ان شهر رمضان المبارك منة الله على المسلمين ونعمته على المومنين فهو محطة مهمة يستطيع الكل من خلالها ان يتدارك حاله ويراجع حسابه وينتصر لذاته ويحرر نفسه وروحه من قيود الذنوب واغلال الاثام والعيوب ففضل الله فيه عظيم وكرمه واسع بلا حدود خصوصا اذا ما انتهزنا الفرصة فيما ينفعنا في الدنيا والاخرة فهذه عضات ونفحات لتذكير انفسنا وارواحنا واخراجهما من ضيق الغفلة الى سعة التذكره وذكر فان الذكره تنفع المومنين . ففي رمضان انهي مبارزتك لربك وخالقك والزم التقوى والخوف فان الصيام كتب لاجل التقوى واستشعار علم المهيمن ومعيته في كل مكان وحال فلا شي يضاهي نفس تقيه وروح زكية فانتصر لروحك ولجسدك بمراقبة الله جل جلاله بالليل والنهار والسر والعلن فان التقوى خصلة المومنين وشعار الصالحين الفائزين . وفي رمضان حرر نفسك من الذنوب ورجسها ومن الاثام ودنسها ومن السيئات ودرنها ومن المعاصي واثارها فان الذنوب اهلكت الامم والجماعات ناهيك عن الافراد والشخصيات فمع الذنوب زوال النعم ومع الذنوب زوال المحيا الحسن ومعها ايضا انتكاسة النفس والروح فانتصر لنفسك ولروحك بترك الذنوب والاصرار عليها فان الذنوب دمار الشعوب . وفي رمضان حرر نفسك من لسانك وشرها فان الناس تكب في النار لحصايدها فكم من كلمة لم نلقي لها وزن ومقدار فاذا بها اتتنا يوم القيامه كجبل احد فضاعت الاعمال وتحطمت الامال فاستحقت الاجساد عذاب النيران وحل بالانفس والارواح السحق والنكال فانتصر لجسدك ولروحك بانتقاء الالفاظ واختيار الكلمات والعبارات واستخدام الافضل من الرموز والاشارات ولاتحتقر منهما شئ لانه قد يكون بداية دمارك و مفتاح هلاك . وفي رمضان حرر نفسك من هواها فان الهوى سدا ومصدا عن الحق ومبعد عن الخير والجنان وموردا الى النيران وموجبا لغضب الحليم الرحمن فانتصر لنفسك ولبدنك بترك الهوى والمزاج المذموم فكم من روح ونفس شقيتا باتباع هواها ومزاجها الفاسد فلا خير ولا نجاة ولا صلاح مع اتباع الهوى المصد عن تعاليم الخالق وفطرة المخلوقين المستقيمة . وفي رمضان تحرر من رغباتك وشهواتك وارادتك العوجاء اطلق العنان لفطرتك وطبيعتك السمحه ونزه عقلك ولبك من قيود تلك العادات والتقاليد المقيده لطهارة نفسك وروحك فكم من غشاوه على العينان اخرجتنا من طبيعتنا وكم من ادران على قلوبنا لوثت فطرتنا وبراءتنا فانتصر لنفسك وذاتك وعقلك وسمعك وبصرك بازاحت تلك الرغبات والشهوات عن عقلك وبصيرتك فان شهوة الانفس والذوات بسيطة مقاومتها وسريعة هزيمتها . وفي رمضان تحرر من ملازمة الاخلاء ولاصحاب واصحب ربك وهديه وقف بعتبة بابه وانعش روحك بقربة واغسل درن قلبك وداخلك بروحانية جلالته فانه اقرب اليك من قربك اليه فانتصر لنفسك ولروحك بتمريغهما في اواخر الليالي وظلماتها بروضته لعلك تظفر ولو بذرة من رحمته وغفرانه ومحبتة والتي ان ظفرت بها او باحداها حيزت لك المعموره والاخيرة وفزت بلذة الحياة والبقاء ونعيمهما الازلي الذي لن تجده في ملازمة غيره مهما خيل اليك ذلك . وفي رمضان حرر نفسك من حب الدنيا وعشق البقاء فيها فالموت موعد كل حي والموت ايضا نهاية كل موجود على ظهرها فانتصر لنفسك ولبدنك ولروحك بالاستعداد لهادم اللذات ومفرق الجماعات فكم من صديق نزع من بيننا وهو معافى وكم من اخ واخت واما واب وولدا اخذه الموت على حين غفله وقد كان بالامس بيننا طيبا وحيا ومعافى فلك الاختيار وتخير ما يناسبك في ذلك الموعد الذي لا شك فيه . وفي رمضان تحرر من نفسك وذاتك وانتصر لروحك فان الروح شقك الاخر ونصفك الغيبي فلا تهملها وتتركها دون تغذية ورعايه فان الارواح بحاجة الى استشعارها والاعتراف بها ومن ثم تطهيرها وتنقيتها والغوص في عالمها وكسوتها بهدي خالقها والباسها الايمان والخضوع والاستسلام الموصل الى الجنان ورضى الرحمن . وفي رمضان حرر نفسك من الطخمه المهلكه والاشباع المذموم فان النفس اذا شبعت عصت ونسيت رازقها الا من رحم ربك فلا افراط ولا تفريط فربما جوع شر من طخمه فانتصر لروحك بتجويع جسدك وترويض بدنك على التوسط في الماكل والمشرب فكم من جوع خيرا من شبع وكم من فقر خير من غنى فانك ستسئل عن كل لقمة اكلتها وعن كل دينار جنيتها .