الاتحاد السوفيتي العظيم في خبر كان, ومعه أصبح المشهد جديداً وتغيرت ملامح العالم ليرزح تحت هيمنة القطب الواحد, وهو القطب الاميركي, الامر الذي أدى الى خلل واضح في التوازن الديناميكي بين حضارات وشعوب العالم وهو بالتالي أدى الى تناقضات اقتصادية رهيبة انعكست على الشعوب في كافة نواحي الحياة السياسية والاجتماعية وحتى الجغرافية والثقافية منها. واليمن السعيد كجزء من هذا العالم, شهد وسيشهد متغيرات كبيرة .. فإلى أين يسير اليمن؟ الرئيس السابق البيض وعقلية الحزب الشمولية المحنطة ظلم أبناء الجنوب طيلة حكمه, ليذهب بالجنوب والحزب الاشتراكي الى فكي الشمال وصالح الأحمر ليبتلعوه بعظامه تحت مسمى الوحدة المباركة مايو 1990م .. وأصبح المشهد جديداً !! الرئيس السابق صالح وبطانته السيئة من حرسه القديم من الساسة الذين لم يدركوا المتغيرات المتلاحقة فأتت ثورة فبراير 2011م لتطيح بنظامهم الفاسد, حتى وإن حاولوا انكار هذه الحقيقة المرة .. وأصبح المشهد جديداً !! الرئيس هادي لم يستوعب الدرس جيداً او تغافل في لحظة عناد سياسي مع الصديق العدو صالح, وكذلك فعل الإخوان المسلمين حيث تصدر المشهد عنهم حميد الأحمر وعلي محسن, لتأتي حركة الحوثيين في سبتمبر2014م وتطيح بالنظام الوليد بل تم وأده قبل ولادته بمليشيات شريك حقيقي للثورة تم تهميشه واقصائه .. وأصبح المشهد جديداً !! السيد الحوثي الى الآن لم يستوعب تصدره للمشهد السياسي بل وينكر بغباء انه سيداً لنظام جديد, وهو ما جعله يدور في نفس دائرة أخطاء من سبقوه حتى أصبح غالبية الشعب اليمني في عداء واضح مع نظامه, وما القتلى والجرحى في جماعته الا تعبير عن ثورات غير معلنة حتى وإن تزعمها انصار الله وكأن مشهداَ بدأ يلوح في الأفق صراع شيعي سني .. وأصبح المشهد جديداً !! وهذا المشهد الجديد الذي تتصدره جماعة الحوثي مهما حاولت التهرب منه والتستر خلف هادي والحكومة لن يعفيها من دفع الثمن باهضاً عاجلاً وليس آجلاً, بيد ان هادي فهم اللعبة وقد مد لها الحبل الذي تطوق به رقبتها حتى ثغور السنة وأطراف الجنوب. وهذا الغباء السياسي سيعجَل لامحالة في أبادة الجماعة سريعاَ, اما انغراضها عن المشهد السياسي فهو أمر مفروق منه للأسباب التالية: -دعوة الجماعة لا تنسجم مع حداثة المجتمع اليمني, فاليمن لم يعد كما كان في عهود الامامة, وإن كانت مفاسد النظام السابق وجحور صعدة أوهمت السيد بغير ذلك. -بنية وتركيبة الجماعة لا تنسجم مع الاهداف التي تدعو لها الحركة, بل ما يجمعها هو خليط من الثارات مع الخصوم مثل آل الأحمر تركت جرحاً عميقاً لن يندمل بأي مبادرة صلح تتقدم بها الجماعة على المدى المنظور. -لم تحسم الحوثية منهجها الديني السياسي في اطار الزيدية واتجهت الى قبضة المسيرة الايرانية الاثني عشرية. -العداء مع مكونات الشعب اليمني من القبائل والسنة المعتدلة والمتطرفة ومع الشركاء في الحرب على الارهاب " الحكومة والولايات المتحدة والاتحاد الاوربي". -المضيء في كنف ايران لن يجعل دول المنطقة قاطبة تغض الطرف عن ذلك وإن كانت السعودية في واجهة المشهد. -الهروب الى الامام في احتفالية الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم لن يدوم طويلاَ عن ذكرى الحسين وآلام كربلاء والحق الإلهي. -كذلك الهروب الى الامام عبر الفتوحات بالسيف للأمصار والثغور لن يدوم طويلاً وهو ما تعبر عنه الحركة في التمدد عبر اجتياح المحافظات والمؤسسات تحت مسميات واهية ومكشوفة لعدم تمكنها من تقديم نفسها في موقع ريادي وسياسي ثابت ولا يتزعزع, وهذا التمدد هو ما سهل على خصومها النيل منها وهو ايضاً مع ما ذكر آنفاً ما سيعجل بنهايتها القريبة ومصيرها المحتوم .. وبعد الحوثة لا وريث غير الدواعش للشمال في غياب الدولة .. فما مصير الجنوب؟ وأصبح المشهد جديداً !!