صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    الحوثيون يغلقون مسجد في عمران بعد إتهام خطيب المسجد بالترضي على الصحابة    صاعقة رعدية تنهي حياة شاب يمني    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    على الجنوب طرق كل أبواب التعاون بما فيها روسيا وايران    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    اليمن تأسف لفشل مجلس الأمن في منح العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة مميز    تعز.. قوات الجيش تحبط محاولة تسلل حوثية في جبهة عصيفرة شمالي المدينة    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    بعد إفراج الحوثيين عن شحنة مبيدات.. شاهد ما حدث لمئات الطيور عقب شربها من المياه المخصصة لري شجرة القات    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    الأهلي يصارع مازيمبي.. والترجي يحاصر صن دوانز    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    تنفيذي الإصلاح بالمحويت ينعى القيادي الداعري أحد رواد التربية والعمل الاجتماعي    ريال مدريد وبايرن ميونخ يتأهلان لنصف نهائي دوري ابطال اوروبا    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عاصمة "إقليم تهامة".. مسروقة مقدماً !
نشر في يمن لايف يوم 19 - 02 - 2014

لا أحد، في الحديدة على الأقل، لا يعرف "مسلسل نهب الأراضي"، أو يسمع عنه. ولا فرق، سواء كانت أراضي دولة أو أراضي أشخاص، فالنهب واحد.
يقول يحيى علانة، وهو متقاعد سبعيني من أهالي الحديدة، إن القضية تاريخها قديم، وتبدأ من آخر فترات الحكم الإمامي، عندما ثار "الزرانيق" ضد الإمام يحيى، فقمعهم بقوات كبيرة قادها نجله وولي عهده أحمد، ليبدأ مسلسل الاضطهاد، حيث عمد الإمام يحيى إلى أخذ كل البصائر ووثائق ملكية الأراضي من الأهالي، وأخفاها، جاعلاً من تلك الأراضي ملكاً للدولة.
"كنت هناك"، الأسبوع الماضي، وكنت أضطر للتحدث لكثيرين من أهالي الحديدة ومن خارجها، عن سبب زيارتي للمدينة، وهو عمل تحقيق عن قضية نهب الأراضي. ولا أتذكر شخصاً واحداً لم يدعني لزيارة مكان ما، يقول إنه تعرض لنهب، وكثيرون عرضوا عليّ التعاون في توفير المعلومات الكافية حول القضية، وأغلبهم توقعوا أن يكون التحقيق حول ما يتحدثون عنه جديداً، وفيه معلومات كافية لتجعلني صحفياً بارعاً.
وأنا في صنعاء، كنت أفكر بزيارة كل الأراضي المنهوبة في مدينة الحديدة، لتصويرها، وأخذ معلومات عنها من الأهالي، ومختصين. وكان ما يقلقني هو كيف ألتف على وعدي مع مدير التحرير لطف الصراري، الذي شدد على أن المدة المسموحة لي لن تزيد عن 3 أيام، بينما أريد يوماً إضافياً لزيارة تهامة والكدن وباجل، فأنا أعرف أن النهب هناك ليس له حدود، لكن، وبينما أنا في الحديدة، وجدت أني أريد شهراً، وربما أكثر، لزيارة الأراضي والكتابة عنها. أكثر من شهر، إلى جانب 5 إلى 6 صفحات يومية في الصحيفة تفرغ للموضوع.
استطعت التملص، وبقيت يوماً رابعاً هناك، ولكني كتبت حول موضوع واحد فقط، أو قضية نهب واحدة هي التي كنت سأعتمدها كمقدمة للدخول في التحقيق، لحداثتها، ولأهمية أطراف الصراع فيها. وهذه القضية هي الصراع على أراضي فرع مؤسسة المياه والصرف الصحي بالحديدة، بين اللواء العاشر الذي كان يتبع "الحرس الجمهوري سابقاً"، وشيخ نافذ وقائد عسكري في نفس الوقت، يدعى "أبو حلفة". والطرفان يريدان نهبها.
تقاتل جنود من اللواء العاشر، مع مسلحين تابعين ل"أبو حلفة"، في الأرضية، وسقط قتيل و3 جرحى، قبل 3 أسابيع، والطرفان دخلا لنهب الأرضية، فيما الجهة المالكة لم تستطع التدخل؛ "لأنها ستكون عرضة للضرب من الطرفين، ولا يوجد من يحميها، في ظل ضعف الأجهزة الأمنية"، حسب قول مسؤول في المؤسسة.
