قال الحكماء قديماً بان "الإنسان دائماً يحصد ما زرع"، فمن غير المنطق وغير الموضوعي ان يحصد ثمار ما لم يزرعه، وعند قراءة الواقع الذي تشهده الساحة المحلية هذه الأيام، نجد ما يحصل اليوم هو ناتج طبيعي لكل ما زُرع خلال العقود الثلاثة الماضية، وتحديداً عندما نقراء ونحلل مراحل واحداث الفترة الماضية بعمق وتفكير واسع. خلال الثلاثة العقود الماضية، ساهم آبائنا بقصد او من دون قصد بزراعة ما نحصده اليوم من حرب و ذمار وخراب وإقتتال، وللأسف الشديد هذا هو ناتج طبيعي لعقود طويلة من الفساد بكل انواعه واشكاله وطرقه في بناء مؤسسات الدولة التي شهدنا جميعاً كم هي هشه ولا تستطيع الوقوف أمام ابسط العواصف التي بينت لنا هشاشه بنيانها، رغم كل ما قيل عنها خلال ثلاثه وثلاثون عاماً من البناء والعمل كما كانوا يزعمون. العديد من الدول الشقيقة والصديقة خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي بدأت بتأسيس مشاريعها الوطنية بعيدة المدى، فأسست المدارس والمؤسسات الخدمية والجامعات في المدن الحيوية، وقامت بعمل دراسات واسعة لتطوير اقتصادها وبنيتها التحتية، وبنا غد افضل لأجيالها الصاعدة، مقارنه بما تم على ارضنا فبدلاً من بناء المدارس والجامعات والمؤسسات الخدمية، وتطوير الإقتصاد والبنية التحتية، انتشرت مباني للمؤسسات العسكرية والأمنية في أحياء مدننا السكنية، الذي ما أن تمر في حي او منطقة سكنيه ترى محيط هذه المؤسسات العسكرية التي يوحي لناظرها بالمستقبل المظلم الذي ينتظر الأجيال الصاعدة. فلم اقراء في كتب التاريخ ان هذه المؤسسات "اي العسكرية" التي صرفنا عليها مبالغ طائه من قوت الشعب بأنها اخرجت لنا اطباء او مدرسين او مهندسين او اداريين ...الخ، والذي تحتاجها اي أمة لتنهض وتزدهر وتتقدم، وتطور عجلة البناء والتنمية في وطنها، على العكس منذ ذلك فمعظم الأمم التي ينتشر بها فكر عسكرة الحياة المدنية تصل إلى مرحلة حتمة في إستهلاك هذه الترسانه العسكرية التي قامت بجمعها او صناعتها، سواء بقتل ابنائها عن طريق الزج بهم في الحروب الخارجية كما حصل مع الألمان واليابانيين في الحرب العالمية الثانية، او استخدامها للإقتتال الداخلي كما هو حاصل معنا هذه الأيام. أحاول التفكير لما جرى ويجري وسوف يجري في المستقبل، وكل مرة اخرج بهذه النتيجة وهي عبارة ان ما يحصل اليوم هو ناتج طبيعي قام الآبناء بزرعه منذ عقود، ونحن اليوم نحصد ثمار ما تم زراعته في تلك الأيام، لذا علينا نحن الشباب، وتحديداً الجيل الصاعد ان نفكر ملياً وطويلاً بما سوف نزرعه، لانه في يوم من الأيام سياتي اليوم لأجيالنا الصاعدة التي سوف تجني ثمار ما قمنا بزراعته.