سيطرت قوات تابعة للجيش اليمني بدعم من ميليشيات مسلّحة، معظمها من محافظة أبين، على مطار عدن وعلى معسكر القوات الخاصة التي كانت تعرف في الماضي ب”الأمن المركزي”. وقام الحوثيون أمس بقصف القصر الجمهوري في عدن الذي يتخذ منه الرئيس عبدربه منصور هادي مقرا له عن طريق طائرات حربية. وأكدت مصادر خاصة ل”العرب” من مدينة عدن أن الرئيس هادي تم نقله إلى مكان آمن. وتسارعت الأحداث يوم أمس بشكل يشير إلى أن الشرخ بين الشمال والجنوب بدأ يتسع ويتعمّق أكثر فأكثر. وقاد القوّات التي سيطرت على معسكر القوات الخاصة والمطار اللواء محمود الصبيحي، وزير الدفاع في حكومة خالد بحّاح الذي انتقل أخيرا من صنعاء إلى الصبيحة (مسقط رأسه) القريبة من عدن. وتمكنت قوات الجيش و”اللجان الشعبية” الآتية من أبين، مسقط رأس الرئيس هادي، من السيطرة على معسكر القوات الخاصة الذي كان بقيادة العميد عبدالحافظ السقّاف الذي كان محسوبا على الرئيس السابق علي عبدالله صالح. ويعتبر سياسيون يمنيون أن ما حصل في عدن يعزّز وضع الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور الذي كان عيّن بديلا عن السقّاف في قيادة المعسكر. لكنّ السقّاف تمرّد على قرار هادي وأصرّ على البقاء في قيادة المعسكر الذي معظم عناصره من مناطق شمالية، علما أن السقّاف نفسه من منطقة الوسط التي عاصمتها تعز. وكان المعسكر التابع للقوات الخاصة يشكّل آخر رمز للوحدة اليمنية في عدن، أهمّ مدن الجنوب اليمني، خصوصا أنّه كان يضمّ عددا كبيرا من العناصر الشمالية. وتشكل سيطرة الجيش اليمني على المعسكر بدعم من “اللجان الشعبية” التي تضمّ عناصر “جهادية”، ضربة لعلي عبدالله صالح، في حين تصبّ بطريقة أو بأخرى في مصلحة الحوثيين الذين يركّزون حاليا على تأكيد سيطرتهم على القرار السياسي والأمني في صنعاء. وفسّر السياسيون اليمنيون الذين تحدّثت إليهم “العرب” قصف طائرة انطلقت من صنعاء القصر الرئاسي في عدن، بأنّه رسالة من “أنصار الله” فحواها أنّهم باتوا يسيطرون على سلاح الجو اليمني بعدما وضعوا على رأسه قائدا مواليا لهم، بعد عزلهم لقائد السلاح الذي رفض تنفيذ أوامرهم. وأشار هؤلاء إلى أنّ الوحدة اليمنية باتت آخر ما يهمّ الحوثيين، خصوصا أنّ إيران التي تدعمهم مهتمّة يإيجاد موطئ قدم لها في اليمن بغض النظر عمّا إذا استمرّت الوحدة أم لا. ويفسّر هذا الموقف الإيراني العلاقة التي أقامتها طهران مع “الحراك الجنوبي” الذي يدعو صراحة إلى الانفصال والعودة إلى ما كان عليه الوضع قبل الوحدة التي أعلنت في الثاني والعشرين من مايو 1990. وقال ضابط كبير متقاعد تحدّثت إليه “العرب” إنّ مثل هذه الغارات على المعاشيق لا قيمة عسكرية لها، بل هي مجرّد إشارة إلى الطرف الذي صار يمتلك القرار العسكري في صنعاء. وقال المحلل السياسي الجنوبي منصور صالح في تصريح خاص ل”العرب”: أعتقد أن أهمية الانتصار الميداني الذي حققه الجيش واللجان الشعبية في إنهاء تمرد العميد، تكمن في أنها تقدم رسائل مهمة أهمها أن اللواء الصبيحي ومن خلفه الرئيس هادي مازالا يملكان قوة عسكرية مؤثرة. وأضاف المحلل الجنوبي أن المواجهة كشفت عن أن “الحديث عن اختراق حوثي للجنوب وعدن تحديدا أثبتت الوقائع عدم صحته، فلو أن ذلك كان حقيقة ما كانت قوات الأمن المركزي تهاوت سريعا وبهذا الشكل المدوي”. واعتبر نجيب غلاب رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات أن “مسألة إسقاط السقاف كانت ضرورة لابد منها بالنسبة لهادي وداعميه والفوز فيها بداية لتجذير قوته وإثبات قدرته”. وأشار غلاب إلى أن “هذه هي المعركة الأولى لهادي والانتصار فيها سيمكنه من إثبات شرعيته وإعادة ترتيب الأوراق بما يمكنه من إضعاف الحوثيين ليس في عدن بل وفي صنعاء وهي بداية لإعادة ترتيب المؤسسة الأمنية والعسكرية”.