هكذا كانت ومازالت تلك الحقيقة التي مفادها ان الشباب هم صنَاع التاريخ هذه الحقيقة التي لم يستوعبها العقل العربي الا في هذه الحقبة الزمنية حيث تربع فيها الشباب زمام الربيع العربي , فقد برعوا في ثورتهم كما برعوا في هندسة الحاسوب والفضاء والرياضة والفنون وحتى مقاليد الحكم والسياسة , ولهذا نقولها بملء الفم , ان حكومة شباب بكفاءات خير ألف مرة من حكومة كفاءات بلا شباب لأننا على الأقل سنضمن طهرها من الفساد والظلم , وسنضمن جهد متفاني لا يقبل الوهن والتسويف امام حاجات الوطن والمواطن !! نعم اليوم أدرك حكامنا العرب انه زمن الشباب الذي لا مجال فيه للكبار للعب حتى في دكه ألاحتياط فقد وهنوا وأصابهم ما اصابهم من الضعف والعجز على مجاراة الشباب , ومن ظن ان الخبرة هي المعيار الحقيقي للعب فأنه مخطئ , ولكم ان تعلموا ان اطفالنا اليوم يشيبون عند الفجر من هول ما مر عليهم من حروب وإحداث سياسية واقتصادية واجتماعيه وما تورده القنوات الفضائية وبرامجها المتنوعة , فما بالكم بشباب اليوم وهم من قادة الثورات وصناعها , وهم من كانوا وقوداً لها !! المشهد السياسي اليمني ليس ببعيد عن ما دار وما يدور في المشهد السياسي العربي برمته , وبعين ثاقبة للملعب السياسي اليمني سنرى اللعب فيه على أشدة , يتسم باللمسات الفنية الرائعة مع المهارات العالية واللياقة البدنية القوية , مع قليل من الخبرة , ونرى فيه أبرز ثلاثة لاعبين اساسيين وهم الرئيس هادي , والرئيس السابق صالح , والسيد عبد الملك الحوثي , والرئيس البيض على دكة الاحتياط !! الفتى الحوثي لازال متصدراً للهدافين دون منازع للموسم الثاني على التوالي بالرغم من إصاباته الشديدة , ويخطئ من يظن ان خبرة هادي او صالح هي في الأخير سترجح الكفة لنيل البطولة والفوز بالجائزة , بل ويخطئ من في ظنه ان الفتى الحوثي مازال مراهقاً ولازالت اظافر انامله ناعمة , وانه مجرد كرت بأيدي صالح وهادي ويستطيع كل واحد منهم اللعب به متى شاء, مثلما كان ظن حميد وعلى محسن به خاطئاً , بل هم في جهلهم يعمهون , فقد نسوا ان الفتى قد أصبح رجلاً وأشهر من نار على علم ويشار اليه بالبنان, وأصبحت له مخالب وأنياب بعد ستة حروب طاحنة دارت رحاها على مرمى حجر من منزله الذي ولد فيه, وبالقرب من ملعبه الذي ترعرع فيه , وفي وسط حديقته التي لطالما كان يلهو فيها , وإنها أي الحرب على صعدة اخذت منه أعز مالديه, من أحبة ومن اطفال صغار وأزهار كان لو قدر لهذه الحرب ان لا تكون لصنعت منه الحياة رساماً او شاعراً على قارعة الطريق !! هذا الخطأ الاستراتيجي الذي كانا ولازالا قطبا المؤتمر الشعبي العام ونعني هادي وصالح يشاطرانه , وكذلك يفعل البيض في سباته العميق , جعل السيد الحوثي سيد الملعب واللاعب رقم واحد في المعادلة الصفرية للرؤساء الشيوخ , وأليكم دلائلها: 1) استفاد السيد الحوثي من دعم صالح نكاية بالرئيس هادي وبالإخوان المسلمين وحاشد حتى وإن كان ضمنياً في: - كسر شوكة الأخوان المسلمين والسلفيين وهما تياران سنيان, في معارك خاطفة ذات بعد مذهبي. - كسر شوكة قبيلة حاشد الذراع الأيمن لصالح والجيش , وآل الأحمر رمز القبيلة اليمنية وعدو الأئمة على مر التأريخ. - كسر شوكة الدولة والحكومة كرموز للثورة السبتمبرية , واستبدال 26سبتمبر بيوم 21 سبتمبر. 