" إن أكثر السجون مرارة هي تلك التي لا جدران لها " على درب المعاناة تتفولذ الإرادة بمجرد إعلان الوحدة (1990م), فقد خرج الغول اليمني كاشفا عن وجهه الوحشي, متدثرا برداء "الفتح الإسلامي" لبلاد الكفر - الجنوب - على الطريقة العثمانية, منتصرا, لأطماعه في الهيمنة, واستكمال مشروع "يمننة الجنوب", عن طريق القوة, والحرب ( صيف 1994م ), ومؤداه ضم مقومات دولة الجنوب الى مناطق بسط نفوذ وهيمنة الحاكمية التقليدية العصبوية اليمنية, وحلفائها من الخاضعين - كما يسمونهم - الموالين من خارج المذهب والعرق. دمرت الحرب كيان ومؤسسات الدولة المدنية في الجنوب, وتم إقصاء كامل كادر دولة الجنوب, وتجريدهم عن شرف ممارسة وظائفهم, المدنية والعسكرية بكامل أصنافها, ومختلف مستوياتها, وصودرت مقومات البنية التحتية للمجتمع, إنتاجية وخدمية, بل وقيمية, واغتصبت الأرض بما فوقها وما تحتها, لتتوزع (الجنوب) غنائم واقطاعات بين النافذين, عناصر وبيوتات شبكة عصابات التسلط العرقي, ومنافع ومكرمات, لمن خدم أغراضهم, أو وظِّف لديهم أجيرا بالقطعة. ( أ ) للويلات التي حلت بالجنوب, أن تعلم أهله الدرس الأول وطن, على أرض الواقع, وبالنتيجة ينزاح الغلاف الضبابي عن وعيهم, ويتبدد ظلام الوطن "الوهم", فتتحول المعاناة المتزايدة الى حافز إيجابي, يبعث روح الفداء والتضحية, والتمسك بخيار النضال السلمي – المدني, وتتمتّن عقيدة الانتماء الوطني الجنوبي. فكان أن كبروا بوحدة صفوفهم الشعبية فوق مآسي ماضيهم وراهنهم معا, وهبوا هبة رجل واحد, ليصنعوا ملحمة التصالح والتسامح, وليؤسسوا للشراكة الوطنية الجنوبية, حيث أدركوا يقينا أن "اليمن" ليس سوى تجريدا لوطن مزعوم في ذاته ولذاته, قبرا يدفن فيه وجودهم آمالهم. وأن الانتماء الى الوطن الجنوبي واقعا, هوية وثقافة وتاريخا, يجعله أسمى وأقدس من أي من الارتباطات, مالم يكن هو بوابتها. حين يرقى الانتماء الوطني فوق روابط المصالح, الذاتية والجهوية, ويسبق الميول والخيارات, الفكرية والسياسية, فهو يستدعي بطبيعته, فضاء رحبا لحرية الفرد, ويصنع حدود الواجب, لرقيِّه وتقدمه. لذا ظهرت القضية الجنوبية, معلما تاريخيا راهنا, يشير الى الحق المشروع في السيادة الوطنية المستقلة, والوجود والبقاء لشعب الجنوب. "القضية الوطنية مفهوم قانوني, متجسد في الحقوق والمصالح, التي تعود الى شعب, يتميز بالشخصية الاعتبارية, بين شعوب الأسرة الدولية, وإنه يعيش في ظل وطن, معين الحدود, جغرافياً وتاريخياً وثقافياً, يعبر عنه سياسياً بصيغة الدولة ". تؤخذ القضية الجنوبية في تحديد ذهني, لتعكس واقع النضال لاسترداد جميع الحقوق والمصالح الوطنية المسلوبة عن شعب الجنوب, نتيجة إجباره على الدخول في مشروع توحيدي, "يمني" فاشل. فرض عليه عبر تجاوز القرار السياسي إرادته الشعبية, لينتج عنه تدميرا مقصودا لوجوده, والغاء وطمسا مبيتا لهويته الوطنية الجنوبية. ما يشير الى أن لبّ القضية الجنوبية في الاساس قضية وطن