الجنوبيون يواجهون امتحاناً في منتهى الأهمية وهو بلورة اتجاه النضال السلمي بعد سنوات طويلة من الاحتجاجات الشعبية والشعارات الثورية الحماسية التي هتفت بها ملايين الجماهير في الساحات والميادين، يتساءل الكثيرون لماذا لم يفرض النضال السلمي في الجنوب أي تغيير أو واقع يذكر على الأرض مع أن ثورات واحتجاجات مشابهة غيرت أنظمة واحكام في دول عربية وفي اليمن نفسها . هل يستمر الجنوبيون في الخروج للساحات والتعبير عن مواقفهم بنفس الشعارات والنضال والحشد المليوني والقيادات التي تمثل الاحتجاجات والمطالب الشعبية والثورية ؟ أم أن الجنوبيون اكتفوا بما سبق من نضال سلمي لأكثر من ثمان سنوات عبروا فيها عن الإرادة الشعبية والمواقف الرافضة لكل أنواع الإحتلال واعفاء القيادات الحالية عن قيادة الثورة الجنوبية كونها فشلت في إدارة الحراك الجنوبي سياسياً وثوريا" ويبحثون عن وسائل نضالية أخرى وقيادات ميدانية أخرى ؟ بناءً على ما يطرح من تساؤلات نقول فإن المرحلة الحالية تتطلب وسائل نضالية أخرى وتنظيم أخر بعيداً عن الولاءات الشخصية والعمل على صياغة إستراتيجية متكاملة للثورة الجنوبية ورؤية لافاق نضال الجماهير الجنوبية وأسس ومبادئ ودستور الدولة القادمة بوضوح للشعب والإقليم .
لا يمكن نتعامل مع المتغيرات الجديدة والمستجدات على الواقع اليمني بنفس الأسلوب والاستراتيجية وكذا على الساحة العربية والسياسية وخاصةً بعد سقوط النظام اليمني وسيطرة أنصار الله الحوثي على مفاصل الدولة والذي كان لا بد من وجود تحركات ثورية وتشكيل لجان مقاومة بدراسة عسكرية وأمنية تلامس الواقع وليس كما حدث من أخطأ شائعة تضاف إلى أخطاء قاتلة لقيادات الحراك الجنوبي وإحراق الأوراق التي يحتاجها الشعب الجنوبي كوسائل بديلة لنضال الجنوبيين تعمل على أرض الواقع وتفرض أحكام وسيطرة قبل الإعلان عنها حتى لا تستمر القضية الجنوبية في مبادرات ميته لا وجود لها على الواقع ومنها تشكيل مجلس الإنقاذ الوطني والمجلس العسكري مؤخراً في العاصمة عدن والذي كان لا بد منهم دراسة تلك الخيارات ولا رجعه فيعا لأنها الخيار والوسيلة الأخيرة . لهذا إننا ندعوا الجماهير الجنوبية وقبل ذكرى 14 أكتوبر المقبل البدء في تنظيم الساحات الجنوبية وجعل هذه المليونية مرحلة جديدة للعمل على استراتيجية ورؤية وافراز قيادات بديلة من شباب الساحات تضع اللبنات الأولى لإنطلاق النضال الكفاحي ولا نتخذ 14 أكتوبر كقاية لأن المليونيات كانت وسيلة ولم تفلح في تحقيق القاية لطموح الشعب الجنوبي ولم تفلح أيضاً مع المشهد الحالي في اليمن الذي تفرض فيه القوة كما نشاهد. وأن لم تفرض الجماهير الجنوبية ذلك الواقع فأن باب الحوار ولوعود تستمر وكما بدأ يلمح في ذلك المتحدث باسم الحوثيين علي البخيتي في خارطته المبسطة عن الحلول لقضية الجنوب كقضية حقوقية وليس هوية وطنية .