30 نوفمبر .. يوم يحمل من الرمزية والإرث ما يجعله يوما تاريخياً هاماً في حياة الجنوبيين يضاف الى ذلك ان الجنوبيين اليوم يعلقون عليه الآمال الجسام . في هذا السياق يجب ان لا نفرط في الاحلام فنتصور ان الجنوب سيعود الينا صبيحة 30 نوفمبر او مسائه ..ذلك لأنا حتى الان لسنا مستعدين لاستعادة وطننا ..ولم نعمل لهذا الامر ما يجعله استحقاقا محتما ..كل ما نفعله حتى الان هو استجداء الحرية من عبيد ( قوى النفوذ في صنعاء ) ..وطلب الكرامة من الذين لا يعون ما تعنيه , لا نفعل اكثر من ذلك , لانفعل حتى الان اكثر من اننا نتسول حريتنا على ابواب اللصوص وقطاع الطرق .. وبالتالي فأن بقاء الجنوب قيد الاحتلال امراً منطقياً وحتمياً . لكن وحتى لا نقنط من ذلك اليوم ولا نحمله ايضاً اكثر من ما يحتمل فعلينا ان نعمل وبجد وبروح جديدة لجعل ذلك اليوم محطة لانطلاق عمل جدي يضعنا على الطريق الصحيح لاستعادة الوطن ..طريق التضحيات ..مسلك الثائرين . قيادات الحراك ادت ما اعانها الله عليه حتى الان ..ومن الان فيجب ان يختاروا ..فأما ان يكونوا جاهزين للتضحية واتخاذ القرارات الصعبة والجريئة ويتقدمون صفوف الشهداء ..وأما ان يتولى الامر من هو اهله . ليس الجنوب عقيماً ولا نسائه عاجزات عن ولادة الرجال الصادقين.. لكنهم حتى الان متوارين خلف غبار يحدثه ادعياء القيادة .. ويتعرضون للمحاربة كلما هموا بالأقدام . . ان انسى فلن انسى ما تعرضت له المقاومة الجنوبية مع انطلاقتها من هجوم غير مفهوم من الجنوبيين بل من الذين هم محسوبون قيادات جنوبية .. منذ العملية الاولى توقعت شخصيا ان يتنفس الجنوبيين الصعداء وان يكونوا بين منظم اليهم ومناصر لهم او على الاقل ساكت عنهم ..لكن ما حصل ان بعضهم للأسف الشديد صوبوا سهامهم الى صدور هؤلاء الشباب الذين كانوا للتو يلملمون جراحهم ويدفنون شهدائهم , فيما البعض الاخر فضل الصمت المريب . وفي حين كان الشباب الابطال يعاهدون شهدائهم على قبورهم بأنهم لن يخذلونهم , ويعدون انفسهم للموت غير طامعين إلا في جنوب حر يعيش على تربته المحررة غيرهم ..كان بعض الجنوبيين يسخرون من , تضحياتهم , ويقللون من شأنها , وفي حين كان الاحتلال يتوجس منهم خيفة ويتساءل هل دقت ساعة المعركة ؟ هل دنت ساعة الرحيل ..؟ كان الجنوبيين يزدرون هؤلاء الميامين الذين لم يكن لهم من اطماع سوى ان تروي ارض الجنوب الطاهرة من دمائهم ..وليس لهم من حلم الا ان يغسلوا هذه الارض من رجس الاحتلال بدمائهم الزكية . في مشوارنا الجنوبي منذ العام 2004 م جالسنا كثير من الحراكيين وبعضٍ من قادة الحراك فلم نجد منهم الا افواهٍ وأبواقٍ لا تتوقف عن التنظير والحديث السمج والمكرر الذي ليس له معنى ..وخالطنا بعضٍ من شباب المقاومة فوجدنا شباباً ثائرين ولكنهم منكسرين ومقهورين من خذلان الجنوبيين لهم ..رجالٌ صادقين قادرين على انتزاع الجنوب من بين مخالب الوحوش لو كف الجنوبيين اذاهم عنهم , يتساءلون في حيرة , لماذا يحاربنا من نضحي لأجله ؟! هل شملتهم لعنة الثلايا ؟!, لا نسابقهم على المنصات ولا ننازعهم عروشهم المزعومة , بل نقدم دمائنا رخيصة وفي صمت ليتمكن هؤلاء من اشباع رغباتهم الشهوانية في الحكم والسيادة , ومع ذلك يقفون لنا بالمرصاد . في الرياض كان اول قيادي جنوبي كبير يوجه الطلقة الاولى لهؤلاء الميامين قبل ان تنطلق رصاصتهم الاولى , عاد للتو من اجتماع بأب المقاومة الجنوبية , ولأن الرجل كان صادقاً معهم واخبرهم بأن الجنوب لن يعود الا من طريق الفداء والتضحية ( حقيق علي الا اقول على الله الا الحق ),ولأنهم كانوا اعجز من ان يواكبوه , فقد ناصبوه العداء ومضوا في تشويه رجاله قبل ان ينطلقوا , ثم اوعزوا الى اتباعهم في الجنوب ( ان هؤلاء متبر ماهم فيه وباطل ما كانوا يعملون ) استلم الاتباع الراية ثم انضم اليهم بعلمٍ وبدون علم اخرين لينقضوا على هؤلاء ويئدون المقاومة في مهدها ..