يقول العرب عندما يريدون ان يقولوا ان كلاما مما قُيل او كُتب لم يُفهم او انه -وهذا الاهم – لم يؤخذ به رغم اهميته يقولون حول حالة كهذه " كالمؤذ ن في مالطه" بمعنى ان هناك كلام قيل لكنه لم ينل اثر من صدى او استحسان كالذي يؤذن في مالطه فلا يرى من يلبي اذانه لمشاركته في صلاته. وككل الامثال العربية القديمة -والتي تبقى دارجة الى يومنا هذا- لهذا القول قصة سآتي اليها لاحقا لكن قبل ذلك اذكركم بمثل عربي اخر يحمل نفس المعنى وهو " لقد اُسمعت لو ناديت حياً" وهذا صدر لبيت عجزه هو "ولكن لا حياة لمن تنادي"" وهذا بيت لعمرو بن معد يكرب وقد الحق بيته المشهور هذا بالبيت التالي الذي يكرس نفس المعنى وان بقوة تشبيهية غاية في الروعة ولو نارٌ نفخت بها أضاءت***ولكن أنت تنفخ في الرمادِ ( بالمناسبة كان عمرو بن معد يكرب يستخدم احياناً " ام" عوضا عن "ال" للتعريف، وهو ما زال اسلوب يستعمل في تهامة عسير حتى الآن، ومن ذلك ما قاله عندما أهدى سيفه الصمصامة لشخص اسمه خالد وهبت لخالدٍ سيفي ثوابا*****على امصمصامة امسيف امسلام) وعوده على المثل " كالمؤذ ن في مالطه" مالطه مكونة من جزر عدة في البحر الابيض المتوسط وهي الان بلد مستقل تحت لواء منظومة "الاتحاد الأوربي" وتبعد عن حدود تونس 284 كيلومتر حكمها العرب لا كثر من ثلاثة قرون من الزمن حتى انك تجد ان كثيراً جدا من مفرداتها هي عربية واضح عروبتها ( بل ان بعض اللغويين يصنف اللغة المالطية على انها لهجة من لهجات اللغة العربية). ابعد استيلاء النورمان على الجزيرة من العرب في عام 1091 ابقى ملك النورمان – بحنكة وحكمة- على كثير من علماء المسلمين وخبرائهم في ديوانه للاستفادة منهم وقد حصل ذلك بالفعل. الا انه في عام 1224 اُخرج المسلمون كلهم من مالطه ولم يبق منهم احد يتجاوب لا ذان يُرفع (وبقي الامر كذلك الى عهد قريب) فصارت مقولة " كالمؤذ ن في مالطه" مثلا يعتد به. الملفت فعلا ان النورمان بعد غزوتهم لإنجلترا – بقيادة وليام الغازي- نقلوا اسس للقوانين الدارجة الى الان في بريطانيا (الذي يسمونه القانون العام) مبنيين ذلك على أوجه من الفقه الإسلامي وتحديداً من المذهب السني المالكي الذي كان يؤخذ به في مالطه قبل هزيمه المسلمين هناك. وقد كتبت في هذا الموضوع مقالا منذ سنتين عنونته " هل هناك علاقه بين الفقه الاسلامي والقانون الانجليزي؟