احتفل الإيرانيون في الشوارع ابتهاجا بالاتفاق الإطاري النووي الذي يمكن أن يعيد بلدهم إلى الساحة الدولية والذي وصفه الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأنه "تفاهم تاريخي". لكن دبلوماسيين عالميين بارزين أشاروا إلى أن العمل الشاق يلوح في الأفق في سبيل التوصل إلى اتفاق نهائي. والاتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه يوم الخميس بعد محادثات دامت ثمانية أيام في سويسرا يمهد الطريق أمام مفاوضات على تسوية تهدف إلى تهدئة مخاوف الغرب من احتمال سعي إيران لصنع قنبلة ذرية في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها. ويمثل الاتفاق أهم خطوة باتجاه حدوث تقارب إيراني أمريكي منذ الثورة الإيرانية عام 1979 وقد ينهي عقودا من العزلة الدولية لإيران. لكن الأمر مازال يتطلب عمل الخبراء على تفاصيل صعبة على مدى ثلاثة أشهر. وقال دبلوماسيون إن الاتفاق قد ينهار في أي لحظة قبل انقضاء مهلة في نهاية يونيو حزيران. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس "لسنا في نهاية الطريق تماما ويجب أن تكون نهاية الطريق في يونيو. لن يوقع أي شيء إلى أن يتم التوقيع على كل شيء لكن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح." وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يحظى بدعم وسط الجمهوريين الذين يسيطرون على الكونجرس الأمريكي إن القوى التي تتفاوض مع إيران يجب أن تضيف مطلبا جديدا وهو أن تعترف طهران بحق إسرائيل في الوجود. وبموجب اتفاق يوم الخميس ستخفض إيران مخزوناتها من اليورانيوم المخصب الذي يمكن استخدامه في صنع قنبلة وتفكك معظم أجهزة الطرد المركزي التي يمكن أن تستخدمها في تخصيب المزيد. وستمنع عمليات تفتيش دولية حثيثة إيران من انتهاك بنود الاتفاق سرا. وقالت واشنطن إن التسوية ستمدد الفترة اللازمة حتى تصنع إيران قنبلة إلى عام كامل بدلا من شهرين أو ثلاثة في الوقت الحالي. وبالنسبة لإيران فإن الاتفاق سيؤدي في النهاية إلى رفع العقوبات التي أدت إلى خفض صادرات النفط التي تدعم اقتصادها بأكثر من النصف على مدى السنوات الثلاث المنصرمة. لكن عقودا من العداء لا تزال قائمة بين البلدين إذ وصفت طهرانالولاياتالمتحدة بأنها "الشيطان الأكبر" بينما وصفت واشنطنإيران بأنها جزء من "محور الشر". وسيتعين على كل من أوباما والرئيس الإيراني حسن روحاني الترويج للاتفاق بين المتشككين إزاءه في الداخل. وطالب الجمهوريون في الولاياتالمتحدة بأن يمنح الكونجرس الذي يسيطرون عليه الحق في مراجعة الاتفاق. "أمريكا تحت أقدامنا" وانطلقت الاحتفالات في طهران بعد التوصل للاتفاق. وأطلقت أبواق السيارات في شوارع العاصمة الإيرانية بينما صفق ركابها فرحا. وأشار رجال دين محافظون يوم الجمعة إلى تأييدهم للاتفاق ومنهم الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي الذي تتجاوز سلطاته سلطة الرئيس المنتخب. وفي خطبة الجمعة بجامعة طهران قال الخطيب آية الله محمد إمامي كاشاني وهو رجل دين محافظ يبلغ من العمر 78 عاما إن خامنئي يدعم فريق التفاوض. ووصف الخطيب فريق التفاوض بأنه "حازم وحكيم وهادئ". وهنأ روحاني ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. لكنه ألقى الخطبة من منصة كتبت عليها عبارة للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله روح الله الخميني تقول "سنضع أمريكا تحت أقدامنا." وفي إشارة إلى أن إيران لن تنفذ التزاماتها إلا إذا التزم الغرب قال إمامي كاشاني "إذا أخلفتم وعدكم فستنقض إيران وعدها." ووصف أوباما الاتفاق بأنه "تفاهم تاريخي مع إيران" وشبهه باتفاقات الحد من التسلح النووي التي عقدها رؤساء أمريكيون سابقون مع الاتحاد السوفيتي وجعلت "عالمنا أكثر أمانا" أثناء الحرب الباردة. لكنه حذر ايضا من أن "النجاح ليس مضمونا." وبانضمام روسيا والصين إلى الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في توقيع الاتفاق وترحيب دول عربية سنية به بحذر فإن الدولة الوحيدة التي أعلنت معارضتها له هي إسرائيل. وأبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غضبه من ترتيب يرى أنه قد يؤدي إلى انتشار نووي وحرب. وأضاف نتنياهو في بيان "تطالب إسرائيل بأن يتضمن أي اتفاق نهائي مع إيران التزاما إيرانيا واضحا لا لبس فيه بحق إسرائيل في الوجود." وكان نتنياهو قد تحدث هاتفيا مع أوباما في وقت سابق وقال إنه "يعارض بشدة" الاتفاق. وفي بيان صدر بعد المكالمة قال نتنياهو إن توقيع اتفاق يستند إلى اتفاق الإطار المعلن في لوزان "سيهدد بقاء إسرائيل". وأضاف "الاتفاق سيضفي شرعية على برنامج ايران النووي ويعزز اقتصاد ايران ويزيد من عدوان ايران وارهابها في جميع أنحاء الشرق الأوسط وخارجه. "سيزيد مخاطر الانتشار النووي في المنطقة ومخاطر اندلاع حرب مروعة." وكانت السعودية أكثر حذرا وأعلنت تأييدها للاتفاق لكن مشاعر الارتياب لديها لا تزال عميقة. وأطلقت الرياض حملة قصف قبل نحو أسبوع ضد حلفاء لإيران في اليمن. وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إن من السابق لأوانه الاحتفال بالاتفاق. لكنه قال إيضا إن إسرائيل يجب أن تدرس الاتفاق بعناية أكبر قبل أن تعارضه. وبعد انخفاض أسعار النفط العالمية بشدة خلال العام المنصرم هوت الأسعار مجددا أمس الخميس بسبب احتمال تمكن إيران من زيادة صادراتها. وانخفض خام برنت ما يصل إلى خمسة في المئة قبل أن يتعافى. وقال فابيوس إن الاقتصاد الإيراني سيجني 150 مليار دولار من تخفيف العقوبات. وأضاف "سترون أن هناك ردود فعل إيجابية كثيرة في شوارع إيران وأعتقد أنها حقيقية وليست مختلقة. فالإيرانيون .. الناس والشبان ينتظرون شيئا وتجب الإشارة إلى هذا." وقال العاهل السعودي الملك سلمان لأوباما في مكالمة هاتفية يوم الخميس إنه يأمل في التوصل إلى تسوية نهائية للنزاع النووي تؤدي إلى "تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم". لكن السعودية ودولا عربية سنية أخرى تخشى من التداعيات الأوسع لاتفاق يصب في مصلحة إيران التي يعتبرونها منافسا يحاول توسيع نفوذه.