لم يأت حديث الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي حول اهتمام مصر بحماية موانئ الجنوب العربي من فراغ ، خاصة و أنه أتى عشية افتتاح مشروع قناة السويس "الجديد" البالغ طولها 35 كليو مترا موازيا لقناة السويس "الأم" التي يبلغ طولها 164 كيلومترا. فمصر التي كلفها المشروع 4 مليارات دولار ، و يعول عليه دعم اقتصادها المترنح و توفير لقمة العيش لأكثر من 82 مليون مواطن مصري ، غير مستعدة لأن يتعرض هذا الانجاز العالمي الضخم لأدنى هزة أو مراهقة سياسية سواء من "أرانب" الحوثي أو "ثعالب" صالح و " ثعابينه" . لذا فإن تأمين موانئ الجنوب وحمايتها خيار استراتيجي بلدرجة الأولى ، لما تمثله هذه البقعة الجغرافية من عمق استراتيجي لمصر العروبة ، بدءً من قناة السويس "الأم" و " الجديدة" و مرورا بميناء عدن و انتهاء بميناء الشحر في أقصى حضرموت ، حيث ظل هذا الممر البحري الهام شريان حياة بين الشرق و الغرب ، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا ، على مر التاريخ. ناهيك أن باب المندب اليوم أضحى المنفذ العربي الدولي الوحيد ، ليس لمصر فحسب ، للعرب أجمع و للخليج و أوربا ، فيما لو سيطر المد الفارسي على مضيق هرمز (شرقا) الذي يصدر عبره الذهب الأسود ، و تأسيسا على ذلك فلا يُستبعد أن تمد دول الخليج أنابيب النفط عبر باب المندب سواء في عدن أو حضرموت كما تفكر المملكة العربية السعودية ، فقد أصبح ذلك الخيار المطروح و المدروس بعناية من الضرورة بمكان ، في ظل شدة الرياح التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط ، رياح دفعت بدولة الامارات العربية المتحدة و قوات التحالف العربي بقيادة السعودية إلى سرعة تأمين مدينة عدن كميناء استراتيجي و نقطة ارتكاز محورية في باب المندب الذي يمثلا عمقا استراتيجيا آخر لميناء دبي و المنطقة الحر خاصة مع ازدياد أعداد السفن في مشروع قناة السويس الجديد الذي سيسمح للسفن بالمرور باتجاهين . هذه القواسم و المصالح القومية المشتركة ستجعل من موانئ الجنوب منطقة حيوية تنبض بالحياة و الأمل ، و ستحيل عدن إلى جنة ، كما كانت .