ستظل أنت نبض قلبي.. ستظل الدماء التي تنساب في أوردتي.. ستظل روحي التي تسكن حنابا جسدي..ستظل ذلك العبير الذي يصعد من أحشائي..موطني (الجنوب) أقولها بملء فمي, دون رهبة, دون خوف, دون وجل,أقولها وأعتز بأني (جنوبيّ) الهواء والهوية, مهما تكالبت عليك الهموم, مهما فتكت بك الآلام, مهما كثرت بك الطعنات, مهما خانك من أسكنتهم يوما أحضانك.. وطني ( الجنوب) إن عاث فيك الأعادي, إن دمرك الحاقدين, إن قتلوا أبناؤك, إن شردوهم, إن نكلوهم, إن أحالوك إلى أطلال نندبها وذكرى نتمناها, إن لم يسكنك سوى الأشباح, ولم (يجس) فيك سوى أنفاس الموت, فلن ينتزعوك من دواخلي, ولن أنسلخ منك أبد الدهر.. أنت لست مجرد انحناءة قلم, لست أحرف خرساء,لست كلمات صماء, لست نزوة, ولست حكاية نقصها ونلقيها على الأسماع, ولن تكون رواية يتداولها القراء,أنت (عشق) لاينتهي, (وحب) عذريّ ينمو مع ربيعات عمري, ويتجدد مع سنوات حياتي, أنت أحلام الطفولة التي (تجيش) بها صدورهم الصغيرة, وأمنياتهم الغضة الطرية.. أنت من نستنشق عبيرك كل صباح, أنت من تهفوا نسائمك الباردة على ملامحنا فتبعث بداخلنا الحيوية والنشاط والسعادة, أنت من تغازلنا شواطئك, وتغرينا حدائقك ومتنزهاتك, أنت من تبعث فينا شوارعك (المكتظة) بالراجلين وبالمركبات النشوة والفرحة والأنشراح, أنت يا موطني تسكنني, تستعمرني, تتملك مشاعري,جوانحي, أحاسيسي.. أراك ياوطني في قسمات الشيوخ وهم يفترشون (حشيش) حدائقك, وفي ضحكات (المسنات) وهن يداعبن الأطفال, وفي صرخات (فلذاتنا) وهم يسرحون ويمرحون ويصنعون من رمال البحر قصورهم وينسجون فيها أحلامهم (المخملية), أراك في أمواج البحر حين تروح وتغدوا, وحين ينصت لكل تلك الأرواح التي تشكوا إليه وتبث همهما وحزنها وهو يخاطبهم بصمت أبلغ من لغة البوح.. أنت من لايعرف الغزاة معناه, فهم لم يسكنوا أوطان أو تسكنهم أو تعش بداخلهم, لا يعرفون سوى السلب والنهب والفيد (والخبث) السياسي والمكر والخديعة ولغة السلاح والدم, لايعرفون ماذا يعني عشق الأوطان حد الثمالة وحبها حد الأدمان,سنعلمهم ياوطني كل هذا حتى و إن غدونا نحن (رميم) وغدوت أنت ركام, وتحولت حياتنا إلى (جحيم) سنعلمهم أنه لا يهمنا أن (نفنى) جميعا ويحيى (الجنوب), سنعلمهم كيف نهب الغالي والنفيس ويظل (جنوبنا) شامخا أبيا, سنعلمهم أن من يحيي الأوطان هو الوفاء والتضحية والإخلاص..