يقول محمد عبدالمجيد العبسي، وهو مهندس، وأحد أقدم موظفي الفرع، ويعمل حالياً مستشاراً لرئيس المؤسسة، إن سيطرة أي نافذ أو جهة على الأرضية أو الأراضي القريبة من خط تصريف مياه المجاري، ستكون عواقبها وخيمة، وإن أي عمل استثماري أو بناء سيؤدي بالضرورة إلى قطع الخط، مما سيغرق مدينة الحديدة بالمجاري.
تقع هذه الأراضي في الجهة الشمالية من مدينة الحديدة، وهي مخصصة للأعمال الاستثمارية في مجال المصانع والزراعة، والتي لا يفضل السكن فيها، حسب مختصين، لسرعة الرياح فيها، وخطورة قربها من أحواض تصريف المجاري من جهة، وقربها من المصانع من جهة ثانية؛ وهذه الأراضي تصل مساحتها إلى 9 كيلومترات، مقسمة إلى شقين؛ الأول فيه أحواض تنقية المجاري وتصريفها، والآخر تابع للمؤسسة أيضاً، وفيه 22 بئراً ارتوازية تغذي المدينة بالمياه.
"تهامة بشكل ممنهج ومن فترة طويلة متفق أنه يجب أن تنهب، ويبقى أبناؤها عبارة عن مشردين وشحاتين، وفي أحسن أحوالهم صيادين". هكذا يقول وكيل المحافظة المساعد هاشم العزعزي، فيما يقول القيادي في "الحراك التهامي" عبدالرحمن الطسي مكرم، إن "هناك سياسة ممنهجة ضد أبناء تهامة، تسير عليها الحكومات المتعاقبة، ومنها الحكومة الحالية، وكأنها مادة في الدستور، تتمثل بأن يتم إقصاء أهالي هذه المنطقة من كل المناصب، وتعيين مدراء العموم من مناطق أخرى، وتعيين مسؤولين وقادة عسكريين من خارجها، بل وتذهب منح تهامة إلى غير أهلها".
لا أحد هناك يؤمل كثيراً على لجنة القضاة التي شكلها الرئيس هادي، نهاية الأسبوع قبل الماضي، ولم تباشر عملها بعد، والتي مهمتها النزول والنظر في قضايا نهب الأراضي واستقبال البلاغات والشكاوى، وإيجاد حلول وعد هادي، حسب ما يقال، بتطبيقها كيفما تكون، على أن المهم أن تكون صحيحة وغير منحازة.

وقاحة النهب وخطورته
يقول المثل "إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت"، والناهبون في الحديدة يفعلون ما يشاؤون، حيث لم يكتفوا بنهب أراضي المواطنين، بل وصل بهم الحد إلى نهب أراضي الدولة، ولم يكتفوا بنهب الأراضي التي بدون وثائق ملكية، أو وثائقها ضعيفة، بل تعدوا ذلك إلى نهب أراضٍ وثائقها واضحة، وأكثر من ذلك حولها قرار من مجلس الوزراء يمنع استغلال أي شبر فيها لمصالح غير مصالح مؤسسة المياه والصرف الصحي المحدودة أيضاً، بحيث لم يسمح القرار لأحد، بمن فيهم المؤسسة، بإقامة منشآت أو مبانٍ سكنية أو مصانع في مناطق أقرب من 500 متر من الآبار في جميع الاتجاهات.
كان قرار مجلس الوزراء دقيقاً في رسم حدود المنطقة البالغة الأهمية بالنسبة لمدينة الحديدة وساكنيها، والتي تحتوي على أحواض تنقية المجاري وتصريفها إلى البحر من جهة، ومنطقة الآبار التي تغذي المحافظة بالمياه من جهة أخرى، وتوجد فيها 22 بئراً ارتوازية، حيث حدد لها مستويين من الحماية؛ الأول "منطقة الحماية المشددة"، والثاني "منطقة الحماية الثانية".
