للقناع الديني المنسدل على كافة تحركات القوى المأزومة في الشمال حضور طاغ, تتدرع بلحافه قبل أن تعرك الحرب برحاها جموع المنضويين تحت رأيتها والمناوئين لتحركاتها, فتسبغ على مناصريها ألقاب عديدة تشي بالتأييد الالهي المطلق, واسبال صفة القداسة على تحركات القوى الظلامية ليس وليد اللحظة, فمن خلال أضفاء هالة القدسية على تحركاتها, تجني فوائد جمة لا حصر لها, وكم عانى الجنوبين جراء تلك الرايات التي تلوح في الافق, وتنذر بجرف الاخضر واليابس, وما حرب صيف حرب 94 عنا ببعيدة . فلأجل اغتصاب الجنوب والعبث بكل مقدراته أرضا وانسانا, تدرع الاخوة في الشمال غلالة الفاتحين واصبغوا على أخوتهم الجنوبيين طلاء الكفر والمروق فكان ماكان مما لست أنساه, تهم ملفقة طبخت بليل في مطابخ الساسة الفاتحين, وما أشبه الليلة بالبارحة, عدا أن التهم المجانية المطبوخة على نار منظريهم لنا اليوم قد تعددت أشكالها الكريهة, فتباينت من حيث زاوية التقاط الصورة, لكن درجتها في العته والرعونة على مقياس ريختر تفوق العشر درجات, ولو ولينا وجوهنا شطر الماضي القريب, للمسنا تملصات صدرت من أخوتنا هناك, فالذي غرق في وحل المؤمرة على الجنوب أبان الحرب المنصرمة, علل ذلك بجهله للمنظومة الاجتماعية أو قد يعرض عن تلك الصفحة من حياته فينساها مع طأطأة تنم عن خزي وندم, ومن أعرض عنها واستنكر عد تلك من حسناته. التي لا يفوتها حين يعتلي أي منبر أعلامي, وببروز ذلك على ساحة الاحداث الماضية سرت رياح الرضى بين أوساط الجنوبيين, فأن تخطئ وتدرك ذلك مع المبادرة الى محاولة اصلاح ما سلف خير من أن تسدر في عتهك . لكن فوجئنا مع أن الاقلام لم ترفع والحبر لازال أخضرا نظرا فوجئنا بدعوات نشاز تنتحي رواق الامس الجاف البغيض, فمرة أخرى تنفرج شفاه الساسة في الشمال بذات الوتيرة وعين التهمة الاولى وتستند أيضا الى ذاك المبرر, قتلونا باسم الدين سابقا, بدعوى الشيوعية والالحاد, واليوم نقب منظريهم عن دافع يستقطبون به أجراء الحروب ومتصيدي الفوائد فأضناهم البحث, وهم يؤمنون في أعماق نفوسهم أن وقود أي حرب لا تنبثق من نبع ديني مقدس سيسقط في مهاوي الفشل, ولكي ترفع الراية المقدسة عالية خفاقة, أهتدى الدهاة المنظرون لتهمة مشاكهة لتلك, لكن بنقلة نوعية وبدرجة 180 من النقيض الى النقيض الأخر, من الشيوعية والالحاد الى القاعدة والدعوشة, نقيضين لا يلتقيان ولا يتفقان . فالحرب دائما وأبدا تدار بتلك الوتيرة, شعبان أحدهما يملك ساسته صكوك الغفران فيهبها لمن يشاء ويصرفها عمن يشاء, والشعب الآخر على النقيض تماما لصورة الاسلام, قتلونا قديما باسم الشيوعية واليوم تحضر جحافلهم للانقضاض على الجنوب باسم القاعدة والقضاء على الارهاب, فرفقا بالجنوبيين فقد أوصدتم كل الدروب عليهم, فعلى أرض الواقع وفي الجانب المعاش نجدهم يمثلون الطرف المهمش والهامشي, وفي الجانب الروحي والاخروي كفار قديما وخوارج حديثا, أو ليس في هذا جشع مبالغ, حيث يمتلك أخي الدنيا والجنة وأنا الرغام والجحيم .