لست ممن يهوى الرد والتعقيب على مشايخ علمٍ لهم وزنهم ومكانتهم بين المسلمين لكن حينما يصل الأمر بأحدهم أن يتكلم فيما لا يحسن حتى يصدق عليه (من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب ) وتكون النتيجة الخلط العجيب وإصدار الأحكام دون معرفةٍ كاملة وتصور شامل بأطراف الموضوع الذي يتحدث عنه (والحكم على الشيء فرع عن تصوره) فهنا وجب الرد والتنبيه وهذا ما ينطبق على تغريدات فضيلة الشيخ/ عوض القرني بعد أن دخل شِعباً غير شِعب مكة فتاهت تغريداته في متاهات الجنوب وقضايا الوحدة والانفصال فلم يكن موفقاً فيها بحسب تقديري. ليت الشيخ على جلالة قدره استشار أهل الشأن من علماء الجنوب ممن لهم دراية بالوضع ومتابعة للموضوع وأظن أنه يعرف الكثير منهم لكنه كان يستمع إلى صوتٍ واحدٍ غلب على تغريداته فبدت كأنها نسخ ولصق أو رجع صدى دون تمحيص وتدقيق!!. تغريدات الشيخ القرني تدور في مجملها حول ربط الانفصال بالاشتراكيين وإيران وظل يدندن حول هذا الأمر الذي لقنه تلقيناً حتى كادت تغريداته الكثيرة التي خصصها لهذا الأمر لا تنفك عن هذا بأساليب مختلفة !!. والعجيب الغريب أن يستدل الشيخ الأصولي حامل الدكتوراة في أصول الفقه ببعض الصور الفوتوغرافية منها صورة لمسيرة حوثية في صعدة يظهر فيها علم الجنوب ليكون هذا كافياً عند الشيخ الأصولي كدليلٍ قطعي الثبوت والدلالة على أن وراء الانفصال الحوثة ومن ورائهم إيران!!!. لقد نسي الشيخ أن الحوثيين أذناب إيران جاؤوا للجنوب برجالهم وسلاحهم ليكملوا السيطرة على بقية اليمن ويفرضوا الوحدة بقوة السلاح لا أن يقفوا في حدود ما قبل 1990م دعماً للانفصاليين حسب تغريداته !!. وإذا سلمنا جدلاً بهذا المنطق العجيب والاستدلال الغريب فمن حقنا أن نسأل الشيخ عوض: تُرى من الذي قاتل ويقاتل الحوثة اليوم على أرض الجنوب؟!! من الذي مرغ أنوف الحوثيين بالتراب ونكَّس أعلامهم وحطم أحلامهم في عدن والضالع وشبوة بعد أن استولوا على أغلب محافظات الشمال واستسلم لهم أهلها وفتحت لهم معسكراتها كغنيمة باردة ؟!! من الذي أسقط مشروع إيران في اليمن كله بهزيمة الحوثيين في عدن؟. الشيخ عوض عنده الجواب الكافي على سؤالنا وقد ضمنه تغريدةً من تغريداته يرسلها ( تحيةً للمقاومين في عدن من أنصار الشرعية وفي مقدمتهم قائدهم الإصلاحي المحافظ الجديد) فأنصار الشرعية والإصلاحيون هم المقاومون وحدهم في عدن ولهم التحية دون غيرهم ولم يكلف الشيخ نفسه قبل كتابة تغريدته هذه أن يرسل تحيةً مثلها لأنصار الشرعية من الإصلاحيين في صنعاء وقد كانوا أكثر عدةً وعتاداً واستعداداً ورجالاً فتبخروا من الأرض حين دخل الحوثي صنعاء فاتحاً واختفوا ولم يظهروا إلا نازحين خارج بلادهم!!. ولم يبحث الشيخ عن بيان حزب الإصلاح الذي أصدره في تأييد عاصفة الحزم ويسأل: لمَ صدر البيان من حزب المقاومة والممانعة متأخراً جداً عن بداية العاصفة؟!! الشيخ تسيطر عليه فكرة ( إن رموز الانفصال الرئيسية في الجنوب هم علي ناصر الحليف لبشار وحزب الله وعلي البيض المدعوم والمحتضن من إيران وحزب الله) و (أن قناة عدن لايف التابعة للحراك الجنوبي تبث من جنوبلبنان ) فالشيخ يختزل دعاة الانفصال في هؤلاء ولا يعرف سواهم مع أن بلده مستضيف لحيدر العطاس وعبدالرحمن الجفري وغيرهم وهم