2)استفاد السيد الحوثي من دعم هادي بالتستر خلفه , وإن كان على مضض نكاية بالرئيس السابق صالح وكذا نتيجة أحساس خاطئ من قبل هادي أن هناك تأييد دولي وإقليمي لما تقوم به مليشيات الحوثي في محاربة الإرهاب , او لعدم ثقة هادي في بقايا المؤسسة الدفاعية الزيدية , بل كان على هادي حسم خلافه او تصالحه مع صالح باستبداله بلاعب شاب مثل نجله أحمد علي بدلاً من اللعب بلاعبين كبار مثل الأرياني و محسن, او على الأقل الذهاب الى حل حزب المؤتمر وتشكيل حزب جديد يتولى زعامته لاعب شاب مثل نجله جلال , ولكن مثل الرئيس هادي يلتمس له العذر, فهو خارج ملعبه ولا الجمهور جمهوره , بل ولا يعول على جمهور في شئ اذا كان مجمهر صباحاً وملكي ليلا المهم ان الحوثي نجح مع هادي في: - كسر شوكة الجيش والأمن والاستخبارات , والتوغل بداخلها لمحاولة احتوائها. - كسر شوكة المؤسسات وشخص الرئيس والدولة عموماً. - كسر شوكة الأحزاب والمنظمات الوطنية وشوكة الشعب اليمني عموماً. - تقوية شوكة تنظيم القاعدة كمنقذ وحيد تعلق عليه الجماهير اليمنية الأبية الآمال في صون شرفها وعرضها والحفاظ على ماء الوجه لكرامتهم وهم يرون وطنهم وجيشهم ودولتهم يداس بأقدام الأئمة الحوثية الفارسية. 3) استفاد السيد الحوثي من دعم الرئيس البيض وإن كان على استحياء في الجلوس في دكة الاحتياط والترقب لما ستؤول أليه الأمور في الشمال منطلقاً من النسب الهاشمي وقربهما من إيران وحزب الله اللبناني , وقد نجح الحوثي في التالي: - التعاطف الجنوبي له, بالرغم ان الحوثي يخادع القضية الجنوبية ولم يعلنها صراحة "حق الجنوبيين في تقرير المصير - التمدد حتى مشارف حدود الجنوب من بوابة قعطبة والحديدة دون استنفار يذكر من قبل الحراك الجنوبي. - زرع خلايا حوثية في عدن , وتشكيل مجلس عسكري لها بقيادة العقيد نجيب محفوظ المنصوري وما خفي أعظم. - عدم مناقشة الجنوبيين لما يقوم به الحوثي وكأن الأمر لايعنيهم متناسيين موقفه من قضية الجنوب وأنه اذا تمكن في الشمال سيكون أشد ضراوة ممن سبقوه في استباحة أرض وثروات الجنوب. - اشغال اللاعبين الجنوبيين الكبار مثل البيض وباعوم والعطاس وعلي ناصر بخلافاتهم عبر مغازلتهم بالقدوم الى صنعاء. - تغييب اللاعبين الجنوبيين الشباب بالتواصل باللاعبين الكبار دون سواهم بالتنسيق مع سفير إيران والتي تمد ذراعها على باب المندب عبر مشاريع تحديث ميناء عدن. وبعد كل هذا وربما فوتنا أشياء كثيرة ومهمة , والعجيب في الأمر كله أن صالح لايدرك بأن الشباب هم من أطاح به, ولم يدرك هادي بأن الشباب هم من أتى به, ولم يدرك البيض بأن الشباب هم من أجلسه على دكة احتياط الملعب بعد أن كان خارجه , وحتى لا نهدر الوقت الباقي من هزيمة وطن , ورأفة بهم من بطش الفتى الحوثي وهم غافلون , أليس من الحكمة بأن يرحلوا عن الملعب , بل ومن دكة الاحتياط , مع تقديم الشكر والعرفان لهم بما قدموه خلال مشوارهم الطويل؟ وأليس من الحكمة استبدالهم بلاعبين وطنيين شباب ذو مهارة عالية قبل أن يضطر الوطن الاستعانة بمحترفين أجانب من شباب القاعدة لقلب النتيجة والعودة للمباراة , رغم عدم التزامهم بقواعد اللعبة ؟ الا تروا انتم بعد أن عميت بصائر هؤلاء ان لعب الشباب يحقق الفوز المضمون؟ كيف لأ وهو يجمع مابين السرعة والمهارة .. والقوة أيضاً والخبرة !!