كتب : صلاح الدين حسن لم تكن التنظيمات المسلحة السنية هى اللاعب الوحيد على الساحة العربية، بل نافستها تنظيمات مسلحة شيعية أخذت شكل الجيوش حيناً والميليشيات المسلحة أحياناً. ففى بداية العام الماضى اندلعت اشتباكات بين الحوثيين الشيعة والسلفيين بالقرب من دماج فى اليمن تدخل فيها تنظيم أنصار الشريعة الموالى ل«القاعدة» على أثر خلافات طائفية نزح جراءها مئات من سكان «دماج» معقل السلفية العلمية فى الجزيرة العربية. وتعد حركة أنصار الله (الحوثيون) حركة سياسية دينية مسلحة تتخذ من صعدة فى اليمن مركزاً رئيسياً لها. وعُرفت باسم الحوثيين نسبة إلى مؤسسها حسين الحوثى الذى قُتل على يد القوات اليمنية عام 2004. وتأسست الحركة عام 1992 نتيجة ما يشعرون بأنه تهميش وتمييز ضدهم من الحكومة اليمنية، وتنتمى قيادة وأعضاء الحركة إلى المذهب الزيدى، إلا أن عدداً من المتابعين يعتبرونها ذراعاً عسكرية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، مع الفروقات الهائلة بين المذهب الرسمى للدولة الإيرانية، وهو الإمامية الاثنى عشرية، وبين الحوثيين الذين يؤمنون بالمذهب الزيدى الأقرب إلى مذهب أهل السنة. خاض الحوثيون مع على عبدالله صالح وأركان نظامه صراعاً استمر لعقدين من الزمان، ولم تستطع الدولة اليمنية كسر شوكتهم حتى تخطى الصراع حدود الدولة، بعد أن قررت المملكة السعودية توجيه ضربات جوية وبرية للحوثيين بدعوى اعتداءاتهم المتكررة على الحدود السعودية - اليمنية، واعتبار المملكة الحركة ذراعاً عسكرية لإيران، العدو التقليدى للمملكة. وعلى الساحة العراقية، وبعد الغزو الأمريكى لها وسقوط نظام صدام حسين، كان الوضع متدهوراً، فأوعز مقتدى الصدر بتأسيس فصيل يحمى المناطق الشيعية فى بغداد، ومنها مدينة الصدر والشعلة من الاعتداءات التى قد تتعرّض لها من قبل القوات الأمريكية، ولتشكيل قوة ضاربة تستطيع التصدى لهجمات الانتحاريين التكفيريين، الذين استهدفوا زعماء ومراقد شيعية. أخذت هذه المجاميع طابعاً رسمياً، ولكن «الصدر» رفض الانضمام إلى الفصائل السنية والبعثية التى كانت تتبنى بعض العمليات ضد القوات الأمريكية، فيما بعد أعلن مقتدى الصدر رسمياً عن بدء القتال ضد المحتلين، وذلك بعد إغلاق صحيفة الحوزة الناطقة التابعة للتيار الصدرى فى أبريل 2004، وألقى خطبة فى يوم الجمعة 2 أبريل 2004، حث فيها أتباعه على عدم الصمت والبدء بالقتال ضد قوات التحالف، مما أدى إلى خروج كل مدن الجنوب فى العراق بتظاهرات ضخمة مطالبة بخروج القوات الأمريكية، وبعد أيام قليلة أعلن «الصدر» خلال خطبة الجمعة عن تشكيل قوة جديدة تحت اسم «جيش المهدى»، الذى بدأ العمل بنظام السرايا، حيث لا يتجاوز أعضاء السرية الواحدة غالباً الخمسين مقاتلاً من الذين ينضمون إليه عن طريق هيئات تشكلت فى الحسينيات والجوامع المنتشرة فى مناطق بغداد والمحافظات الجنوبية. ويقود كل سرية قائد معين، يُعيّن من قبل مقتدى الصدر، وأغلب السرايا تحمل أسماء من يعتبرهم التيار الصدرى شهداءه خلال حكم صدام حسين، ومن أبرز هذه السرايا سرية الشهيد محمد الصدر فى مدينة الصدر وسرية الشهيد مصطفى الصدر فى بغداد الجديدة وسرية الشهيد مؤمل الصدر فى منطقة الشعب وحى أور وسرية الشيخ على الكعبى وسرية الشيخ حسين السويعدى، وكلها تنشط فى بغداد. وبعد تأسيس جيش المهدى ظهرت ميليشيتان جديدتان ارتبط اسم كل منهما بالآخر، الأولى كتائب حزب الله العراقى والأخرى عصائب الحق، حيث قامتا بعدد من العمليات ضد الجيش الأمريكى من جهة وعدد من العناصر السنية البارزة من ناحية أخرى.