تجاوزت أطماع الناهبين مناطق الحماية الثانية، وهي المنطقة المحيطة بالمنطقة الأولى، والتي حسب القرار حدودها "من الشرق قرية الديكية وحاذتها بطول 5كم شمالاً حتى الحبيشي وجنوباً حتى المحدبية، ومن الجنوب الحزام الأخضر لمدينة الحديدة، ومن الغرب الخط الذي تمر فيه أبراج الكهرباء"، والتي يحظر فيها التوسع العمراني، وأي نشاط صناعي أو خدمي يؤدي إلى تلوث الحوض، حسب القرار الذي حظر على الجهات المختصة منح تراخيص فيها لأي نشاط يؤدي إلى تلوث الحوض.
كما تجاوزت أطماع الناهبين منطقة الحماية المشددة، والتي حدودها المساحة المحيطة بحقل آبار المياه على مسافة 500 متر من الآبار في كل الاتجاهات، والمتضمنة آبار المياه وخطوط وخزانات المياه والشبكة الكهربائية، والتي يحظر فيها -حسب القرار أيضاً- أي نشاط اقتصادي مهما كان نوعه، وأي نشاط عمراني، أو استخدام أو خزن مواد كيميائية يمكن أن تسبب أي ضرر أو تلوث للحقل. واستقرت هذه الأطماع داخل المنطقة التي توجد فيها الآبار.

الجيش من ضمن الناهبين
يقول طه يماني، مدير عام المياه بفرع مؤسسة المياه والصرف الصحي بالحديدة، إن عدد "النهابين" الذين للمؤسسة معهم قضايا في المحاكم، كثير؛ منهم من حاولوا السيطرة على الأراضي، بل وسيطر بعضهم بالفعل على أراضٍ داخل حرم المؤسسة، وأغلبهم لهم ارتباطات بالجيش أو ضباط وقادة كتائب وألوية، منوهاً إلى أن "أي شخص سيسيطر على المنطقة سيقوم بحفر آبار، وهذا سيؤثر على المخزون، وعلى دفع آبار المؤسسة".
في يناير الماضي؛ تقاتل جنود اللواء العاشر ومسلحون تابعون لشيخ نافذ وقائد عسكري في نفس الوقت، يدعى "أبو حلفة"، على أراضي المؤسسة التي تقف عاجزة أمام أية محاولة لنهب أراضيها، و"تكتفي دائماً بعمل مذكرات وإرسالها، فيما الآخرون يشتغلون على الواقع"، حسب قول القائم بأعمال رئيس المؤسسة هاشم العزعزي، الوكيل المساعد للمحافظة.
يؤكد الأمين العام للمجلس المحلي حسن هيج، أن المحافظة لديها ملف متكامل عن قضية نهب الأراضي، وأن مشكلة السطو على الأراضي من الجيش بدأت قبل 3 سنوات، من قبل قيادات الدفاع الجوي واللواء 67 طيران واللواء 130 دفاع جوي والشرطة الجوية، وكتيبة من اللواء المرابط في إب، تتواجد قرب المطار، وهي مدعومة ومدرعة.
ويقول هيج إن المحافظة عملت على إجراء مراسلات ونزول لجان وإجراء اتصالات ومقابلة رئيس الجمهورية. ويتابع: "عملنا منتدى تشاورياً، وطرح الموضوع على وجهاء المحافظة من مشائخ وغرفة تجارية وعلماء ومسؤولين وزعماء التنظيمات، وصعد الموضوع إلى رئيس الجمهورية، ونزلت لجنة في منتصف عام 2011، برئاسة نائب رئيس هيئة الأركان محمد الأشول، وعضوية قائد الدفاع الجوي، ورئيس الهيئة العامة للطيران، ومندوب عن هيئة مكافحة الفساد، ومحافظ الحديدة، ورئيس الهيئة العامة للأراضي حينها يحيى دويد، وعقدت اجتماعات في الحديدة، وخرجت ببروتوكول طويل عريض، وقعوا عليه أنيطت في ضوئه بعض الأمور بالسلطة المحلية، وأخرى بوزارة الدفاع".
ويؤكد أن ما أنيط بالسلطة المحلية هو عمل سور لإزالة المخالفات ذات الطابع المدني، فنفذ، وأنه بقي الجانب العسكري، يزداد يوماً بعد يوم، سواء في أرضية مؤسسة المياه أو مناطق أخرى، من قبل الدفاع الجوي، ومن قبل اللواء 67 طيران واللواء 130 دفاع جوي وكتيبة الدفاع، والشرطة الجوية المعنية بحماية المطار، بأسلحتهم وبوازيكهم وأطقمهم وكل المعدات العسكرية.
