استيقظت هذا الصباح متأخراً .. أنها الحادية عشر صباحاً , أسندت ظهري للحائط ودفء الفر اش يشدني , عيناي ذابلتان , جسدي مرتخ يطرح عنه أحلام الليل رويداً , ما زلت أتذكرها جيداً لقد كنت معها نمشي فوق رمال الشاطئ أستعيذ بالله واقوم لقضاء صلاة الصبح اللهم اغفر لي اللهم تقبل . وبعد تناول فطور ثلاثي من خبز وشاي وسمن لا أنفك افكر ما العمل ؟ لا أجد كتاباً مشوقاً يذهب عني حس الملل ولا رواية في المتناول تزعجني من الواقع .. القنوات لم تنفع في تسلية مزاجي فكلها تفاهات وتراهات تعافها عقول واذواق من قبيل ما أحمل روحي , أصعد الدرجات الى السطح أتفحص عدم وجود جار مقتحم لحرمة سطحنا ثم أقوم ببعض الحركات الرياضية أسلي عن نفسي وانشط دورتي الدموية وبدون سابق إنذار تصطدم الأصبع الاخيرة من قدمي بباب السطح الحديدي فأزم على شفتي لثوانٍ ثم أنطق بلغات لم أفهمها ولم أفهم مخارجها ولا معانيها الى اليوم " تفووووووو "قلتها وانا اعود القهقري نازلاً تلك الدرجات اتمدد فوق فراشي الذي تركته كما كان مذ استيقظت ,استلقيت على ظهري أحدق في زخرفات السطح الجبسية تعود اليّ أحلام من الايام الاولى لدراستي الجامعية .
كانت السنة الاولى سنة نحس ومرض وشح في تحصيل الدرجات , لكني أتذكرها بلذة واضحك , أتذكر أيام حمل السواطير والسيوف " الاقلام والمساطر " ونحن ندافع عن أفكار وايدلوجية نرى أننا المصطفون لإدخال الناس اليها , أطلق مجددا ضحكات متتالية ساخراً مرة ومفتخراً تارة أخرى .
اتذكر الفرص التي ضيعتها فأتحسر عليها واتذكر لحظة هي التي ستجعلني من المصطفين , أتذكر يوم أمتنعت عن الغش في أحد الامتحانات وأنا في حاجة ماسة له , لَم أغش ولكنني راضِ جداً الان , لا أعرف السبب المادي وراء ذلك لكني سعيد جداً بما فعلت .
ارتفعت دقات قلبي وأنا مستلقٍ أتذكر كل شيء فانتفضت من فراشي طاوياً أياه في لحظات لاتجه صوب الحاسوب واضع اصابع يدي فوق أزرار الكتابة وانقرها بدموع مقهورة واحاسيس متضاربة .
لماذا لا أجدك أمامي حين أكون بحاجة ماسة اليك ؟ ثم تنهمر الدموع المقهورة جارية فوق خدي وتتناسق أحاسيسي في قالب من الحب , وتتدفق دقات قلبي وتسكن أطرافي خاشعة للموقف وترفع روحي مزيحة ستار الغم عن المكان وتبدد خيوط الشمس المتسللة ما تبقى من الخوف الخائف وتتوقف عقارب الساعة إجلالاً للمقام .. لأصيح في أرجاء المنزل منادياً : وجدتها .. وجدتها .. !.