من رموز الانفصال. فإن كان البيض وناصر محسوبين على إيران فالعطاس والجفري محسوبون على السعودية!!. ولا يعرف الشيخ القرني أن البيض غادر لبنان وأن قناة (عدن لايف) تمت قرصنتها من اتباع إيران وأن سبب الخلاف كان سقف الانفصال الذي لم يرضَ به الحوثيون ومن خلفهم إيران الذين يريدون ابتلاع اليمن كاملا بشطريه بحيث لا ينجو من قبضتهم الشطر الأكبر مساحة والأهم جغرافيا! ونضيف لعلم الشيخ أن هناك قناة أخرى تسمى (صوت الجنوب) تدعو للانفصال لكنها ليست مدعومة من إيران فليطمأن!!. وإذا كان الشيخ يرى أن رفع علم في مسيرة حوثية دليل على ارتباط الحوثيين بالانفصال فماذا سيقول عن رفع الحوثيين لأعلام دولة الوحدة في مسيرتهم الشيطانية لغزو الجنوب وإذلال أهله ؟! أليس هذا دليل على خطأ تغريداته؟. ويستمر الشيخ على هذا المنوال الخاطئ في الاستدلال حين يزعم ( أن الخليجيين والشماليين والجنوبيين كلهم مع وحدة اليمن وضد تقسيمه إلا الحوثيين في الشمال وبعض الاشتراكيين في الجنوب ) فهذا التعميم غير المنطقي ولا المقبول والمخالف للواقع يعطي فكرة على أن الشيخ بنى نتائجه على مقدماتٍ خاطئة ومن حقي أن أسأل سيادته: من أي مصدر استقيت هذه النسبة الكلية فكلهم مع الوحدة إلا الحوثيين وبعض الاشتراكيين!!؟ أي مركز دراسات هذا الذي استخلصت منه معلوماتك؟ أخشى أن يكون كل ما في الموضوع ( عنزة وإن طارت ) فحتى الحوثيين ضد دولة الوحدة إذن فلماذا يقاتلون في الجنوب ياسيادة الدكتور؟! هل تراهم يريدون أن يمنحوا الجنوبيين الانفصال بالقوة والجنوب يرفض؟!. إن استدلالات الشيخ القرني في تغريداته على ارتباط الانفصال بالحوثيين ومن بعدهم إيران غريبة عجيبة أربأ بأصولي مثله أن يوردها صفحته وينشرها باسمه فمن استدلالاته صورة من صفحة حسن زيد علق عليها الشيخ بقوله: (هذا تصريح وخبر للمفكر والسياسي الأول لدى الحوثيين حسن زيد يؤكد أنهم مشروع تفتيتي لمصلحة إيران). هكذا التسرع في الاستدلال بأي طارفةٍ أو شاردة مع أن حسن زيد نفى أن يكون المنشور صادر عنه وتبرأ منه وأعلن أن الصفحة مزورةً وليست له لتتهافت التغريدة صورة وتعليقا وما بني على باطل فهو باطل يادكتور عوض. يزعم الشيخ فيما يزعم أن ( دعاة الانفصال يطرحون شعارات عاطفية براقة لكنهم لا يقدمون أي حقائق أو وقائع بالأدلة والبراهين والأرقام ) نعم دعاة الانفصال عاطفيون وماذا عن دعاة الوحدة ؟! إذا فشلت الوحدة وأصبح من الصعب العيش بين الشطرين الذين توحدا على اتفاقات واضحة ماذا نفعل حينذاك؟! ألم تفشل وحدات عربية من قبل وكلٌ سلك سبيله ولم يزعم أحدٌ من الناس ما زعمته اليوم من أن الوحدة عقل والانفصال عاطفة. ثم كيف تزعم أن لا حقائق أو وقائع بالأدلة والبراهين لدعاة الانفصال يبررون به دعواهم هل قرأت مقالات دعاة الانفصال لتخرج بتلك النتيجة. أتمنى أن تقرأ بعض المقالات التي كتبت في ذلك لترى المسوغات التي يطرحها دعاة الانفصال ثم تناقشها وترد عليها. المشكلة فيمن يتكلم عن الوحدة من علماء المسلمين اليوم أنهم يخلطون بين الوحدة بين المسلمين والتي يمكن أن تتحقق دون أن يتوحدوا مناطقياً وسياسياً وبين الوحدة القائمة على الأساس السياسي أو المناطقي فينزلون الأدلة على وحدة المسلمين وأخوتهم على الوحدة السياسية وتنزيل الأحكام في الواقع