الربيع العربي الثورات العربية، أو الربيع العربي أو ثورات الربيع العربي في الإعلام، هي حركة احتجاجية سلمية ضخمة انطلقت في كُلِّ البلدان العربية خلال أوخر عام 2010 ومطلع 2011، متأثرة بالثورة التونسية التي اندلعت جراء إحراق محمد البوعزيزي نفسه ونجحت في الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، وكان من أسبابها الأساسية انتشار الفساد والركود الاقتصاديّ وسوء الأحوال المَعيشية، إضافة إلى التضييق السياسيّ والأمني وعدم نزاهة الانتخابات في معظم البلاد العربية. ولا زالت هذه الحركة مستمرة حتى هذه اللحظة.
نجحت الثورات بالإطاحة بأربعة أنظمة حتى الآن، فبعدَ الثورة التونسية نجحت ثورة 25 يناير المصرية بإسقاط الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ثم ثورة 17 فبراير الليبية بقتل معمر القذافي وإسقاط نظامه، فالثورة اليمنية التي أجبرت علي عبد الله صالح على التنحي. وأما الحركات الاحتجاجية فقد بلغت جميع أنحاء الوطن العربي، وكانت أكبرها هي حركة الاحتجاجات في سوريا. تميزت هذه الثورات بظهور هتاف عربيّ أصبح شهيرًا في كل الدول العربية وهو: "الشعب يريد إسقاط النظام". بدأت الثورات في تونس عندما أضرم الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه احتجاجاً على الأوضاع المعيشية والاقتصادية المتردية، وعدم تمكنه من تأمين قوت عائلته، فاندلعت بذلك الثورة التونسية، وانتهت في 14 يناير عندما غادر زين العابدين بن علي البلاد بطائرة إلى مدينة جدة في السعودية، واستلم من بعده السلطة محمد الغنوشي الوزير الأول السابق، فالباجي قائد السبسي. وبعدها بتسعة أيام، اندلعت ثورة 25 يناير المصرية تليها بأيام الثورة اليمنية، وفي 11 فبراير التالي أعلن محمد حسني مبارك تنحيه عن السلطة، ثم سُجن وحوكم بتهمة قتل المتظاهرين خلال الثورة. وإثر نجاح الثورتين التونسية والمصرية بإسقاط نظامين بدأت الاحتجاجات السلميَّة المُطالبة بإنهاء الفساد وتحسين الأوضاع المعيشية بل وأحياناً إسقاط الأنظمة بالانتشار سريعاً في أنحاء الوطن العربي الأخرى، فبلغت الأردنوالبحرين والجزائر وجيبوتي والسعودية والسودان والعراق وعُمان وفلسطين (مطالبة بإنهاء الانقسام بالإضافة إلى الانتفاضة الثالثة) والكويت ولبنان والمغرب وموريتانيا. في 17 فبراير اندلعت الثورة الليبية، التي سُرعان ما تحولت إلى ثورة مسلحة، وبعد صراع طويل تمكن الثوار من السيطرة على العاصمة في أواخر شهر أغسطس عام 2011، قبل مقتل معمر القذافي في 20 أكتوبر خلال معركة سرت، وبعدها تسلّم السلطة في البلاد المجلس الوطني الانتقالي. وقد أدت إلى مقتل أكثر من خمسين ألف شخص، وبذلك فإنها كانت أكثر الثورات دموية. وبعد بدء الثورة الليبية بشهر تقريباً، اندلعت حركة احتجاجات سلمية واسعة النطاق في سوريا في 15 مارس، وأدت إلى رفع حالة الطوارئ السارية منذ 48 عاماً وإجراء تعديلات على الدستور، كما أنها أوقعت أكثر من ثمانية آلاف قتيل ودفعت المجتمع الدولي إلى مُطالبة الرئيس الحالي بشار الأسد بالتنحي عن السلطة. وفي أواخر شهر فبراير عام 2012 أعلن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح تنحيه عن السلطة التزاماً ببنود المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية، التي كان قد وقع عليها قبل بضعة