إرسال روسيا سفينة استطلاع إلى البحر المتوسط حتى لو رافقته مهمة جمع معلومات عما يحدث قبالة الساحل السوري لا يعني شيئا مهماً.. * أولاً.. لأن المهمة روتينية وضمن برنامج معد سلفاً.. وثانياً.. لأن روسيا وإن أبدت ممانعة محترمة في المحافل السياسية إلّا أنها لن تتدخل عسكرياً لأن للتدخل ما بعده من النتائج الماحقة عالمياً.. ثم أنها لم تتدخل حتى عندما تعرضت يوغسلافيا نفسها للضرب.. * ولهذا يصح القول ليس أمام النظام السوري إلّا تدبر أمره، ترجمة لقول العرب القدامى "ما حك جلدك مثل ظفرك". خاصة ومواقف العرب من العدوان المنتظر على سوريا مواقف شديدة السوء، حيث يقفون ما بين محرض ومابين متفرج. * ورغم أن مخطط كسر سوريا بهدف إعادة صياغة خارطة المنطقة هي فكرة أمريكية، إلّا أن تمويل العدوان سيبقى عربياً.. وفضلاً عن أن أوباما لا يرأس جمعية خيرية في سياق مفهوم تكلفة التدخل في سوريا لما يسمى إنقاذ الشعب السوري فإن الأمريكيين اعتادوا على العدوان على البلدان العربية لتحريرها من حكامها بتمويل عربي لا يستثني الضرائب. * وهكذا فالأمريكي هو من يفرض حجم الدعم الحربي وتكلفته، بل ويحدد للعربي حجم ما يقدمه من دعم لأخيه الفقير بذات تحديد من هو النظام العربي الذي يستحق البقاء ومن عليه أن يغادر.. ولتذهب المعايير الأخلاقية والإنسانية إلى الجحيم.. * وإذا ما عرفنا أن تكلفة الصاروخ كروز توماهوك مليون دولار، وأن الولاياتالمتحدة احتاجت إلى سبعمائة صاروخ في عدوانها على العراق فلنا أن نفكر في تكلفة العدوان على سوريا وحجم التمويل العربي المطلوب.. فضلاً عن بقية الحسابات التي تمثل أسباباً لتأجيل الضربة. * والذي يهم الآن هو: ماذا بمقدور سوريا أن تفعل وما هي الخيارات أمام هذا الاستكبار الدولي الذي يوقع الشعب السوري في مصيدة انتهازية دامية وبمواجهات عربية لم يعد فيها من مسحة تبريرية غير التمني بأن يكون للعدوان غطاؤه الدولي. * أمام سوريا نماذج من سيناريوهات نفذت ضد العراق وليبيا استباحت كل شيء ولم تحفظ دماً أو تقي من فتنة أو تحقق ديمقراطية.. الأمر الذي يرجح عدم ترك الأمور تحسم بالنقاط وإنما استدعاء الرد على المغامرة بالمخاطرة.. بما في ذلك من متلازمات كسر العظم والضربات المدمرة القاضية.