أمر شائك ومن ليس له اطلاعٌ كافٍ بالقضية المعينة من جميع أبعادها لا ينبغي له أن يتصدر لها وليتركها لمن هو أهلٌ لها وظني أن هذا الأمر يحتاج لمجامع وهيئات علمية شرعية. وأخيراً: بقيت هناك بعض الأسئلة الخفيفة يسألها الشيخ وسأجيب عليها باختصار من ذلك سؤاله: (سؤال للانفصاليين الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الدفاع الذين سلموا الحوثي العاصمة والجيش والدولة بلا مقاومة جنوبيون أم شماليون ). سؤالك وجهته للانفصاليين والانفصاليون لا يعترفون بمن ذكرت بل يعتبرونهم عائقاً أمام حلم الانفصال وربما اعتبروهم خونة للقضية الجنوبية وعرقلوا مسيرتها فليس في سؤالك حجة على الانفصاليين فحذف التغريدة أفضل من نشرها. سؤال آخر للشيخ: ( أعطونا اسم قيادي انفصالي مشهور واحد استشهد في مقاومة الحوثيين وعفاش الآن أو حتى يقاتلهم في الميدان ) لست أدري ما المقصود بسؤالك فإن كنت تقصد أن من يقاتل الحوثة ليسوا من أصحاب التوجه الانفصالي كما صرحت في تغريدتك السابقة فقد شرقت وغربت لأن الأعمش الذي لا يبصر إلا بصعوبة سيرى أعلام الجنوب ترفرف فوق كل الجبهات التي تقاتل الحوثة في الجنوب وهذه الأعلام قطعاً لا يرفعها أنصار الشرعية ولعلنا نعذر الشيخ إذ لم يطلع على شيء من تلك الصور الكثيرة فقط صورة واحدة ركز عليه الشيخ فيها يرفرف علم الجنوب في مسيرة للحوثيين بصعدة!!. (سؤال لكل ضعفاء الذاكرة – بحسب تعبير الشيخ - هل يوجد أي حزب يمني أصدر بيانا رسميا من قيادة الحزب لتأييد عاصفة الحزم غير حزب الرشاد وحزب الإصلاح؟). حسب ذاكرتي الضعيفة أيدها في بدايتها بالفعل لا بالبيانات كل أبناء الجنوب وقاتلوا وقتلوا وضحوا ولكن للأسف فمعظم المؤيدين لها في الجنوب من الانفصاليين في حين تأخر بيان الإصلاح عن التأييد لأسبوعٍ كامل حيث صدر البيان في 3/4/2015م في حين انطلقت العاصفة في 26/3/2015م. وياحبذا أن تطلق تغريدة ياشخ عوض تسأل فيها عن سر هذا التأخر!. لقد غرَّد الشيخ القرني فانهالت عليه التعليقات مؤيدةً ومخالفةً لكنه حكم على المخالفين له أنهم (جبهة من الحوثيين والعفاشيين والاشتراكيين الانفصاليين والقاعدة والجامية)! هكذا يصدر الشيخ أحكامه دون أن يعرف من يرد على تغريداته ففي تصوره كل من يدعو للانفصال إما اشتراكي أو حوثي ومن يرد عليه هم الاثنان السابقان بزيادة القاعدة والجامية , فعظم الله أجورنا في البحث العلمي وآلياته!!. نصيحتي للشيخ القائل: (ليكن الحوار عقلانيا ) أن يكون طرحك عقلانيا أولاً قبل أن تكون الردود كذلك والمنصف في أي قضية يستمع للخصمين معاً لا أن يبني تصوراته ومن ثم أحكامه على شاهدٍ واحدٍ أو طرفٍ واحد مع أنه قد تيسر في عصرنا ما لم يكن متيسراً من قبل فلا عذر للشيخ أن يستمع لعلماء عدن وحضرموت وهما أكبر محافظاتالجنوب ويعرف رأيهم في الموضوع ثم ليتبنى ما يشاء بعد ذلك. ليتبنى الشيخ ما يشاء في قضية الوحدة والانفصال وما أداه اجتهاده فليصرح به ولينشره بشرط أن لا يتهم من يخالف رأيه بأوصافٍ هو بريءٌ منها وإذا تبنى الشيخ قولاً فهناك غيره من أهل العلم يخالفه فيه وهو ممن له دراية بالوضع ومعرفة بالموضوع أعمق وأشمل وفي النهاية يبقى القرار للجنوبيين يقررون مصيرهم ولا أحد سيجبرهم على الوحدة إن أرادوا الانفصال والعكس.