لا تبدو جماعة الحوثي في وضعاً يسمح لها بالتمدد والتغلغل أكثر من ذلك خاصة مع اتساع رقعة الرفض الشعبي والاجتماعي لها، في الواقع هي تسيطر على 9 محافظات بالشمال وقد يعتبر البعض ذلك دافعاً لها للتمدد والمغامرة بالسيطرة على مدن اخرى بالتوازي مع الانتصارات السياسية والعسكرية التي حققوها على الارض، غير ان ذلك يعد السبب الرئيسي في نشؤ وتشكل قاعدة من السخط الشعبي الرافض لتواجد تلك الميليشيات ذات الطابع العصبوي المتخلف ،ومع تبقي مأرب وتعز المدينتان اللتان لا زالتا تقفان بحزم وقوة امام التمدد الميليشاوي الذي يحكم قبضته على اغلب محافظات شمال الشمال، مأربالمدينة الغنية بالنفط والتي تحرسها قبائل مدججة بالسلاح والعتاد العسكري وتعز المدينة المدنية التي لا تملك ما تملكه قبائل مأرب عسكرياً غير ان لديها وعي ثقافياً رافضاً لتواجد ميليشيات الحوثي.. من وجهة نظر شخصية اعتقد ان تلك المدينتين قد تشكلان بداية النهاية للحوثيين وقد تزرع الرفض والمجابهة والتمرد على الميليشيات الهمجية عند بقية المحافظات التي لازالت تقبع تحت رحمة الحوثيين، في خطابة الاخير اطل عبد الملك الحوثي وكما هي العادة في اطلالاته التي لا تخرج عن اظهار القوة تحذيراً وترغيباً وترهيباً وهي رسالة تحمل اكثر من دلائل على ان الجماعة هي الطرف الاقوى المسيطر على مجريات الامور وما سواهم لا شيء او كمن يقول (انا ومن بعدي الطوفان)،في الخطاب الاخير للسيد صاحب الخلفية الإيرانية البحتة تناقض يمكنني ان اصفه بالمقرف الى حد ما، الرجل الذي يتغنى بكلمتي السلم والشراكة يتحدث في الوقت الذي تحاصر جماعته منزل الرئيس هادي واعضاء الحكومة وهي نفسها من اختطفت احمد عوض بن مبارك مدير مكتب الرئيس هادي، واصل الرجل اضمحلاله وضبابيته تجاه ما يجري وتحدث مطولاً عن قضية الجنوب الذي سبق وان تحدث عن مظالم ابناء الجنوب وعدالة قضيتهم بيد ان الرجل كشف القناع المزيف الذي ظل يتحدث من ورائه عن مشروعية القضية الجنوبية وحق ابناء الجنوب في تقرير مصيرهم الذي ظل يتحفنا بالحديث عنه مطولاً ،حاول الحوثي ارسال رسائل لأبناء الجنوب بشأن موضوع الوحدة الذي تغير فيه خطابه توازياً مع الانتصارات المتتالية لميليشياته المتخلفة ،الرجل حاول التأكيد على بقاء الوحدة متى ما بقيت جماعته مسيطرة على مسار الوضع ،لا اعرف هل الرجل في كامل قواه العقلية لكي يظهر مدافعاً عن الوحدة التي فشلت بالأجماع وهو بطبيعة الحال احد المتسببين بفشلها.. بعد استقالة هادي من منصبة كرئيس انتقالي لليمن وقبله كانت استقالة حكومة بحاح التي لم تتجاوز فترة عملها ال3 اشهر ،بات الوضع في اليمن ممهداً لما هو مقعد ومرير مع سيطرة ميليشيات لا تعترف بالشراكة والحوار وتنقض العهود والمواثيق وتمتهن اساليب الاقصاء والاعتقال وصولاً إلى حد التصفية لكل ماهو مخالف ومعارض لهم ، من الصعب التكهن بالقادم الذي يبدو مجهولاً بيد ان الاحتمالات جميعها واردة للتنفيذ مع ورود اخبار عن تشكيل مجلس رئاسي او عسكري او عدول الرئيس عن استقالته الذي لا اتمنى إن تتم وبالمقابل فإن تباشير نشؤ ثورة شعبية عارمة على غرار ثورة فبراير 2011 بدت واضحة للعيان ناهيك عن احتمال انبعاث القوى المتضررة من التواجد الحوثي وهو ما قد يمهد لصدام بين تلك القوى التي اقصيت سياسياً وفكرياً من المعادلة السياسية من قبل الحوثي.. على الجانب الآخر تقف جماعة الرئيس المخلوع صالح وتراقب عن كثب تطورات الاحداث بما انها لاعباً رئيسياً مهماً في السيناريو اليمني تماشياً مع موالاة اغلب قوات الجيش للرئيس المخلوع وهي التي ساعدت بشكل كبير الحوثيين لاجتياح صنعاء ومحاصرة منزل الرئيس هادي مؤخراً ،باعتقادي إن صالح وجماعته سعيدة بما حققته من انتصارات والانتقام من القوى التي وقفت ضدهم في ثورة العام 2011 وبواسطة ميليشيات الحوثي التي باتت ورقة يلعب بها صالح تارة للانتقام من خصومة وتارة اخرى للخبطة الاوراق وارباك المشهد السياسي لصالح جماعته التي لم تنسى ما جرى لها في السابق، في احد المرات وصف صالح الحكم في اليمن بأنه كالرقص على رؤوس الثعابين بيد انه في الواقع رقص كثيراً على رؤوس خصومة في السابق بنفسه لكن هذه المرة عاود الرقص مرة اخرى على رؤوس الخصوم عبر ميليشيات الحوثي التي تحالفت مع صالح لدخول صنعاء والسيطرة على الوضع لكن لا اعتقد ان هذا التحالف سيستمر طويلاً وهو ليس إلا تحالف محصور بفترة زمنية محددة حقق فيها الطرفان انتصارات سياسية وعسكرية، اعتقد انهما سيصطدمان ببعضهما البعض ، من غير المعقول ان ينسى الحوثيين الحروب الستة التي شنها صالح عليهم وبالمقابل فإن صالح لن يتركهم يسرحون ويمرحون وهو يقف بلا حراك ..هي معادلة لطرفان يعدان الاقوى حالياً مع فارق ان عفاش يمتلك القوة الاكبر ويتمتع بدراية اكبر واعمق واذكى نظير 33عاماً في الحكم، الحوثي ليس إلا اداة بيد صالح قضى بها على خصومة وبها زادت مطامعه في العودة للحكم على الارض يرى المراقبون والمتابعون ان الحوثي الاقوى لكن الواقع عكس ذلك بتاتا، صالح يتمتع بمكر شديد عكس ميليشيات الحوثي التي لا تمتلك خبرة في التعامل السياسي مع من حولها ،هي ميليشيات مسلحة همجية لا اكثر..