إن الحديث عن موضوع كهذا يعد حديثا يختص بشأن اليمن الشمالي فقط، ولم يعد حديثا -حسب اعتقادي- يتعلق بأبناء الجنوب وجمهوريتهم لا من قريب ولا من بعيد على الإطلاق. أيضا لا يعني أن طرحي هذا يمثل وقوفي إلى جانب طرف بعينه من الأطراف السياسية المتصارعة في اليمن الشقيق. ولكن نمت الفكرة في بالي لأن أكتب عن مثل هكذا مواضيع خصوصا بعد سماعي لتسجيل صوتي بثته قناة الجزيرة يوم أمس الأول يكشف عن تنسيق حسب ماورد في الجزيرة بين الحوثيين والرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح وهو ما أكده متحدث رسمي باسم الحوثيين بعيد نشره في وسائل الإعلام خلال اليومين الماضيين. طبعا ينتقل الحديث في ذهني مباشرة إلى ما يسمى الثورة الشبابية التي خرجت في العام 2011م ضد النظام القائم الذي يتزعمه صالح آنذاك. ولا أريد أن أخوض في نتائج الثورة أبدا لكني سأقف عند نقطة واحدة مهمة حققها شباب الثورة بغض النظر عما إذا كانت خديعة أو لعبة سياسية مارسها حزب الإصلاح المتطرف للوصول إلى مقاليد الحكم في اليمن. والنقطة التي سأقف عندها هي إسقاط الرئيس علي عبدالله صالح . فالحشود المليونية التي خرجت في صنعاء وتعز والحديدة وصعدة وغيرها من المدن اليمنية تهتف لإسقاط النظام وترفع شعار (ارحل) للرئيس صالح هل كانت نية صادقة للمطالبة برحيله أم مجرد تغرير مارسته عناصر للإطاحة بنظام صالح مع أن الشعب خرج بالمليون إلى الشارع.؟ نعم، نفترض أن نصف الشعب الذي خرج كانت لديه نية صادقة والنصف الآخر مغرر به وهذا تقدير ليس بالضرورة أن يكون صحيحا ولكن فرضية للوصول إلى نتيجة واضحة عما إن كان تحالف الحوثيين مع الرئيس المخلوع سيؤثر عليهم شعبيا أم لا. في المقابل جميعنا أيضا شاهد الجماهير المليونية التي أكتضت بها العاصمة اليمنيةصنعاء تأييدا للحوثيين في إجتثاث الفساد من مراكز الدولة بالذات مع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية العام الماضي. إذن الشعب الذي خرج ضد صالح عام 2011م هو من أيد الحوثيين عام 2014م للسيطرة على صنعاء وهذا ما أوضحه الحاكم الفعلي لليمن حاليا السيد عبدالملك الحوثي، والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هل سيفقد الحوثيون جزءا من الشعبية التي كانت تؤيدهم من جراء تحالفهم مع الرئيس المخلوع صالح؟ من المعلوم أن جماعة الحوثي حظيت في الأشهر الأخيرة بتأييد كبير في صنعاء والمدن المجاورة لها ولا ندرك حقيقة ذلك التأييد أكان رغبة أم رهبة ،لكنه من الطبيعي أن يشكل تحالف الحوثيين مع المخلوع إرباكا سياسيا لدى الشارع في اليمن ويفقدهم الثقة بجماعة الحوثي التي ظهرت مؤخرا بقميص بناء دولة مدنية حديثة همها الوطن والمواطن اليمني على الرغم من إنزعاج الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي. أما التحالفات السياسية في اليمن بشكل عام يمكن القول بأنها نادرا ما تأتي من وازع وطني مسؤول بل أجزم بأن الفرقاء السياسيين يلجؤون إليها لتصفية الحسابات مع بعضهم.