"هناك جهات أخرى تدعي ملكيتها لأرضية مؤسسة المياه، وهذا أمر آخر سيخضع للمحاكم والنيابات، وكل شخص سيأخذ حقه". قال أمين عام المجلس المحلي للحديدة، لكن المشكلة -حسب رأيه- أن نهب ومخالفات الجانب العسكري "تسير على قدم وساق رغم أنف كل معارض".
ويقول هاشم العزعزي، إن قائد اللواء العاشر شريك في العملية مع الشيخ أبو حلفة، ومع آخرين، وإنهما مرتبطان "بأشخاص في النظام"، حد تعبيره.
وأضاف: "نحن نطالب رئيس الجمهورية ووزير الدفاع بمحاكمة هذه القيادات العسكرية، ونحن لا نستطيع محاكمتهم، فالقضاء نيابات ومحاكم الأموال العامة، لا تستطيع أن تأتي بعسكري معه دبابات ومعه صواريخ ومعه أسلحة، لتحاكمه. فلذلك هذه مسؤولية وزارة الدفاع والقضاء العسكري، ونحن جزء من هذا البلد، وهذه قضية رئيس الوزراء، وقضية رئيس الجمهورية، وليست قضيتنا وحدنا في المحافظة".
ويتابع: "هناك قيادات عسكرية كانت مرتبطة بنظام علي عبدالله صالح، متورطة في القضية، وتدعم هؤلاء الناهبين، واحتمال علي محسن متورط أيضاً".
ويشير العزعزي إلى أن اللواء علي محسن صالح لديه مجموعة مرتبطة به من الناهبين، وأنهم "موجودون ومعروفون، ويعملون في النهب، وهناك آخرون يعملون مع أحمد علي أيضاً، ومع آخرين"، حسب قوله.

قتال على الأرضية ولا تحرك من الجهات المعنية
الكل في الحديدة ومناطق أخرى سمع بالحادثة التي تطورت إلى اقتحام مبنى محافظة الحديدة، من قبل 7 أطقم على متنها أكثر من 40 جندياً تابعين للواء العاشر، ومحاصرة الموظفين وقيادة المحافظة، وبينهم المحافظ أكرم عطية، ل4 ساعات، ولا أحد سمع بتطورات القضية أو الخبر المفترض سماعه؛ وهو إحالة الجنود والمحرض لهم إلى محكمة عسكرية، وهذا بكل بساطة بسبب غياب الدولة، ممثلة بوزارة الدفاع، في هذه القضية، أو ربما لتواطؤ الوزارة مع عملية النهب هذه.
يقول العزعزي، معلقاً على القضية: "الخلاف والاشتباكات الأخيرة مسرحية، تقاتلوا من أجل أن يخاف مهندسونا، ويخرجوا من الأرضية، وبالتالي يسيطرون عليها، وهم كانوا متفقين، وحصل القتال الصباح، وبعد الظهر تغدوا مع بعض، وخزنوا مع بعض أيضاً".
ويضيف: "اقتحام المحافظة يومها موضوع آخر له علاقة بالقضية، ولكنه أكبر، وهو محاولة للضغط على المحافظ للتوقيع على هذه الأراضي، وأراضٍ أخرى، وفي سياق إحداث فوضى في البلد، نتيجة نجاح مؤتمر الحوار الذي أرادوا له الفشل، وهم من رتب لكل ذلك، وجاء بالمناسبة".
وإلى جانب القتال ومحاولات السطو المستمر على أراضي المؤسسة، هناك ضابط في الشرطة العسكرية بسط على أرضية واسعة داخل حرم المؤسسة، ويسكن فيها حالياً، بعد أن بنى منزلاً.
شاهدت المنزل في حرم أحواض معالجة الصرف الصحي، وقال المهندسون في الأرضية إن المنزل يتبع ضابطاً في الشرطة العسكرية، كان الفريق الهندسي، مع عدد من الجنود، يرافق فريق بناء السور حول أراضي أحواض المجاري، بعد محاولة السيطرة عليها، وبعد فترة من انتهاء عمل الفريق، سطا بنفسه على أرضية واسعة داخل السور، وبنى فيها بيتاً، بل واستطاع عبر نافذين أن يخرج تصريحاً بتوصيل الكهرباء إلى البيت، رغم معرفة مسؤولي المؤسسة أن الأرضية تابعة لمؤسسة المياه، وكل ما استطاعت المؤسسة عمله تجاهه، هو قطع سلك الكهرباء فقط.

