجد إلا في رمضان، وهو الذي لا يردُّ سائلاً ولا يغلق أبوابه في وجه من دعاه، أياً كان اتجاه هذا الداعي أو ديانته، فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء.. والمضطر هنا ليست محصورة على دين أو مذهب. ليت أن العام كله رمضان، لتبقى القلوب نقية والمساجد عامرة بالصلوات والتسابيح طوال العام وليس في رمضان فقط.