مغتصب, قبل أي شيء آخر. تكتسب القضية الجنوبية ومسارها المتصاعد طبيعة موضوعية, حيث لا يمكن لأي كان من الأحزاب والساسة ادعاء الوصاية عليها, أو الانتقاص من قيمتها, ومشروعيتها, أو توظيفها لصالح مشروع حزبي ضيق, كما لم ولن تفلح مطلقا محاولات النيل من وحدة أداتها الشعبية, (الحراك الشعبي السلمي), ولا رهانات إيقاف مسيرته الجبارة, أو حرف نضاله عن مساره السلمي النفَّاذ. باعتراف خجول حينا, وصريح يقيني حينا آخر, يؤكد أغلب محترفي السياسة "اليمنيين" أن القضية الجنوبية لم تعد ضربا من الأهواء والنزوات الذاتية, لدى جماعة "مارقة" من "المتضررين من الوحدة", و انها لم تعد كما كان يسميها الخطاب الرسمي المتسلط وزبانيته ب "الأصوات النشاز". تجدر بالقضية الجنوبية صفة "الموضوعية" كذلك كون مسارها الطبيعي والمنطقي يتعاظم, وصار يتصعد بثقة تامة, في نضال مشروع, يثبت بطابعه الشعبي, و خياره السلمي - المدني, ونجاحاته المحققة على الأرض رسوخ إيمان الشعب بعدالة قضيته, وتزايد إصراره على حتمية الانتصار لها. يبرهن على ذلك تتالي روافد العطاء والتضحية, وارتفاع درجة الوعي الوطني لدى الجنوبيين, ليفضح التخريجات الخبيثة, التي جعلتهم صيدا وفرائس, لنبال بعضهم البعض, يعيشون حالة تفكك تناحري دائمة, خلال مراحل كفاحهم الوطني, خدمة لسيادة مشروع "يمننة الجنوب", ووحدة اليمن - المشروع الوهمي - وإحلاله غاية استراتيجية يساقون باتجاهه, بدلا من السير نحو تحقيق مشروع استكمال تحرر واستقلال وطنهم الجنوبي, وبناء دولتهم الوطنية المستقلة. تعالت اليوم روح الإخاء والتضامن الوطني, وأضاءت مشاعل التضحية والإباء سماء الجنوب, وازدادت أداة النضال (الحراك الشعبي) تماسكا وصلابة, رغم العفوية والتلقائية والارتجال, والمبادرات المطلقة, التي رافقت الفعل الشعبي, إلاَّ أن الشعور بالانتماء الى وطن جنوبي مستقل, قد حلّ سيدا على نفوس الجماهير, وجعل يقاس لدى كل فرد, بمدى الإقرار بقضيته الوطنية, وتبنيها والدفاع عنها. فمن مصادر موضوعية القضية, أنها لم تكن حدثا عابرا, أو صورة ساكنة, لوضع آنيِّ, ولا تصور مفترض, ولكنها قضية شعب, فقد شكل الحراك كيانا, وجد كمتطلب موضوعي, فشكل حصنا منيعا, يصدّ وبجسارة بالغة, كل المحاولات الدنيئة, المستهدفة إيقاف عجلة دورانه, وأبلغها دلالة مواجهة الرصاص الحي بصدور عارية, وسقطت الرهانات – أحصيت أكثر من مئة وثلاثين رهانا – المصوبة على تفكيكه, مستندة الى خبرات عصابات, تخريبية وتدميرية مكتسبة, وتشويه نضالاته السلمية, عبر ادعاء ارتباطها بالعنف, والإرهاب, وتخريجات التطرف الديني (المسيس). فلا مصلحة في تلك الأعمال إلاَّ لأعداء الحقوق الجنوبية, لينظر الجميع, كيف جرت, وماذا خلفت تلك الأعمال, الإجرامية الدنيئة, في محافظة أبين, مثلا؟ إنها دليل مقنع, على بؤس فلسفة واستراتيجيات الحكم, والهيمنة اليمنية على خيرات ومقدرات البلد, وما هذا إلا واحد من الرهانات الخاسرة. ( ب ) كمفهوم دقيق فإن الحراك الجنوبي يعد دالة منطقية, تشير الى موقف حقوقي - سياسي, شعبي الطابع, سلمي الأسلوب, يحدد مرحلة مستجدة, في مسار حركة مجتمعية, هي حركة العمل الوطني الجنوبي, ويأتي عادة على صعيدين (مستويين) في تجلياته: اولا: الاحتجاج الشعبي الميداني, ويتخذ وسائل, و أدوات التعبير الجماعية, وقد يصل الأمر حدود المجتمع ككل, على اختلاف فئاته ومراتبه, يتدرج التعبير الجماعي, من الاعتصامات المحدودة, النوعية, حتى التظاهر العام, ويبلغ مداه الأقصى, عند مرحلة العصيان المدني, وشل حركة الحياة. ثانيا : المستوى السياسي, وهو المنوط به التصادم, مع أطراف الحكم, فيقوم بوظيفة القيادة, يتجه الى الداخل الميداني, فيلتقط المهام, ويبلورها, ليعبر عن الميدان الشعبي في مواقف سياسية ممثلا له أمام الآخر, تفاوضا, مدافعا مستميتا عن مصالحه, وراعيا أمينا لمنطلقات نضاله, حريصا على الإجماع والتوافق الوطني. ويوجه ويحرِّض الجماهير على تبنيها, من منطلق, كلية المصالح فردية - جماعية (مجتمعية - وطنية تهم الشعب كله). السياسي وهو يقود وينظم, ويحدد الأهداف القريبة والبعيدة, ويوجه ويحرك الجماهير, فإنه يتوجه نحو أطراف الهيمنة والحكم, فيجري معها تفاوضا نديا, ومتكافئا, ليخرج بالمعالجات الحاسمة, لقضايا شعبه. السياسي أداة تفرض إرادة الجماهير, وتمثلها, على طاولة التشاور والتفاوض, لكنه ليس الإرادة الجمعية بذاته, ولا يجوز مطلقا تصوره بديلا عنها, بل هو الفرد أو المجموعة (النخبة), الأكثر كفاءة ومقدرة وخبرة وتضحية, من اجل انتصار قضية شعبه. لذا يكتسب السياسي صفة الرمزية الوطنية, المعبرة عن تلكم الإرادة, ويخوّل صلاحية التمثيل, ومثلما هو مسؤول أمام الجماهير , فان الجماهير ذاتها, مسؤولة كذلك عن خيارها, حينما يحين وقت الحاجة الى وقفات المراجعة النقدية, والتقويمية دوريا, لضمان إستبعاد الإفراط والمبالغة, في دور الفرد من جهة, وحتى تُحمى الرمزية الوطنية ذاتها, من تطاول النزوات الطامحة, الوصولية الى اعتلاء رأس الهرم, والإمساك بزمام المبادرة, وتدعي تمثّل - وبقصور - تلكم الأدوار, ومن الزيغ والهوس الذاتي, أو الجهوي التقليدي, وخلافه من أمراض عشق الزعامة. جاء الحراك إثر ولادة عسيرة, تطلبت ما يقرب من عقدين من الزمن, حتى نضجت عوامل انطلاقته الشعبية, موضوعيا, وتتالت لتغطي فضاء الجنوب, من أقصاه الى أقصاه, مؤكدة وجود الذات, الوطنية الجنوبية, وصولا الى فرض القضية الجنوبية, أمرا واقعا, ما جعل الأعداء يبدون اعترافا بها, وإن بتعال مقرف, وبعدالتها ونضجها, بعد ان كاد ان يكون الجنوب نسيا منسيا, في جراب الوحدة. لقد أعاد "الحراك الشعبي السلمي الجنوبي" للتاريخ الوطني الجنوبي, مجده وزهوّه, وانكشفت بوضوح, وبفعله أسرار لغز تدمير واغتيال مشروع الدولة الوطنية الجنوبية المستقلة, في مهده, وانجلى الضباب الدعوي للانتماء, العروبي واليمني, عن الحبكة الدنيئة, لاستنبات مشروع, يمننة الجنوب, منذ اللحظات المبكرة للكفاح