لطالما بقينا نتغافل بقدر جَهلنا حيال تهويلاتٍ شتى , تحيط بنا من هنا وهناك , حيثُ ألمُنا يتوزع شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً , وهنا يصعب علينا توزيع الأسى والحزن في الجهات الأربع , وهل تقوى الذاتُ على تقبل واستيعاب مجريات ما يجري , وبأي منهج أو نظرية يمكننا النجاة من هول هذه الفجائع . حيث صراع الأمكنة والأزمان والأنساق , صراع الداخل والخارج , صراع الوطنية المشتتة ووطنية الأهام المتدفقة من خارج إرادة المجتمع , فلم يعد تستهويه التهويمات التي يبديها كل طرف , مبرراً فعله بحسب مرجعيته الخاصة وليس مرجعية المجتمع ودوافعه . كلٌّ يحسبُ خسارتَه وعدَّنه بحسب مَنطِقِه هو, وليس مَنطِق المجتمع , فقد نكونُ نحنُ خساراتٌ لا تنتهي , لكنها لا تهمُّ طرفاً ما متصارعاً , لا يعدها من ضمن مفقوداته , وهكذا هي كوراث السياسة التي يخسر فيها الوطن ,سواء كان أي طرف منتصراً أو منكسراً . ووفق معطيات اللحظات القاتلة التي يعيشها اليمنيون , يتلبسهم الخوف والقلق ليس على لحظاتهم المنوطة بهم حالياً وإنما كأنه فقدان حياتهم للأبد حتى لو كانوا ما يزالون أحياءً .ففي أشهر معدودة يخرج سكان صنعاء من المدينة إلى مناطق أخرى خوفاً على حياتهم للمرة الثالثة , نتيجة لنشوب صراعات داخلها . أيتها الخيبات ! كفى عبثاً بالحلم , كفى عبثاً بالمستقبل , ففي ظل هذا , لم تعد الحياةُ مجديةً بالنسبة لنا لحظة أننا ننشدها لنا ولكم سوية , فلا تذهبوا بها بعيداً , تمهلوا قليلاً .