عن تورط المحافظة في صرف الأرضية
تداولت أغلب الأوساط حديثاً على لسان قيادة اللواء العاشر، أن المحافظ وجه لهم بتلك الأراضي لبناء مدينة سكنية خاصة بجنود اللواء، فيما يدعي أبو حلفة مرة بملكيته لها، وأخرى بأنها صرفت من المحافظة لكتيبته لبناء مدينة سكنية، بيد أن أمين عام المجلس المحلي حسن هيج، ينفي أن يكون صرف المحافظ أو أي مسؤول بالمحافظة الأرضية لأية جهة.
وقال الوكيل العزعزي إن معلوماته بهذا الخصوص، أن "مكتب الأراضي سلم اللواء العاشر هذه الأرض، وكان يفترض أن يوقع المحافظ في المحاضر، والمحافظ رفض، وهم نزلوا ينهبون، مستخدمين الآليات والمعدات العسكرية". منوهاً إلى أن "هذه ليس أول مرة يعملونها، فمعهم مشاكل في باجل، ومشاكل في جميشة، ومشاكل في كيلو 16، وقد نزلت لجنة عسكرية من وزارة الدفاع واللجنة الأمنية هنا، عقدت اجتماعاً"، معلقاً: "وإذا كانوا مش قادرين لضابط، هذا كلام فاضي".
ويقول هيج، موضحاً الأمر، إن "قيادة اللواء العاشر، ممثلة بالقائد السابق، قدمت للمحافظ مذكرة من أجل صرف أرضية لبناء مدينة سكنية، فوجه الأخير مدير هيئة الأراضي بالبحث عن موقع سكني بعيد وخالٍ من الإشكالات، بحيث يتم استكمال الإجراءات حسب القانون والنظام"، مضيفاً: "لأنه وصلتنا توجيهات رئاسية أنه يمنع تماماً التصرف بأراضي الدولة إلا عبر رئيس الجمهورية".
وأضاف: "وجه المحافظ مدير عام فرع هيئة الأراضي بالبحث عن مكان، واستكمال الإجراءات، ورفعها لرئيس هيئة الأراضي، ومن ثم إلى رئيس الجمهورية، للموافقة عليها"، مستدركاً: "لكن، للأسف، بمجرد نزول المهندس، وعمل بعض المسوحات في موقع فيه قرار من مجلس الوزراء بأن يكون حرماً لأحواض الصرف الصحي، تم السطو على الأرضية من قبل اللواء".
وتابع: "المهندس، بصورة أو بأخرى، نزل إلى المنطقة، لا أدري بأي طريقة، هل ضغط عليه هل, هل، هل (...)، وهو الآن محال إلى نيابة الأموال العامة".
ويواصل هيج الحديث: "بمجرد نزول المهندس بسطوا بأسلحتهم، ونحن في الحقيقة كنا ننظر إلى الموضوع باستغراب جداً، حيث لم يتم الموضوع رسمياً إطلاقاً، فقط بدأ المهندس باتخاذ إجراءات، وهم اتخذوها فرصة أن هذا قد سلم، وأصبح ملكاً لهم".
ويقول وكيل المحافظة، والقائم بأعمال رئيس المؤسسة، إن "هذه المنطقة محرمة، وإن القضية يفترض ألا تكون قضية المؤسسة فقط، وإنما قضية المجتمع كله، وقضية الدولة، وقضية الناس والمنظمات".
ويضيف: "هؤلاء الناهبون معهم ناس وكلاء موجودون في المؤسسة، وموجودون في الأمن، وموجودون في المحافظة، وموجودون في كل مكان، لا يشتغلون وحدهم".
ويذهب الأمين العام للمحافظة حسن هيج، إلى أنه "كان من المفترض على جنود اللواء العاشر أن يترووا ويرفعوا الموضوع إلى المحافظ، ثم إلى رئيس الهيئة، ثم إلى رئيس الجمهورية، وبعدها ينتظروا القرارات، ففي الأخير هذه أراضي دولة، ورئيس الجمهورية هو من يحق له أن يتصرف فيها، وليس المحافظ أو الأمين العام أو رئيس الهيئة"، حسب قوله.

