لا أستطيع الخوض في أي نقاشٍ ديني.. لأنني أخاف من العواقب.. خصوصاً وأن "الفقيه" الذي كان يدرسنا زما ن في مدرسة (الرحمة) تحفيظ قرآن.. طردني ذات يوم من الحصة لأنني بسذاجة طفلٍ سألته عن (الله) وهل يأكل بيده اليمنى أم باليد الشمال؟. ولم أنته من سؤالي إلا ووجدت سعادة "الفقيه" يستغفر الله بصوت مسموع، ما جعل وجهي - أمام الطلبة- يتحول من شدة الخوف إلى إشارة مرور، يصفر ويحمر ويخضر.. وبدلاً من أن يرد "الفقيه" على سؤالي، وجدته يصرخ في وجهي أمام الكل: "أخرج يا بن السوق"!! ومن يومها وأنا لا أسأل مخلوقاً عن الله . وكلما أردت أن أعرفه أحصي نعمه علي، وأمسك المصحف وأقرأ دون الحاجة لفقهاء، أجدر بوزارة الأوقاف أن تعطيهم دورات مكثفة في تربية الدواجن، لأن تربية الأجيال مسئولية كبيرة ، مُش كل من لبس عمامة أو معه لحية وحمل حِقداً لليهود والنصارى (قُلنا به أزقم) تعال وقع عالم.. ربي الأجيال وعلمهم الصلاة والصيام.. وكراهية الغرب الكافر؟!! بالمناسبة .. كان ذلك (الفقيه) يخبرنا دائماً أن الدين الإسلامي دين عطف ومحبة ورحمة وشفقة لكنه ولمرة واحدة –طبعاً- لم ينس عصاه الخيزران في البيت! كان يذرع بها ظهورنا يومياً، ويخبرنا: "الإسلام ما مثله دين" وكنا نسمعهُ ونحن (معطوفين) فوق الكراسي -وأحياناً على الأرض- ولا نشعر برحمة الدين الإسلامي الحنيف.. إلا عند انتهاء الدرس ومغادرته باب ذلك الفصل الكئيب؟! في إحدى المرات كانت الحصة (تسميع) ولما جاء دوري طلب مني أن أسمعه سورة (الكافرون) غيب طبعاً.. ويا ساتر يا الله.. طيلة الليل وأنا أحفظها وبمجرد أن وقفت أمامه ورحت أتلوها تلخبطت للأمانة.. كنت مفجوعاً من الخيزران التي في يديه. لكنه أعطاني فرصة ثانية لتلاوتها –غيباً- وتلخبطت أيضاً.. وعينك ما تشوف إلاَّ النور!! لقد ذرع الخيزران فوق جسدي الناحل، وراح يحفظني السورة والعصى تتمشى فوق جسمي الملتهب !! وبينما أنا بين يديه أبكي من الألم وأرتعش مثل الفرخ، كان سعادة الفقيه يتهجى السورة آية آية، بل لقد رتلها –فوق ظهري ترتيلا- وبعد كل آية أرددها معه كان (يذرعني) خبطه بالخيزران تنسيني ما قرأته من قبل!! المهم لم تنته السورة، إلا وأنا مضروباً.. أتنطط ك"الكنغر" من شدة الألم !!الحمد لله أنني يومها لم أكن مطالباً ب(تسميع) سورة أطول من سورة "الكافرون".. لا أدري ما الذي كان سيحدث لي؟ أو كيف كانت ستنتهي حِصة (التسميع) تلِك؟! إنها أسوأ حِصة في حياة مُسلم!! وأقسم إني لا أزال حتى اللحظة لا أحفظ تلك السورة.. ولن أحفظها مهما حاولت وإذا أراد أحدكم أنه يخرجني من الإسلام عليه الآن أن يطلب مني بكل بساطة أن أسمع له سورة "الكافرون"، لكن من دون خيزران لو سمحتم ...! [email protected]