منذ بداية صباح الأول من مايو ..تستعيد إحدى العاملات بمصنع الغزل والنسيج بعدن ذكرياتها عن تاريخ حافل بالعمل والكفاح لهذه المنشئة التي تعد ثاني أهم وأكبر منشئة اقتصادية في الجنوب بعد مصافي عدن , تعيد شريط الذكريات باحتفالات وكرنفالات سنوية كانت تشارك فيها في نفس هذا اليوم منذ سنوات طويلة . تتحدث (( أم سالم )) عن تاريخ حافل بالنشاط وهي تقلب ألبوم صور قديمة تظهر هي في بعض صوره عندما كانت شابة لا تملك وقتا للفراغ , تتحسر وهي ترأى اليوم أبنائها الشباب على قارعة الشارع , تخنقهم البطالة في مدينة عدن التي تبدو كمدينة أشباح ..بعد أن كانت ((خلية نحل )) لم تعد اليوم سوى ذكريات وأطلال وخراب ودمار تسبب به الكبار وهاهم الصغار يدفعون ثمنه غاليا من أجمل سنوات حياتهم التي يقضوها في تشرد وضياع وبحثا عن عمل . (( كنت أشعر بكياني وأهميتي في المجتمع )) بهذه العبارة اختتمت إحداهن حديثها (( لعدن الغد)) , وهي عاملة في تعاونية المرأة للخياطة في حوطة لحج , تضيف : من هذه التعاونية كان يلبس الجميع من أكبرها مدير الى طلاب المدارس ورياض الأطفال وعمال النظافة ..لكن اليوم لم نعد نملك سوى الذكرى المؤرقة وأوضاع معيشية صعبة لا رواتب ولا تسويات منذ إغلاق المكان قسرا قبيل حرب صيف 1994 م . كأهم مصانع الجنوب وبذات الطريقة الغادرة طالت تلك التعاونية أيضا أيادي بل جحافل التدمير الممنهج تم طرد العاملات , اقصائهن في المنازل دون أدنى تعويض يذكر حتى اليوم , نهب المكائن والالات والاقمشة , تحويل المكان لمركز شرطة ..بمنتهى البساطة ! لا ينكر سوى جاحد أن ما عاشاه الناس قبل الوحدة لا يمكن مضاهاته بكل الظلم الذي طال الجنوب بعدها وعلى كافة الأصعدة . في الجنوب كانت هناك دولة أرست نواة لقانون ومجتمع مدني نشيط , العامل في مصنعه , الفلاح في مزرعته , الطبيب في مشفاه , المعلم في مدرسته , المهندس والمحامي والفنان وعامل النظافة وحامل الأخشاب , كان هناك رضا برتابة نهج حياة معين , ينهض الفرد بهدف معين يمضي به طيلة يومه , لا تكدر صفوه هموم ومشاكل وقلق الحاضر اليوم . تعود (( أم سالم )) لحديثها المقتضب معنا : (( ياعمال الجنوب اتحدوا )) أمام زخم الذكريات فقط كونوا أقوياء ! نترككم في ((عدن الغد)) مع ألبوم صور قديمة لعمال وعاملات في مصانع مختلفة قبل الوحدة :