برغم ان الاخ علي البخيتي هدئ كثيرا من السرعة التي كان يمضي بها مع الجنوبيين ,هدئ من سرعة سيره ليتسنى له ايجاد مساراً جديداً ممكناً يلزمه ,مسار يتوافق مع المستجدات ويرفع عنه الحرج ولا يظهره كمن تنكروا لمواقفهم بين عشية وضحاها , إلا انه ورغم انه قد يكون في طريقه الى تغيير موقفه المعلن من القضية الجنوبية لا يزال احد السياسيين والكتاب الشماليين المحترمين والإنسانيين في تعاملهم مع الاحداث والأشخاص .. الدعوة الاخيرة التي اطلقها السيد البخيتي للتصالح والتسامح مع حميد الاحمر وعلي محسن والزنداني واعترافه بالتحالف مع علي صالح لا تأتي في هذا السياق المعروف عنه , واعتقد جازما ان الرجل اطلقها وهو ليس في حالة استقرار ذهني ونفسي جراء ما يعتمل حوله , يتجلى اضطرابه هذا في ما يظهره الرجل من صدمة شديدة تعرض لها حين اكتشف ان الحوثيين لا يختلفون عن من سبقهم من القتله واللصوص وقطاع الطرق ( قوى النفوذ المندحرة ومعهم علي صالح ) .. اذاً فالدعوة صدرت من الرجل وهو تحت وطأة عاملين احدهم سلبي والآخر ايجابي : اما العامل السلبي فهناك موجة احباط شديدة تجتاح الرجل بسبب ما تره عينيه من اعمال اجرامية يمارسها الحوثيين في طول البلاد وعرضها , مطابقة تماما من حيث درجة الجرم والأسلوب والنّفس لما كان يصدر عن حميد الاحمر وعلي محسن والزنداني ومعهم علي صالح , لذلك فالرجل لم يعد يرى فرقا بين الحوثيين وبين من سبقوهم , فأتت دعوته للتصالح بينهم كتحصيل حاصل , بمعنى , ما دمتم تجار بضاعة واحدة , فلماذا لا تجتمعون لبيعها في سوقٍ واحدة ؟! . بالمقابل فأن هذه الدعوة اتت ايضاً كنتاج لعامل ايجابي آخر تكاد تتلاشى فرصه اما ناظري البخيتي , فيطلق هذه المبادرة غير المعقولة واليائسة في محاولة لإنقاذه . هذا العامل هو فرط حماس لدى الرجل في امكانية بناء دولة مدنية حديثة في اليمن , ولو كان هذا حتى عن طريق التصالح بين هذه القوى الظلامية , تصالح تتخلى فيه عن فكرها الاجرامي ليتحولوا الى بناة لليمن الحديث ,, وهذا امراً بعيد المنال في شكله وموضوعه ,, فقطاع الطرق والقتلة واللصوص لا يمكنهم بأي حال من الاحوال ان يتحولوا الى حماة للقانون ودعاة للسلام , ومهما عفى الناس عنهم فأنهم سيعودون الى صنعتهم الاولى , ذلك ببساطة لأنهم تربوا عليها ولا يجيدون غيرها , وهي وسيلتهم المثلى للتواصل مع الغير . اخي الفاضل هؤلاء الذين تدعُ للتصالح معهم ليسوا سياسيين اخطئوا في ظروف استثنائية او مسؤولين اساءوا استخدام سلطاتهم التي منحها لهم القانون او تجاوزوا حدودها , فمعظمهم بما فيهم عبدالملك الحوثي لا يمتلكون ادنى سلطة قانونية تخولهم عمل أي امر , وليست لهم مناصب قانونية تفوضهم للممارسة أي سلطات . ايها المحامي الكبير هؤلاء مجرد مجرمين يجب ان يواجهوا العدالة , وأنت رجل قانون وتعلم فداحة وخطورة افلات المجرم من العقاب , تعرف تداعيات مثل هذا الامر اكثر مني . التصالح والتسامح مع هؤلاء هو اعلان حرب مباشرة على اليمن واليمنيين , هو تصالح مع الجريمة بشقيها الجنائي والسياسي والقبول صراحة باستمرارها , التصالح مع هؤلاء اهدار لدم الالاف من الضحايا , التصالح مع هؤلاء هو التنازل عن حقوق اليمنيين التي تم العبث بها على مدى خمسة عقود , التصالح معهم هو التوقيع على سياساتهم في تجويع الشعب وتجهيله وتركه نهب الامراض والاوبئه والثارات على مدى اكثر من 50 عام .. هؤلاء مجرد مجرمين وأماكنهم الطبيعية هي السجون وإنفاذ احكام الله فيهم , وكان يجب ان تمارس عملك كمحامي عن الضحايا وليس مسوق للمجرمين والقتلة , وان بلغ بك اليأس مبلغه . لا يجب ان تراع وأنت ترى الحوثي يسلك الدرب ذاته , لسبب بسيط , فهو من ذات التربة التي انجبتهم , وهو مثلهم مجرد قاتل ولص . الكثير من المعارضين لهذه الدعوة كانت معارضتهم على اساس ان القوى المندحرة مجرمة , ومن يحكمون اليوم هم ملائكة , والحقيقة ان هؤلاء جميعا مجرمين من اندحر منهم ومن ينتظر , ولا يجب ان يكون شخصاً كالأستاذ علي ساعياً بينهم لإعادة تدوير من استُهلكَ منهم وإطالة امد الحاليين , بل يجب ان يسعى لإخضاعهم جميعا للعدالة , فإذا اتت هذه الدعوة من احدهم فهي منطقية باعتبار انهم يدركون ان اختلافهم وتفرقهم سينهي عهدهم وظلامهم الدامس , اما ان تأتي من غيرهم فهي غير منطقية , وحين تأتي من رجل قانون مهمته الاولى تحقيق العدالة والانتصار لها فهي كارثة حقيقة . لن يرى اليمن خيراً طالما ظل هؤلاء في امان ,, لن يرتاح اليمنيين اذا لم يواجه هؤلاء المجرمين العدالة , وليس اسوء منهم إلا من يسعى الى اعادة تدويرهم .