عندما انطلق الحراك في 2007 كنت في الخامسة عشر من عمري ، كنت كغيري من الأطفال الذين اكتشفوا وطنهم الضائع وقضيتهم التي من أجلها يضحون بكل غالي ونفيس . فدخلنا المعتقلات ، وتحملناها ، وقابلنا الرصاص بصدور عارية ، حتى تعايشنا مع الموت ، وأصبح رفيقنا ينتقي كل يومٍ الأفضل منَّا ليأخذه معه . لا يستطيع أحد أن يتهمنا بأننا عشاق منصات ، أو طالبي مناصب ، أو مصالح شخصية ، كنَّا مجرد أطفال ، تقدمنا الصفوف للموت من أجل وطننا فقط . حتى جاء 2009 فأنضم إلى الحراك الكثير ممن كُنَّا نحسبهم قيادات سياسية ومشايخ قبائل -قيادات المجتمع الجنوبي- فاستبشرنا بهم ، وهم خدعونا . حيث كنَّا في قرارة أنفسنا نناضل من أجل وطن ، بينما الواقع أن هؤلاء جيَّروا نضالنا وتضحياتنا من أجل مصالحهم ، فأصبحنا نناضل من أجل مكانة دولية لبعضهم ، ومكانة اجتماعية للبعض الآخر ، ومشيخات للبعض ، ومصالح شخصية تجسدت بصفقات سرية مع نظام صنعاء ، شعرنا بها لكننا لم نجد دلائلها ، لكن مزايداتهم على شرفاء الجنوب ، وتمزيقهم للصف الجنوبي من خارج البلاد أثبت وجود صفقات سرية تقتضي منهم هذا الدور "البقاء في الخارج والمزايدة بالبيانات" . هذه الحقيقة لم أعرفها في ذلك الحين ، لكننا اليوم أصبحنا ندركها ، بعد مراجعة سيرتهم مع الحراك خلال الخمس سنوات الماضية التي صمُّوا آذاننا بالبيانات الفارغة دون أي عمل يذكر .
رغم كل ذلك كانت القضية الجنوبية في مأمن ؛ لأنها كانت مربوطة في اعناق أبناء الجنوب ، ولكنهم -مرتزقة السياسة- حولوها إلى كرت تتلاعب به دول أخرى. لقد كان خطأنا القاتل عندما قبلنا ربط رفع وتيرة نضالنا بدعم دول أخرى ، وعندما قبلنا التنازلات التي قدمتها قياداتنا الفاشلة لتلك الدول ، وأصبح تلفون من نظام صنعاء إلى دولة من تلك الدول كفيل بالتلاعب بقضيتنا لأشهر ويمكن أن يكون سنوات .
إن قيادة من هذا النوع الذي تسلط علينا تستطيع تدمير ثورة بكاملها ، وهذا ما نخافه على ثورتنا . ولما لا يدمرونها ، وقد دمروا دولة بكاملها سابقاً .
لن يتحرر الجنوب إلَّا إذا استردينا ثورتنا وقضيتنا من التلاعب الدولي ، واعدنا ربطها بأعناقنا ودمائنا ، وحركناها بأيدينا وليس بأيديهم ، على الشعب الجنوب البحث عن القادة المؤسسين ليعودوا لقيادة الحراك ، ويعودوا بقضيتنا إلى الطريق التي خططوها بعقولهم ، ورسمناها على الأرض بعرقنا ، ودموعنا ، ودمائنا ، حينها يتحقق النصر . حينها ستأتي كل دول العالم إلى الجنوب ، وستقرع أبوابنا ، فنفتح لمن نشاء ونقفل في وجه من نشاء ، وليس العكس .