شهور عقبَ الاحتجاجات العارمة التي عصفت بالبلاد لعام كامل. أسباب الثورات القمع والاستبداد معظم الدول العربية تملك سجلا سيئا في حقوق الإنسان, وذلك لاستبداد الحكام وتشبثهم بالكراسي لعقود طويلة. إضافة لمجيئهم للحكم بطرق غير شرعية. فالزعيم الليبي معمر القذافي على سبيل المثال هو أقدم حاكم على وجه الأرض وجاء للحكم بانقلاب عسكري سنة 1969 اسماه ثورة الفاتح, أيضا في سوريا وصل الرئيس بشار الأسد إلى الحكم خلفا لابيه حافظ عام 2000 في سابقة لم تشهدها الدول العربية في نظام الحكم الجمهوري, حيث تم تعديل الدستور في 15 دقيقة ليناسب عمر بشار ويتمكن من حكم سوريا, أيضا في مصر واليمن كانت هناك رغبات من حاكميها حسني مبارك وعلي عبد الله صالح لتوريث الحكم لأبنائهم جمال واحمد على التوالي لكن سرعان ما اندلعت الثورة في مصر التي اطاحت بمبارك والثورة في اليمن التي اطاحت بصالح. كذلك في الأنظمة الملكية كان هناك حكم ملكي مطلق مما أدى لخروج مظاهرات في بعض الدول الملكية مثل البحرين والاردن والمغرب وعمان للمطالبة بملكية دستورية ومزيد من الحريات.
انتحار البوعزيزي قام الشاب التونسي محمد البوعزيزي بإحراق نفسه يوم 17 ديسمبر في مدينة سيدي بوزيدالتونسية لانه سئم وضعه الاجتماعي المتردي إضافة لتسلط الشرطة على المواطنين وعدم قبول الشكاوي الموجهة ضددهم, وتضامن أهالي سيدي بوزيد مع البوعزيزي وخرجوا في مظاهرات للمطالبة بالعدالة والحرية, ولكن الاحتجاجات سرعان ما تحولت إلى ثورة اطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي لتكون شرارة الاحتجاجات في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج. المزيد كتب: ابراهيم محمد الآن وبعد أن توقف الحديث عما سمّي "الربيع العربي" والآمال السياسية التي عُقدت عليه، جاء دور الحديث عن الحصاد الاقتصادي لهذا الربيع، لاسيما في الدول التي حل عليها. إن نظرة أولية على الواقع الاقتصادي المتردي أصلا بفعل فساد وتبذير وسوء أداء النظم الديكتاتورية والشمولية في الدول العربية تشير إلى تفاقم العجز في موازناتها وزيادة حدة الفقر والبطالة في مجتمعاتها خلال الفترة التي انقضت حتى الآن مما يسموه ربيع العرب. مؤشرات اقتصادية مخيفة في تونس مهدُ هذا الربيع تقلصت عوائد السياحة والإنتاج الصناعي في ظل تراجع معدل النمو الاقتصادي إلى النصف خلال السنوات الثلاث الماضية. ورغم عودة بطيئة للانتعاش خلال العام الجاري، فإن القطاعات الأساسية وفي مقدمتها السياحة وخدماتها ما تزال تعمل بطاقة تشغيلية تقل عن مستوى الخمسين بالمائة. وفي مصر هوت السياحة بنسبة أكثر من 70 بالمائة، وهربت استثمارات أجنبية كبيرة واستهلكت الاحتياطات النقدية لتصبح البلاد مرهونة أكثر من أي وقت مضى للمنح والقروض الخليجية. أما في ليبيا فإن النتيجة لن تكون أقل من شلل اقتصادي شامل لولا استمرار ضخ النفط ووجود احتياطات مالية. وفي اليمن زادت الخسائر التي لحقت بالاقتصاد على 10.5 مليار دولار منذ عام 2011، ما يعادل نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي. وفي سوريا فقد الاقتصاد خلال السنوات الثلاث الماضية حوالي نصف الناتج المحلي الإجمالي الذي كان حجمه السنوي بحدود 60 مليار دولار قبل الأزمة. تبعات اجتماعية صادمة تراجع أداء اقتصاديات دول "الربيع العربي" جاء