يشكل الانشقاق عن نظام الرئيس معمر القذافي تحولا آخر في حياة وزير الخارجية الليبي موسى كوسا المهنية على مدى ثلاثة عقود. ويسجل وصوله إلى بريطانيا الأربعاء 30 آذار/مارس فرارا على ما يبدو من حكومة معمر القذافي تبدلا صارخا عن وضعه كسفير فعلي للقذافي في لندن العام 1979.
ففي مقابلة مع صحيفة التايمز البريطانية العام 1980 دعا كوسا إلى قتل المنشقين الليبيين على الأرض البريطانية قائلا للصحيفة "اللجان الثورية قررت قتل شخصين آخرين في المملكة المتحدة. أنا أقر هذا"، رغم أن طرابلس أعلنت فيما بعد أن تصريحاته أخذت من سياقها".
وبعد إعرابه في تصريحات منفصلة عن إعجابه بمسلحي الجيش الجمهوري الإيرلندي تم طرده من المملكة المتحدة في العام التالي.
وانطلق الراديكالي إلى المقدمة بين النخبة المحيطة بالقذافي، حيث كان مسؤولا في البداية عن العلاقات مع حركات "التحرير الوطني" الأجنبية، ثم أصبح رئيسا للاستخبارات العام 1994، وظل فيها إلى أن نقل إلى وزارة الخارجية العام 2009.
وكانت مهمته، كرئيس للاستخبارات، إخراج بلاده من العزلة التي كانت تحيط بها، ولعب دورا في التفاوض على منح تعويضات لأسر ضحايا تفجيرات لوكربي والنيجر.
وبدا عشية الانتفاضة الليبية في شباط/فبراير الماضي وكأن جهوده لإعادة تأهيل بلاده دوليا قد كللت بالنجاح حيث تم عقد صفقات تجارية نفطية في أوروبا وفتحت أبواب باريس وروما أمام القذافي.
إلا أن عمله، وفقا لمراسلين، جعله على اتصال وثيق بجهاز الاستخبارات البريطاني، وقد تحدث مؤخرا هاتفيا لوزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ ربما لتوضيح سبب اختياره بريطانيا بعد قراره الخروج من ليبيا.
وتبين ارتباط كوسا بمعمر القذافي في وقت مبكر ومنذ أوائل السبعينيات حين كان يعد رسالة الماجستير في علم الاجتماع في جامعة "ميتشيغان ستيت" الأمريكية، حينما أجرى مقابلة مع القذافي في وثيقة قال مراقبون إنها تكشف تفصيلات مثيرة للاهتمام حول الزعيم الليبي اللغز.
ويقول كريستوفر كيه فاندربول رئيس قسم الاجتماع في الجامعة لصحيفة لوس أنجلوس تايمز عن كوسا الذي أشرف على رسالته، "لو أصبح أستاذا في الجامعة أو خبيرا في علم الاجتماع لكان ناجحا جدا".
وأتيحت لكوسا الفرصة لمواصلة دراساته العليا وإعداد رسالة الدكتوراه، إلا أنه قرر العودة إلى طرابلس ليصبح "رجلا قويا في اللجان الثورية، عصب النظام الليبي، ومعاونا ثقة لمعمر القذافي" كما تقول وكالة الأنباء الفرنسية.