بعض هؤلاء يعلم ما يفعل وكثيرا منهم يطلقون النار على ارجلهم دون ان يعوا ذلك. وفي نفس السياق لابد ان نذكّر بحالات العصيان المدني التي كان ينفذها الابطال ويقدمون في سبيل ذلك ارواحهم واطرافهم دون ان يطلبوا لأنفسهم شيئاً . فيما كان الطابور الخامس يشوه هذا العمل ليل نهار ومعهم بعضاً من المغررين الذين اصبحوا صدىً لأصواتهم يرددون ما يقولون دون ان يقدروا تبعاته , ففي حين كانت تقارير المبعوث الدولي تتحدث بصراحة ان هناك عمليات لعصيان مدني تشل مدن الجنوب , كان بنو جلدتنا اصحاب الثورة ذات الملمس الناعم , يتحدثون عن موبقات العصيان المدني وأثره المدمر على الثورة الجنوبية , وينظّرون لنا ان العصيان المدني يجب ان يكون مخملياً , ويعطونا الدروس عن ماهيته ومظاهره , ونسي هؤلاء المنظرين ان السوق الجنوبية كلها تقريبا بيد ابناء الشمال , فهل وصل بمنظرين الوهم الى حد جعلهم يظنون ان يستجيب هؤلاء للعصيان المدني طواعية ؟! هل ظننتموهم مثلكم يكسرونا سيقانهم بأيديهم ؟! , ام هو فقط الاصرار على التصدي لأي عمل جنوبي جاد ؟ التذكير بهذا اليوم ليس جلدٍ للذات ولا بكاءاً على اللبن المسكوب لأن اللبن لا يزال في الكأس اصلا وان اريق جزء منه , وإنما هو- وهذا هو الشاهد في المقال - دعوة للجنوبيين كافة او على الاقل الصادقين منهم من المغرر بهم الذين يدلون بدلو الطابور الخامس عند كل عملٍ جاد دون وعياً منهم , بأن يكفوا عن التصدي للإعمال الجادة التي قد تصدر من الابطال في طول الجنوب وعرضه , و اكثر من ذلك فانا ندعوهم الى ان نكون جميعاً جزء من أي عمل جنوبي جاد , بل وان نعمل على صناعة هذا العمل , وعليهم ان يعوا جيداً ان الجنوب لن يعود إلا من طريقٍ واحدٍ , طريق التضحية والفداء , وان الثورة عمل حاد وعنيف , وملمسها ليس ناعماً , ولو كان ممكن للجنوب ان يعود من الطرق المفروشة بالورد والرياحين والمقايل والمسامر لكان قد عاد , فما اكثر ما قيّلنا وسمرنا , حتى اصبحنا غير قادرين على تحرير بلدنا ومحتليها يسقطون الواحد تلو الاخر . فمن قاد احتلال الجنوب قد اطيح به ووريثه لحقه فاستورثنا ثالثهم , وسيظلون يورّثونا لبعضهم البعض ما لم يخبرهم الجنوبيين بأنا لسنا من املاكهم , ومحتلينا هؤلاء لا يفهمون اللغة التي تستخدمها قيادات الحراك للتخاطب معهم , فهم مثلاً لا يفهمون معنى ان يقول لهم احد قيادات الحراك اننا في يوم ال30 من نوفمبر سنطلب (لاحظ الصرامة , سنطلب) من ابناء الشمال مغادرة الجنوب ,كان هذا في رده على سائله عن الخطوات التصعيدية بعد ال30 من نوفمبر , - اعتقد ان الرجل لديه تصعيداً اكثر من ذلك اذ ربما يقرا عليهم ان لم يستجيبوا لطلبه , او يرمي عليهم الجاه - لكن ابناء الشمال سيكون ردهم على هذا الطلب هو القدوم الى الجنوب زرافات زرافات , وفي المقابل فأن الاحتلال جيد الانصات وسريع الفهم للغة التي كان يريد ابطال المقاومة ان يحدثوهم بها . لن يتحرر الجنوب غدا ولا بعد غد وسنظل نتظاهر حتى نمل وننكسر ,, سيعود الجنوب فقط متى سلكنا مسلك استعادته الصحيح , فليكن احتشادنا في ال30 من نوفمبر ايذاناً بذلك .