لم تعد الكهرباء تعلن عن تعرضها للاعتداءات.. ربّما من باب "وإذا بليتم فاستتروا" .. * لعل المواطن يعتقد أن وراء الإطفاءات الطويلة مجرد عملية صيانة..ولكن هل هناك مؤسسة في الدول المتخلفة كلها تقوم بقطع الكهرباء يوميا ولساعات طويلة لمجرد أنها تعمل على غسل محتويات المحطة بالماء والصابون!؟ * كانوا يقولون لنا بأن مأرب الغازية خرجت عن الخدمة بسبب اعتداء في الدماشقه أو في نهم .. إلخ ،محددين الأبراج والدوائر ثم صاروا لا يعلنون عن الاعتداء وإنما عن قيامهم بالإصلاح لما انقطع .. وأحياناً عن ما واجه الفرق الفنية من منع وتهديد ووعيد إلى أن استقرت بهم الخيبة عند الأخذ بخطة "الدعممة" وكأن المواطن مجرد سمكة أو ذبابة لاتستمر ذاكرته أكثر من خمس ثوان على التقدير الأبعد. * من ناحية فإن القبول بانقطاع الكهرباء عن المستهلكين لساعات طويلة كل يوم يشير إلى جفاف شامل في الإحساس بالمسؤولية القانونية والأخلاقية عند وزارة الكهرباء ومؤسستها.. *ومن الناحية الأخرى فالأمر ينطوي على عجز اصطناعي لأجهزة الضبط.. وفي الناحيتين نحن أمام حكومة تشعر بالخجل إن هي استحت، وهي تقف كل مرة أمام ما تشهده مصالح الناس من التخريب بخليط من الصلف والبلاهة.. ولذلك فهي مصرة على أن تصنع ماتشاء ومالا نشاء من المواقف الهزلية التي لا تحترم فيها أبجديات أي حكومة ولو فاشلة .. * لقد طالعتنا نشرات الأخبار الرئيسية " بخبابير " لها أول وليس لها آخر، من أن الرئيس وجه الحكومة بالضبط، فقامت الحكومة بتوجيه بعض وزرائها بالضبط، تارة بإعطائهم مهلة للضبط، وأخرى للتأكيد على أهمية الربط، فيما لا نرى إلا ردود أفعال تحتاج نفسها لمن يضبط ويربط..بل ويزبط..!! * الجديد الذي بدأ أهل الكهرباء يعلنونه إثباتاً لخيبتهم غير المصحوبة بأي ندامة، أن المعاناة في مأرب الغازية أخذت بعداً جديداً يتمثل في أن المهندسين الذين يحاولون إصلاح المحطة لم يعودوا يعرفون أين هو الخلل داخل المحطة إلا بصعوبة..ما يشير إلى أن الحلول في إصلاح الأعطال ستتم بنظام المحاولة ونظرية التجربة والخطأ التي تجيدها الفئران .. * كنا نعتقد أن الحكومة في فرجتها على قاطعي الكهرباء من زملاء "كلفوت" تريد فقط إعطاء المواطنين مثلاً لضبط النفس وسياسة النفس الطويل والرهان على تحسن الوعي، ولكن .. بعد كل هذه الفرجة والعبث بعقول وقلوب مئات الملايين، صار الأمر أكبر وأخطر من مجرد الحلم أو انتظار العلم.. وأصبح فسادا مفضوحا، ممنوع على البرلمان أن يخوض فيه، وممنوع على أجهزة الرقابة أن تؤكد صحوتها أمامه. * أما السبع المدهش في الحكاية فهو ألا يهتم وزير الكهرباء في إحدى مقابلاته بالدفاع عن وزارته، وإنما بالتبرير لتقاعس جهات الضبط بدوافع حزبية اختزلها الدكتور سميع بقوله لأحد مقدمي البرامج الفضائية: إن من يطالبوننا بمواجهة المخربين يريدون أن يفتنوا بيننا وبين القبائل.. شوفوا الفكاهة..!!