التحرري, وتحقيق استقلال الجنوب, حتى أوصل الجنوبيين أشلاء متناثرة, الى ما وصلوا إليه, من قهر وظلم وذل ومعاناة. تداعت مناطق الجنوب تدريجيا, مشكِّلة أرخبيلا موحدا, ومتماسكا, عاقدة العزم على استرداد كافة حقوق شعب الجنوب المسلوبة, أو الاستشهاد دونها. منذ ذلك الحين, ظهر الى الوجود "الحراك الشعبي السلمي الجنوبي", كائنا حيّا متنام, شكل كادر دولة الجنوب, المستبعد إجباريا عن وظيفته, النواة المنظَّمة الأولى, حيث يحق القول هنا, إن تشكيل العسكريين المتقاعدين في جمعية, تضمهم, قد مثل الانطلاقة الفعلية المنظمة, والرائدة للحراك, على النطاق الوطني الجنوبي, الذي اجتذب إليه روافد المتقاعدين الأمنيين, ثم المدنيين, في تشكيلاتهم الاجتماعية المدنية, حينها اكتسبت الحركة الاحتجاجية, طابعها الشعبي, واتسم الحراك بميزة أنه متنام في الميدان. ولا يمكن تجاهل أدوار, وأشواط بالغة الأهمية, سبقت ذلك, وإن كان أثرها قطاعيا ومحدودا, إلاّ إنها قد مثلت دور المقبِّلات, التي فتحت شهية النضال الشعبي الجنوبي, وعجلت مساره. مثل هذا الدور, لعبته مدن الضالع و المكلا و ردفان, قبل أن يصل الفعل الشعبي, الاحتجاجي الى المدينة – العاصمة – عدن, وتشكيلات ما دعي حينها باللجان الشعبية, ولعبت صحيفة ''الأيام'' العدنية, دور المنبر الإعلامي, الحر, والصوت الجهوري المتميّز, في فضح بربرية الغرباء, بحق المواطن الجنوبي, فيسجل ل"الأيام" إنها لعبت دورا إيجابيا, مزدوجا, تحريضي و منظم, مثلت مطالعتها اليومية, مهيجا للنفسية الكفاحية, لدى الجنوبيين, وكان مجرد صدور كل عدد منها, ينزل كصاعقة, على رؤوس أعداء الحق الجنوبي. ليس بالهين أيضا الدور البطولي, والموقف الوطني الجنوبي, الذي اتخذته الكتلة الجنوبية, في اللجنة المركزية للاشتراكي – صنعا, خاصة بعد الحرب مباشرة, والعناد الوطني الجبار, الذي ابداه المناضلان الجسوران, بصفة خاصة, د. محمد مسدوس و حسن باعوم, على رأس تلكم الكتلة, وفي الارتباط بذلك, تأتي المساهمة الكبيرة, والشجاعة النادرة, التي أبدتها منظمة الحزب الاشتراكي, في عدن, تجاه تبني الموقف الجنوبي, حيث جرت – تلقائيا - عملية فرز طبيعية, فعزل أعضاؤها, من الأصول الشمالية أنفسهم, عن أي مشاركة تخص "الجنوب", وهنا يستحق التقدير, الدور القيادي البطولي, الذي لعبه شخصيا, سكرتيرها علي منصر محمد. كذلك يستحق الثناء والتعظيم, الدور التحريضي الوطني, الذي لعبه الشعراء العاميون, والفنانون الغنائيون, وكتاب المقالات, و نشطاء القطاعات الجماهيرية, ومنظمات المجتمع المدني, نقابات العمال, بتنوعها, والمعلمون, والأطباء, والقضاة, والمحامون, والطلاب الجامعيون, وطلاب التعليم الثانوي, وحتى الأساسي العام, كذلك يستحق الذكر مجهود مناضلي حرب التحرير, والمرأة, والشباب, والجاليات الجنوبية في المهاجر وملاجئ الاغتراب, وغيرهم. ( ج ) يشكل الحراك الشعبي السلمي الجنوبي امتداداً شرعيا, وطبيعيا للحركة الوطنية الجنوبية, إنه يرد