اقتحام مبنى المحافظة واحتجاز المحافظ
أشعل خبر القتال على أراضي مؤسسة المياه والصرف الصحي، ومحاولة نهبها، غضب شريحة واسعة من أهالي الحديدة، انتفضوا عقب اقتحام مبنى المحافظة، بمظاهرات رفضاً وتنديداً بالحادثة.
ويقول عبدالرحمن مكرم، القيادي في الحراك التهامي، إن "دخول قوات اللواء العاشر إلى مبنى المحافظة، انتهاك لسيادة تهامة كلها، ونحن دعونا إلى اعتصام نتيجة لتلك الحادثة، وحصل إضراب شامل لنصف يوم، استجابت له كل المكاتب الحكومية والشركات والمؤسسات، وبعض المحلات التجارية أيضاً".
إلى اليوم تحرس قوات كبيرة من الشرطة العسكرية مبنى المحافظة، ولا يخرج الأمين العام للمجلس المحلي إلا بحراسة مشددة، كما يقول موظفون، فيما المحافظ "معتكف في البيت" احتجاجاً.
ويؤكد حسن هيج أن "المحافظ كان فقط بدأ باتخاذ بعض الإجراءات، وخرج الموضوع من اليد، وأهالي المحافظة ضجوا، بعدها اتخذت المحافظة إجراء حازماً، وامتنعت عن التعامل مع قيادة وجنود اللواء، أو السماح لهم بالاستمرار".
ويضيف: "بعد هذا التوجه دخلوا المحافظة ب7 أطقم، وعددهم يصل إلى 40 مسلحاً، بالمعدلات، واضطرت المحافظة إلى استخدام الشرطة العسكرية، وحدثت بينهم اشتباكات، وخرجوا على إثر ذلك، وأصدر المحافظة توجيهات للقوات الأمنية، وإلى الآن المبنى محروس من الشرطة العسكرية".
يؤكد كل من قابلتهم أن غياب المحافظ أكرم عطية، وعدم مزاولته أعماله، مرتبط بالقضية، باستثناء الأمين العام للمجلس المحلي، الذي قال إن ذلك ليس له علاقة، وغير صحيح، منوهاً إلى أن المحافظ فقط عانى من وعكة صحية، وعاد إلى المحافظة بالفعل، واستقبل الناس بعد تشافيه.
وأكد هيج أن الرئيس هادي يومها تواصل مع المحافظ، وأرسل له مذكرة كانت موجهة لقيادة المنطقة، لاتخاذ الإجراءات، مؤكداً: "ونحن بانتظار الإجراءات التي ستتخذها قيادة المنطقة، لأن الموضوع عسكري".

37 اعتداء على أرضية المياه والمجاري
يوجد في أرشيف مؤسسة المياه والصرف الصحي بالحديدة، كشف بعدد الاعتداءات على أرضية المؤسسة، ومتهم بتلك الاعتداءات أطراف كثيرة، وكان الكشف موجهاً إلى محافظ الحديدة، من قبل المؤسسة، لإيجاد حل.
واشتكت المؤسسة في تاريخ 25/3/2008، من استحداث بناء داخل حرم حقل مياه البيضاء، وفي تاريخ 21/6/2008 من بناء سور فوق خطوط المياه الرئيسة من قبل (أحد النافذين)، وفي 8/7/2008 من الردم فوق الخطوط الرئيسة للمياه بحقل البيضاء، وفي 21/7/2008 من تهديد العمال ومنعهم من دخول مواقع الأحواض وآبار المياه من قبل (نفس النافذ السابق)، وفي 30/8/2008 من البسط على أراضي حرم حقل البيضاء، من قبل جمعية النصر، وفي 28/12/2010 من اعتداء على أحواض المعالجة، من قبل جنود خفر السواحل، وفي 9/11/2010 من قيام أحد النافذين بالبسط والاستحداث في أراضي حرم الأحواض، واستقدام النساء للبسط على الأراضي، وفي 26/5/2010 من الاعتداء على المقاول المنفذ لسور أحواض المعالجة مع العمال، من قبل عساكر مجهولين مسلحين، وفي 2/6/2010 من قيام مدن سكنية داخل حرم حقل المياه بالبيضاء، وفي 26/3/2010 من توقيف المقاول عن تسوير محطة المعالجة، من قبل مسلحين تابعين لجمعية ابن الهيثم، وفي 27/11/2010 من إيقاف المقاول المنفذ لسور محطة المعالجة، من قبل أفراد وضباط في الكلية البحرية، وفي 7/7/2010 من اعتداء شركة