في 7/7/1994م اجتاحت القوات الشمالية بكافة تشكيلاتها العسكرية والمليشيات والقبائل أرض الجنوب وكم كان المنظر مفجعاً ومؤلماً وحزيناً عند أبناء الجنوب عندما رأوا القوات الشمالية وهي تنهب وتسلب وتستولي على كل ما يقع أمامها من أموال عامة وخاصة باعتبار أن دخولهم الجنوب يسري عليه العرف الشمالي الجاهلي وهو الحق بأخذ كل شيء يستطيعون أخذه خلال ثلاثة أيام متتالية لكن ما جرى في الجنوب أن القوات الشمالية بكافة تشكيلاتها ومليشياتها وقبائلها استمرت لمدة أربعة أشهر كاملة تنهب وتسلب كل ما يقع أمامها حيث نهبوا المعسكرات والمستودعات والمخازن ومؤسسات وعقارات الدولة والمصانع العامة والخاصة وجعلوها خاوية على عروشها كما تم أزاحت كافة العاملين العسكريين والمدنيين في كافة مرافق دولة الجنوب بما فيهم عمال النظافة واستبدلوهم بعمال شماليين وأشعروا الجنوبيين بأن يستلموا رواتبهم من أماكن تم تحديدها من قبل سلطة الاحتلال وبعدها فرض الرئيس علي عبدالله صالح نفسه وصياً على كل شيء . وهنا أريد أن أُذكّر بحادثتين حصلتا بعد احتلال الجنوب كمثال صغير لما حدث للجنوب وكان بطل هاتين الحادثتين هو العقيد / عبدالعزيز الذهب قائد الحملة أثناء الحرب بين الشمال والجنوب وكلف بمنطقة البريقة ومدينة الشعب وما حولها.
الحادثة الأولى عندما اجتاحت القوات الشمالية مدينة عدن كان هو المسؤول عن منطقة البريقة والشعب وفي اليوم الثاني من دخول مدينة الشعب وصل إلى المحطة الكهروحرارية ووجد العاملين داخلها وأمر بأن يتم سحب كل الآليات والسيارات الخاصة بالمحطة إلى معسكر صلاح الدين فقال له مدير المحطة لا يوجد داعي لأخذها إلى هناك فعمال المحطة متواجدون ونحن كذلك ولكن العقيد الذهب أصّر على أخذ الآليات والسيارات إلى معسكر صلاح الدين وبعد أن تم أخذها طلب من مدير المحطة بأن يقدم له طلباً بالسيارات والآليات التي يريدها فطلب مدير المحطة كل السيارات والآليات فوافق الذهب على ذلك وفي اليوم التالي ذهب مدير المحطة إلى العقيد الذهب والذي سلّمه كشف يتضمن تسعة ملايين ريال كحفاظة على السيارات والآليات فلم يكن أمام مدير المحطة إلا أن دفع له ذلك المبلغ من مخصصات المحطة وهنا بدأ يتضح شعار الحفاظ على الوحدة وحق الحفاظة .
الحادثة الثانية قام العقيد / عبدالعزيز الذهب بالاستيلاء على منزل العقيد / علي محمد النقيب قائد اللواء العاشر مروحيات وحوّله باسمه رغم أن قائد اللواء العاشر لديه عقد رسمي من إدارة الإسكان وموثّق من قبل السجل العقاري إلا أنه قام بتغيير عقد المنزل بأوامر من الرئيس علي عبدا لله صالح حيث يقع هذا البيت في أحد تلال صلاح الدين وكان لقائد القوات الجوية البريطانية .
ظل العقيد الذهب في هذا المنزل حتى عام 2008م حيث تم تسليمه بعد أن واجه الرئيس ضغوط من أجل عودة المنزل لقائد اللواء العاشر وبعد أن تم صرف 200 فدان لعبدالعزيز الذهب و 200 فدان لأبنه من أجل تسليم المنزل للعقيد/ علي محمد النقيب وبعد أن تم الاتفاق على ذلك قام عبدالعزيز الذهب وجنوده بإحضار كمية من الإسمنت وخلطوه في براميل وجعلوه رغوة ثم سكبوه في داخل الأنبوب الرئيسي للبيت وسدوا كل المخرجات حتى يبقى الأسمنت داخل الأنابيب كما قام العساكر بتشليح كل النجف والمراوح والمكيفات وموصلات المصابيح وتركوا البيت غير صالح للسكن .
نتيجة لهذه الأعمال التي قام بها جنود عبدالعزيز الذهب والذي كان هو مشرفاً عليها أضطر العقيد / علي محمد النقيب أن يرمم البيت بالكامل حيث كلفه ذلك الملايين بعد أن أضطر إلى تكسير كل الأنابيب التي سدت بالإسمنت وترميم ما تم نهبه وتدميره.
وهنا أريد أن أضع بعض التساؤلات أمام القارئ الكريم وهي كالتالي :- 1. أولاً ما قام بها العقيد الذهب فيما يخص آليات وسيارات المحطة الحرارية والإتاوة التي فرضها هل هذا تصرف قائد عسكري رفيع في دوله تحترم نفسها دولة مؤسسات وقانون أم دولة الجهل والهمجية . 2. ما قام به العقيد الذهب من الاستيلاء على منزل العقيد علي محمد النقيب ومن ثم القيام بتخريبه بعد أن تم أمره بإرجاعه إلى مالكه على ماذا يدل هذا التصرف وهذا التساؤل سأجعله للحكماء والعقلاء من أبناء اليمن ليحكموا بأنفسهم على ذلك . 3. هل يحق للرئيس صالح والعقيد عبدالعزيز الذهب أن يستبدلوا وثيقة شرعية وقانونية بوثيقة مبنية على رغبة الاثنين وعلى قانون القوة والغلبة . 4. هل هذه تصرفات رجال دولة فيها دستور وقانون وهل هي تصرفات حماة وحدة. أترك للقارئ الكريم أن يحكم على ما جرى ويجري في الجنوب منذ احتلاله في 7/7/1994م من خروقات وتعديات على أملاك الدولة والمواطنين والتي تعد بالآلاف وما خفي كان أعظم فما حصل للجنوب كان زلزالاً مدمراً من صنع الإنسان كان من صنع الحالمين بالوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب وحدة رومانسية خالية من أي مضامين وحدة ليس لها دعائم أساسية ولا أرض صلبة تبنى عليها وحدة بين نظامين مختلفين وثقافتين متضادتين فالثقافة والجهل خصمان متضادان قال رسول الله صل الله عليه وسلم ((إذا ساد القوم جهالها فبشر بقيام الساعة )) .