في خضم اضطرابات سياسية وحروب وأعمال عنف وإرهاب مستمرة عطّلت أو دمّرت قطاعات إنتاجية وخدمية واسعة، ودفعت رؤوس الأموال للهرب إلى دول آمنة. وقد أصاب التعطيل أو الخراب صناعات استهلاكية أساسية بشكل أدى إلى زيادة الاستيراد وارتفاع الأسعار بنسب لا تقل على 25 بالمائة باستثناء تلك التي تدعمها الدولة. كما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة المرتفعة أصلا حسب منظمة العمل العربية، وخاصة في الدول التي تعتمد على السياحة والاستثمارات الخارجية. وجاءت هذه التبعات بمزيد من الفقر والفاقة، ففي مصر على سبيل المثال تقدر نسبة الفقر بنحو 40 بالمائة من عدد السكان حاليا مقابل 25 بالمائة في عام 2011، وفي تونس تقدر النسبة حاليا بحوالي 24 بالمائة مقابل 18 قبل أربع سنوات. وبالنسبة لسوريا فإن أكثر من سكان البلاد يعيشون حاليا تحت خط الفقر مقابل نسبة 18 بالمائة كانت تعاني من ذلك عام 2010. غير أن تأثير الربيع لم يشمل دوله فقط، بل أيضا الدول العربية الأخرى وفي مقدمتها لبنانوالأردن والعراق. وحتى في دول الخليج فإن التأثيرات السلبية أدت إلى تباطؤ النمو وزيادة الإنفاق والضغوط على الميزانيات. اقتصاديات حساسة تجاه الأزمات في سوريا شمل التدمير البنى التحتية من طرق وكهرباء وخدمات أخرى أساسية تكمن أحد أكبر مشاكل اقتصاديات دول "الربيع العربي" - باستثناء ليبيا وإلى حد ما سوريا- في تركيز استثماراتها خلال العقود الثلاثة التي سبقت الأزمة على قطاعات شديدة الحساسية إزاء الأزمات والاضطرابات السياسية والأمنية كقطاعي السياحة والعقارات. وقد نسي صناع القرار بذلك أو تناسوا أن حادثا أمنيا واحدا قد يؤدي إلى توقف تدفق السياح والاستثمارات لفترات طويلة. كما أهملوا حقيقة أن مناعة أي اقتصاد إزاء الأزمات مرهونة بتنويع قطاعاته ومصادر دخله. كما أنها مرتبطة بمدى قدرته على إنتاج السلع الأساسية كالأغذية والألبسة والطاقة والأدوية بمقومات محلية متجددة تعتمد على التجديد وإبداع الكفاءات المحلية. وهكذا تمت إضاعة فرص تنمية متوازنة ومستدامة من قبل النظم القمعية والشمولية بشكل متعمد أو عن جهل ليس في دول "ربيع العرب" وحسب، بل أيضا في مجمل الدول العربية. النجاح الاقتصادي مرهون بالتحول الديمقراطي رغم كل المؤشرات الاقتصادية السلبية خلال سنوات "الربيع العربي"، لابد من التأكيد مرة أخرى على أن حجم المآسي الاقتصادية والاجتماعية ما كان ليحصل بهذه الشكل لولا ظلم وفساد واحتكار النظم الشمولية، أما السؤال المطروح إزاء ذلك هو كيف تبدو الآفاق في ظل استمرار هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها العالم العربي؟ الجواب على ذلك أن الدول العربية ستشهد على المدى القصير المزيد من التدهور في مؤشراتها الاقتصادية والاجتماعية، لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الكيانات السياسية الحالية للعديد منها مهددة بالزوال. ولن تتمكن قروض صندوق النقد الدولي والمساعدات الخليجية لوحدها من وقف هذا التدهور. أما على المدى الطويل فإن وقف التدهور وتجاوزه مرتبط بتخطي المرحلة الانتقالية نحو تحول ديمقراطي يأتي بتنمية اقتصادية مستدامة تقوم على المنافسة والتعددية وإطلاق القوى الخلاقة للطاقات البشرية. وفي هذا السياق تبدو تونس ومصر والمغرب الأكثر تأهيلا لتحوّل كهذا.