، هذان النقيضان يتقاتلان منذ بدء الزمان ، لم يتوقفا عن القتال لحظة ، لم يتوقفا ولم يستسلما ، ولم ينتصر في الحرب أحدهم على الاخر حتى الان ، لكن كل ما يحدث هو انتصار احدهم في معركة ما .. يخسرها الاخر ، وما تلبث إلا وتبدا معركة جديدة في حرب بدأت ولم تنتهي. وفي خضم هذه المعارك يقف بعضنا الى جانب الخير ويقف بعضنا الاخر الى جانب الشر ، ولكن أكثرنا يقف على الحياد ... ليس جبناً او تخاذلاً ، ولكن لأننا لا نرى الخير خيراً ولا الشر شراً . إن من المحير ، ان نجد الخير والشر اصبحا متشابهان ، يلبسان ذات اللباس ويتكلمان بنفس اللسان ، ويدعي كل منهما بأنه هو الخير وينكر انه الشر ، ومن المرجح ربما ، ان الشر من طول فترة معاركة مع الخير ، قد تعلم كيف يتنكر بزيه ويتقمص شخصيته بل ويستشهد بحججه ... فهل يحق لنا القول ان الشر قد تفوق على الخير حين استنسخ ادواته وحججه ،وعلى اعتبار ان الحر ب خدعة ، أم ان الخير هو الذي تفوق بدليل اعتراف الشر ان الخير بشكله وأدواته هي الطريقة الصحيحة والاستراتيجية لكسب الحرب. والسؤال الاهم الذي لا أجد له إجابة ثابتة ، كيف نميز نحن بينهما وقد تشابها بكل شيء؟ اننا في خضم هذه الحرب المستعرة التي لا نرى لها نهاية ، ونحن ضحايا معاركها ،نحن من تسيل دماؤنا ، ونحن من نُقتل ونحن من نٌظلم ، بل اننا نحن وقودها ... نعم وقودها ، فلولا نحن ، لربما توقفا عن القتال ، أو ربما تقاتلا حتى يصرع احدهم الاخر ، او ربما يتصالحا في نهاية الامر ... من يدري ؟ لكن من المؤكد اننا لن نكون حاضرين لنشهد النهاية.