فاهم بالبسط على حقل الآبار بالبيضاء، وفي 30/6/2010 من توقيف العمل بسور محطة المعالجة، من قبل 3 نافذين، وفي 26/6/2010 من اعتداء (أحد النافذين) على حقل آبار المياه بحفر آبار، وفي 15/2/2011 من الاعتداء بتكسير سور محطة المعالجة، من قبل المواطنين المعتدين بأحواض المعالجة، وفي 22/10/2011 من اعتداء المواطنين الباسطين على أحواض المعالجة، على المقاول والمعدات والعمال، وفي 17/11/2011 من اعتداء على خط المياه الرئيس الناقل للمياه جوار مصنع الملح، وفي 17/4/2011 من الاعتداء على خطوط المياه ومناهل الصرف الصحي، من قبل (نافذ) جوار مصنع الملح جنوباً، وفي 28/1/2012 من البناء فوق خط المياه الرئيس مدخل خط الآبار، من قبل معتدين، وفي 7/2/2012 من الاعتداء على خطوط المياه المغذية لمدينة الحديدة أمام مصنع الملح، وفي 11/2/2012 من الاعتداء على أحجار سور محطة المعالجة، من قبل أفراد من الشرطة العسكرية، وفي 7/3/2012 من البناء فوق الخطوط الرئيسة للمياه داخل سور محطة المعالجة، من قبل مواطنين، وفي 17/3/2012 من الاعتداء المتكرر على الأرض المخصصة لسور وأحواض المعالجة، وفي 4/9/2012 من التزايد بالبسط والاعتداء على أراضي حرم حقل محطة المعالجة، وفي 30/9/2012 من التزايد العشوائي بالبناء والبسط على الأراضي المخصصة لمحطة المعالجة، وفي 20/6/2012 من الاعتداء على الخطوط المغذية للمياه خلف مصنع الملح، وفي 7/2/2012 من الاعتداء على خطوط المياه المغذية لمدينة الحديدة، وفي 7/2/2012 من قيام (شيخ نافذ) بحفر آبار مياه في حقل المياه بالبيضاء، وفي 1/7/2013 من الاعتداء بتكسير سور محطة المعالجة، وفي 16/6/2013 من بناء بيارة فوق خطوط المياه الرئيسة والفرعية بشارع الخمسين، من قبل (نافذ)، وفي 7/4/2013 من استحداث بناء على الخط الرئيس الناقل للمياه جوار مصنع الملح، من قبل (نافذين) ومجموعة من المواطنين، وفي 21/1/2013 من اعتداء بالمسح والاستحداث من قبل (شيخ نافذ) في حرم حقل المياه بالبيضاء، وفي 24/2/2014 من استمرار الاعتداء على خطوط الضغط العالي ومنشآت أحواض المعالجة وتكسير السور، من قبل المعتدين بالبسط، وفي 6/4/2013 من الاعتداء بالبسط داخل حرم سور أحواض المعالجة، وفي 26/5/2013 من الاعتداء على الخط الناقل للمياه، وفي 7/7/2013 من البناء العشوائي فوق خطوط المياه الرئيسية المغذية للمدينة جوار مصنع الملح.
هذه الاعتداءات حصلت الصحيفة على وثائق رسمية بمحتواها، ولأن بعضها تضمنت أسماء أشخاص، وأخرى لم تتضمن، تمت الإشارة إلى اسم الشخص ب"نافذ" أو "نافذين" بين الأقواس، فيما اكتفينا بذكر الأسماء الواردة على لسان مسؤولي محافظة الحديدة في المقابلات المسجلة.
وطالبت المؤسسة المحافظ الذي يشغل رئيس مجلس الإدارة، بإزالة المخالفات عبر الجهات المعنية بالمحافظة، وحماية الأنابيب، حفاظاً على مصلحة المواطنين، ولما تقتضيه المصلحة العامة، غير أن المحافظة لم تحرك ساكناً لتتواصل بعدها الاعتداءات، حسب المهندسين هناك.
كما يوجد في الأرشيف شكوى من المؤسسة، موجهة إلى مدير الأمن السياسي بالحديدة، من قيام موظف في الأمن السياسي بالاعتداء على عمال الصرف الصحي واحتجاز البابور وحجز حرية الموظفين، مطالبة بإحالته إلى جهات الاختصاص، وفقاً للقانون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.