لا يتوقّف ميشال بلاتيني عن ابتداع أفكار جديدة لتطوير كرة القدم، ويسعى باستمرار إلى إلقاء حجر تلو الآخر في بركة بلاتر. فبعد أن عارض استخدام التكنولوجيا في مساعدة الحكّام، في حالة الشك والتنازع بين الفريقين، مرجّحاً أن يكون التحكيم البشري أفضل صيغة لجعل كرة القدم لعبة ممتعة بأخطائها، وذهب رئيس الاتحاد الأوروبي في تعليقه على الدّاعمين لاستخدام تقنيّة «عين الصّقر» على خطّ المرمى، فقال «أخشى أن يأتي يومٌ تُدار فيه المباريات بطائرات دون طيّار» ومع هذا فإنّ بلاتر كسب جولة التكنولوجيا في مونديال البرازيل، واعتبرها الخبراء إضافة جادّة لتقليص هامش الشك في المباريات. لم يتوقّف بلاتيني، وأصدر منذ يومين كتاباً، بعنوان: «لنتكلم كرويّا» يتضمّن رؤيته لكيفيّة تطوير اللعبة، وتخليصها من بعض المعوّقات. ويقول جيرار إرنو الصحافي الذي أجرى حواراً مطوّلاً مع بلاتيني يشكّل محتوى الكتاب في أكثر من 300 صفحة: «إنّ ميشيل بلاتيني يدعو لكرة القدم واقية واجتماعية ومثالية ومسؤولة، بما يتيح لنا أن نفهم بشكل أفضل منطلقات اللعبة وشعبيتها العالمية».
وركّز على عدد من المسائل التي تؤرّق اللاعبين والمدرّبين والحكّام والجمهور، ومن ذلك مسألة اللاعبين الاحتياطيين، حيث يقترح إضافة لاعبين اثنين، ليصل العدد إلى خمسة تغييرات خلال عمر المباراة، إذ يمكن للمدرّب أن يستخدم اثنتين في الشوط الأوّل، والبقيّة في الشّوط الثّاني، مما يتيح إمكان إشراك عدد أكبر من اللاعبين في المباراة الواحدة. وأمّا الفكرة الأخرى فتتعلّق بالعقوبة الثلاثية التي يمكن أن تسلّط على المدافع الأخير، ضربة جزاء وطرد وعقوبة، ويرى بلاتيني أن تكون أكثر عدلاً، ذلك أنّ المخالفة داخل منطقة الجزاء تقتضي منح ضربة جراء وبطاقة صفراء للاعب أو الحارس، أمّا إذا كانت خارج المساحة الحمراء فيمكن طرد اللاعب ومنح مخالفة. ولعلّ أبرز مقترح يضعه بلاتيني على طاولة المهتمّين بتطوير كرة القدم، هو دعوته إلى اعتماد البطاقة البيضاء، التي يحقّ للحكم أن يشهرها في وجه اللاعب المحتجّ، قبل أن يبادر في حالة تكرار الاحتجاج إلى طرده لمدة عشر دقائق، كما هو معمول به في رياضة الركبي أو كرة اليد، وبذلك تكون أمام الحكم خيارات كثيرة لمنع التجاوزات في الملعب، وتنويع العقوبات، وعدم حرمان الفرق من خدمات اللاعبين طيلة المباراة. ومطالبة أخيرة تتعلّق بالسّماح لمساعدي الحكم بالدخول إلى الميدان إذا دعت الضرورة إلى ذلك، وعدم تقييد الحكم بسنّ معيّنة، ويجب وضع معايير جديدة، ترتكز على لياقته وحيويّتة وقدرته في التعامل مع المباراة.
فكتاب «لنتكلّم كرويا» لبلاتيني، هو محاولة لتجاوز فكرة بلاتر التي تتركّز أكثر على عامل التكنولوجيا، والسعي إلى إثارة نقاش حول الأفكار التي تمّ استنباطها من رياضات أخرى، لجعل كرة القدم أكثر مرونة وقدرة على رفع منسوب المتعة فيها.
ولكن على صعيد الصراع على كرسيّ «الفيفا»، لا ندري إن كانت أفكار بلاتيني ستحدث ثورة بيضاء في قصر زيوريخ، خاصّة مع ارتفاع عدد المؤيّدين لبلاتر للبقاء حتّى مونديال روسيا، وربّما هي محاولة للفت الانتباه.