الاعتبار لها, ويثأر لجروحها, فبقدر ما يواجه متطلبات النضال الراهنة اليوم, صعودا نحو انتصار تام لقضيته, فإنه يعتبر إن من الواجب المقدس, أن يذهب فعله عميقا, في بطن التاريخ, ليراجع كافة المواقف, واللحظات التدميرية, التي واجهتها الحركة الوطنية الجنوبية, منذ بواكيرها الأولى, ليثأر ويسترد كرامة ماضيه, وشعبه, ويمجد أدوار أبطاله, الذين ذهبوا قرابين, على محراب المشروع, سيئ الذكر "يمننة الجنوب", لا بقصد نشر البغضاء, وفتن الاقتتال, وإنما بهدف استقصاء, واستلهام العبر, والدروس, منها كتاريخ, وحتى لا يكتب لمآسيه أن تتكرر. إن تأريخ يجب أن يصاغ بمسؤولية وطنية, وحيادية إنسانية, ينبغي أن يعمّم لتتشرَّبه الأجيال, الى درجة, يشكل فيها الضمانة الموثوقة, لصيانة الترابط الثقافي – التاريخي, ولبناء خلفية ثقافية, وسياسية, للتواصل الاجتماعي, بين أبناء الشعب الجنوبي من جهة, وبينهم وبين سائر الأمم, والشعوب من جهة ثانية, على قاعدة الاحترام, الإنساني المتبادل, والتعايش المدني السلمي. تعود جذور الحركة الوطنية الجنوبية الى مقدمات الكفاح الوطني التحرري, ضد كافة أشكال الأطماع الخارجية, في احتلال أرضه, وإذلال شعبه, ليس فقط ضد الغزاة الطامعين, في فرض الهيمنة الاستعمارية عليه, إثر التكون الجنيني, للراسماليات الوطنية, في معظم دول اوروبا الغربية, بعد اكتشاف الماكينة (الآلة), والبخار, وظهور الدولة القومية, النزَّاعة الى التوسع, والسيطرة على الممرات المائية, ومراكز التجارة الدولية. عرف حينها ما دعي ب "العالم الجديد", وبنتيجة الكشوف الجغرافية, واتساع المد الاستعماري, لبلاد الشرق, تمت مصادرة الأرض, ونهب الثروات, واعتبرت (الأرض البكر), وما ترتب على ذلك من تقتيل وعسف, بحق السكان الاصليين, في ظل اختراعات الاسلحة النارية, وبناء أساطيل الملاحة البحرية. كانت بلاد "العربية الجنوبية" (South-Arabia) هدفا لتلك الأطماع, لأهمية موقعها, وطول سواحلها, الممتدة على شواطئ بحر العرب, والمحيط الهندي, باعتبارها همزة وصل بين الشرق والغرب, وصارت عرضة لهجمات الغزو, الهولندي والبلجيكي والإسباني وغيرها, وحتى استعمر البريطانيون عدن, خلال النصف الأول, من القرن التاسع عشر, و ضمت محميتيها الشرقية والغربية إليها, مرتبطة معاهدات الحماية البريطانية, وتحت وصايتها. قدم شعب الجنوب أسخى البذل والفداء, دفاعا عن حقوقه الطبيعية, ومقاومة لأطماع المحتلين, وطمعا مشروعا, في بلوغ تحرره, ونيل استقلاله الوطني, وبناء دولته الوطنية الجنوبية, ذات السيادة, على أرضه. واستقلال وطنه, وبذات الوقت واجهت المقاومة الشعبية كذلك الاطماع التوسعية, للعصبية العرقية, والمذهبية الزيدية, وريثة الأطماع العثمانية, وسليلتها, في احتلال, والتهام الجنوب, تحت ذريعة "الفتح الاسلامي لأرض الكفر", وافلحت حركة المقاومة, في صد حملاتها البربرية, ولا يجب إهمال دور بريطانيا الداعم والمساند في هذا المضمار. ( يتبع ....الحلقة الأخيرة)