مع تزايد عدد الغارات التي يشنها التحالف العربي على مواقع الحوثيين، يبدو أن الحرب الأهلية التي تعم اليمن تتحول أكثر فأكثر إلى حرب إقليمية. ووفق خبراء روس، ليست الأزمة نزاعاً بين الشيعة والسنّة، على ما يبدو للوهلة الأولى... فالمملكة العربية السعودية أعلنت أن سبب الحملة تصرفات إيران وتدخلها في اليمن ودعم الحوثيين. ويقول غريغوري كوساتش، خبير روسي ودارس الاجتماعيات في جامعة العلوم الإنسانية الروسية، أن أحد أسباب احتدام الصراع هو تعاظم التوتر بين إيران والسعودية، أمّا العامل المذهبي فما هو إلا عامل مؤجج للخلافات السابقة وذريعة للمواجهة. ويشير كوساتش إلى أن الزيديين بعيدون عن المذهب الشيعي الإمامي الغالب في إيران. ويرى الخبير الروسي أن طهران لا مصلحة لها في التورط في أي صراع عسكري في وقت تمضي مفاوضات الملف النووي الإيراني على قدم وساق وتشارف على إبرام اتفاق. وفي هذا السياق، جلّ ما يسع طهران القيام به اليوم هو تقديم دعم معنوي إلى الحوثيين وليس دعماً عسكرياً ولوجستياً. والأغلب أنها لن تتدخل عسكرياً.
ويوافقه الرأي، المستشرق ليونيد إيساييف الخبير في شؤون الشرق في كلية الدراسات العليا في العلوم الاقتصادية. ويتحدث عن مخاوف من تقسيم اليمن.
وتتردد ارتدادات النزاع اليمني خارج اليمن. فهذا الصراع قد يؤدي إلى تبعات خطيرة على المستويين الإقليمي والدولي.
فالمجتمع الدولي لا يرغب في نشوء منطقة أخرى مضطربة تكون مصدر تدفق الجماعات المسلحة واللاجئين إلى دول الجوار. ويرى كوساتش أن اليمن لطالما كان من الدول المتخلفة. فبناه التحتية متهالكة ومتخلفة. وتفاقمَ بؤسه اليوم مع الدمار الناتج عن الحرب. وعبّرت روسيا عن قلقها إزاء احتدام الصراع وعارضت التدخل، ونادت بحلّ ديبلوماسي للأزمة. وكما في حال سورية، طالبت موسكو باحترام المبادئ الأساسيّة للقانون الدولي، أي سيادة الدول الأخرى وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وترى موسكو أنّ تأجيج صراع آخر في المنطقة هو تصرف غير مسؤول. وسبق لموسكو أن دعمت سورية وإيران، ورفضت أي تدخل خارجي في شؤونهما. لذا، تجد اليوم نفسها مجدداً تدعم الطرف الشيعي من النزاع.
وعلى رغم انتهاج الولايات المتّحدة مقاربة حذرة إزاء الأزمة اليمنية، أعلنت عن دعم حلفائها التقليديين في المنطقة. وهكذا وجدت روسياوالولايات المتّحدة مجدداً نفسَيهما على طرفي نقيض من الصراع. ويرى الخبراء، أن توتر العلاقات بين موسكو وواشنطن بلغ حدّه الأقصى. بالتالي، لا مناص من اندلاع مناقشات حادة بينهما في مجلس الأمن. وفي الأحوال كلها، لن يتجاوز الخلاف هذا مناوشات ديبلوماسية. فاليمن بلد هامشي، في وقت إن الأزمة الأوكرانية هي من أولويات روسيا وهي مصدر خلاف أكبر وأوسع. وعلى خلاف سورية، لن يتحول اليمن إلى نقطة احتقان أو حجر عثرة بين روسيا والغرب. وخلاصة القول أن موسكو وواشنطن تريدان للحرب اليمنية أن تنتهي على وجه السرعة. الأميركيون وحلفاؤهم لا نية لديهم لإضاعة وقتهم أو تبديد مواردهم هناك، بينما الروس يشعرون بالقلق إزاء ظهور بؤرة أخرى من بؤر الاضطراب في الشرق الأوسط. وأعتقد أنّ موسكو مستعدة لإدارة مناقشات محايدة واستقبال حوار محايد إذا طلب منها.
* خبير في العلاقات الدولية، عن موقع «راشا بيوند ذي هيدلاينز» الروسي، 21/4/2015، إعداد علي شرف الدين * نقلاً عن " الحياة"