لعل الفشل الذريع الذي مررنا به بعد الفترة الانتقالية المؤقتة لا يحتمل الوصف ، ولا يدعو أحد لخوض النقاش فيه ، ولكن المرتكز الأهم الذي يتوجب الانطلاق منه أو التحاور فيه هو ماذا بعد فشل الحكومة اليمنية ؟ وهل من معجزة ستحل علينا لتبعث فينا جزء من أمل نحو الغد القريب ، علماً بأن عصر المعجزات قد ولّى وأخذ معه كل أحلامنا وآمالنا في أمثال هؤلاء المتصابين المتمسكين بمقاعدهم الفاخرة التي تبيض ذهباً على حساب الجموع الغفيرة من أبناء هذا الوطن المتألم ؟ أنني على ثقة كبيرة بأن هذا الوطن المعطاء يحتضن العديد من الوطنيين الشرفاء والقادرين على بذل كل ما يمتلكون من إمكانات فكرية وسياسية كبيرة يمكن تسخيرها في وضع بعض الحلول الناجعة للخروج من هذه الإخفاقات المخجلة التي أحدثتها الحكومة الانتقالية التي تمنينا جميعاً أن تصاب بسكتة قلبية حتى نواريها الثرى مع كل ملفاتها التي لا تشرف أحد منهم !
لماذا لا نعطي مثل هذه الفرص للقادرين على تقديم الحلول المثلى والعملية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ؟ فالكثيرون الذين تم إزاحتهم في الفترة الماضية نتيجة لأسباب سياسية مختلفة لازالوا يتحسرون على هذا الوضع المزري الذي آلت إليه أحوالنا اليوم !
وإن لم يكن هؤلاء فغيرهم كثيرون يتوارون بين أوساط السواد الأعظم من الطبقة المسحوقة ، خريجون في مختلف التخصصات ، باحثون ، مهندسون ، مفكرون ... وغيرهم الكثير الكثير ..
ألا يوجد بين أوساط هذه الملايين الغفيرة من يستحق أن نعطيه مثل هذه الفرصة لمساعدتنا في الخروج من هذا العار الذي نرزح تحته طوال أكثر من عامين وكأننا في مسرحية هزلية سخيفة – طال أمدها – ولا نعرف لها أول ولا آخر ؟
أنني باسم هؤلاء الناس التي أحرقهم حر الصيف وأرهقتهم عذابات انقطاعات التيار الكهربائي ومعاناة طوابير مشتقات الوقود واللهث خلف لقمة العيش وأساسيات الحياة ، ناهيك عن الموت اليومي بسبب تعاسة الحصول على العلاجات الطبية والمستشفيات ، باسم هؤلاء أستجديكم : أتركوا مقاعدكم الفاخرة !! لا نريد منكم سوى هذا المطلب ، ولن نحاسبكم أو نقاضيكم أو ننتزع منكم الأكوام التي لا تحصى من الأموال التي جنيتموها خلال هذه الفترة التعيسة التي دفعنا فيه دماء قلوبنا واحترقت فيها كل خلايا أعصابنا عذاباً وحسرة بسبب مهزلتكم واستخفافكم بنا ، فازددتم ثراء ووجاهة وشموخاً ، في حين ازداد هذا الشعب تعمقاً في الفقر والذل والمهانة في كل مجالات العيش الذي يزدري منه حتى الحيوان ..
استحلفكم بالذي سخر لكم هذه المقاعد الذهبية للجلوس على قلوبنا والتحكم بمصيرنا أن تتركوا رحمة الواحد القهار تنزل علينا من حيثما يريد وعلى يد من يريد سواكم .
وحينما أستجديكم بأسماء الملايين بتركنا وشأننا – حتى لا تزيدوننا تعاسة وشقاء – فأنني أتلهف شوقاً لأولئك المخلصين الذين نتفاءل فيهم لتولي زمام أمورنا عوضاً عنكم ، لرسم بعض مخارج هذه الأزمة ، ووضع الخطوط الأولى لنهجٍ جديد ينقذ هذه السفينة من الغرق .
وإنني على ثقة تامة بأن ربان هذه المرحة – والذي أنهكه السير مع هؤلاء – بأنه أول من يؤيد ويبارك مثل هذه الخطوة لأنها ستكون حتماً عاملاً مساعداً وبشكل حازم للبدء في شق طريق الوصول لبر الأمان والخلاص من تلك الأمواج المتلاطمة التي تهدد – بين الحين والآخر – بإغراق السفينة بمن فيها ، وحينها لا ينفع الندم ، وسنقول ليتنا تجرأنا وركلنا هذا الطاقم التعيس نحو لج المحيط ، لينجو الجمع الطيب الذي لا حول له ولا قوة سوى بسط يديه للسماء مناجاة للرحمن ، فهو القادر على كل حال ، وعلى إزالة أمثال هذه الحكومة التي تتفاخر بفشلها !!