الامم المتحدة: نصف أطفال اليمن يعانون من سوء التغذية ونقص الموارد يهدد إغلاق مئات المرافق الصحية    رحيل الشاعر اليمني ياسين البكالي بعد مسيرة أدبية حافلة    رحيل الشاعر اليمني ياسين البكالي بعد مسيرة أدبية حافلة    توقعات استئناف رحلات اليمنية عبر مطار صنعاء الساعات القادمة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الخميس 15 مايو/آيار 2025    سيناتور أمريكي: ترامب أوقف العملية ضد اليمن لأنها مكلفة للغاية    الشرعية.. إهانات لكرامتها وتجاهل سياسي تام لها وتقزيم "لدورها"    هل من الضرورة أن يكون كل سائق باص قليل أدب    نص الاحاطة الصحفية للمبعوث الأممي إلى اليمن ورده على أسئلة الصحفيين    الهجري:نخوض معركة مصيرية لحماية الجمهورية وكل اليمنيين ضد الحوثي وليس معه إلا إيران    ارتفاع طفيف للذهب مع إقبال المستثمرين على الشراء    الدوري الإسباني: ريال مدريد يهزم مايوركا ويؤجل تتويج برشلونة    شعاران دمرا الجنوب    اليوم عشر رحلات الى مطار صنعاء    ثري جدا ورئيس أغنى دولة في العالم.. يتصرف ك "طرار قليل حياء" (صور)    صفقات جادة في مزاد النوايا    مكة المكرمة.. و منها دَعا إبراهيم    اليوم التاريخي العظيم 21مايو1994    اختتام دورة في مهارات إعداد الخطة التشغيلية للعام 1447ه بوزارة العدل    ريال مدريد يؤجل تتويج برشلونة ب"الليغا"    أعداء الجنوب يستخدمون النساء للإيقاع بالإعلاميين الجنوبيين    بيان هام من شركة النفط    حضرموت إلى أين؟.. بين مطالب الحكم الذاتي واستحقاقات الشراكة في الجنوب    إصابة مستوطنة بإطلاق نار قرب سلفيت وأبو عبيدة يبارك العملية    ارتفاع قيمة الأسلحة الصينية بعد حرب باكستان والهند    المنظومات العربية أمام عاصفة المتغيرات    شخطة العشلة ل صفقة "جنة هنت رشاد"، و قطاع عبد الحافظ رقم (5).    السلطات في اليمن تعفي الشركات النفطية من مسئولياتها تجاه المجتمع    شركة النفط توضح حول الاجراءات بشأن الوقود الوقود وتمدد فترة تلقي الشكاوي    الجمارك العمانية تعلن ضبط أجهزة اتصالات كانت في طريقها إلى اليمن    اتلاف أكثر من 3 آلاف لغم وذخيرة في باب المندب    النفط يتراجع في ظل ترقب الأسواق لارتفاع محتمل في مخزونات الخام الأميركية    ولد علي يبدأ مهمة اعداد منتخب اليمن لمواجهة لبنان    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الشيخ أحمد صالح الزايدي    المولّد وجمعان يكرمان الفائزين في سباق رياضي لمنتسبي المدارس الصيفية بالأمانة    الوزير البكري يلتقي نائب ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)    فاجعة تهز إب.. وفاة 6 أشخاص من أسرة واحدة اختناقا داخل بئر مياه    الأسهم الأوروبية تسجيل استقرارا بعد الهدنة التجارية بين أمريكا والصين    شركة الغاز بمأرب تدشن استبدال الاسطوانات التالفة تعزيزا لسلامة المواطنين    تدشين أولى رحلات تفويج الحجاج جواً من مطار عدن الدولي    بروتوكول تعاون بين "المصرية الهندسية" والاتحاد المصرى للدارتس    بلجيكا.. اكتشاف أنبوب مياه روماني فريد من نوعه    كريستيانو جونيور يكتب أول سطر من مسيرته الدولية    دخول تخفيضات الرسوم الجمركية الإضافية بين بكين وواشنطن حيز التنفيذ    "بلو سكاي" التابعة ل "عبدالحافظ العليمي" تستولي على قطاع S2 عقلة شبوة (وثيقة)    الفقيد صالح علي السعدي.. من الرعيل المؤسس لنادي شعب حضرموت    مكتب زراعة الأمانة يكرم مركز الشهيد "هاني طومر" الصيفي ب200 شتلة من الأشجار المثمرة    علماء روس يطورون طريقة للتنبؤ بالأمراض الوراثية والمناعية    الكلمةُ شرفٌ لا يُباع.. ومسؤولية لا تُزوَّر    مناقشة أوجه التعاون بين وزارة النفط والمركز الوطني للوثائق    مصر تستعيد 25 قطعة أثرية من واشنطن    برعاية وزير الأوقاف.. وكالات الحج والعمرة تقيم اللقاء السنوي مع الحجاج في العاصمة عدن    كفى عبثًا!!    علماء يحققون اكتشافا مذهلا عن الأصول الحقيقية لليابانيين    المناخ الثوري..    قراءة نقدية في كتاب موت الطفل في الشعر العربي المعاصر .. الخطاب والشعرية للدكتور منير فوزي    مرض الفشل الكلوي (4)    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفقات جادة في مزاد النوايا
نشر في شبوه برس يوم 15 - 05 - 2025

بينما فرشت العواصم الخليجية السجاد البنفسجي والأحمر واستدعت عدسات العالم، حطّ دونالد ترامب رحاله في الرياض، مدشّنًا مرحلة تأسيسية ثانية تختلف عن تلك التي بدأت في زمن فرانكلين روزفلت. لم يأتِ كرئيس دولة عظمى فحسب، بل كمبعوث فوق العادة من زمن الإمبراطوريات المنقرضة، محاطًا بهالة من الجدل السياسي.
ترامب لا يحمل في حقيبته خطابات عن الحرية والديمقراطية، ولا كلمات عامة عن حقوق الإنسان، بل حقيبة جلدية منتفخة بمسودات عقود استثمارية وأحلام مذهّبة.
في مشهد أقرب إلى مزاد عصري للنوايا، وقف الرئيس ومرافقوه الذين لا يعتمرون قبعات الغرب الأمريكي القديم، عدا بعض قبعات البيسبول – رمز الروح الرياضية في منطقة التوترات الجيوسياسية – وسط هالة من الاحتفاء يبديها أصحاب الشماغات الأنيقة، مصطفّين وكأن "المعلّم" ترامب وحده قادر على التأليف بين قلوبهم، أو إطفاء جذوة تنافسهم الإقليمي وحروبهم الباردة التي تُصدَّر بشغف إلى المشرق العربي.
في ولايته الثانية، يسعى ترامب إلى إبرام صفقات استثمارية، مع دول الخليج، وُصفت بأنها ضخمة وغير مسبوقة. وهو لا يظهر فقط كبطل "صفقات القرن"، بل كمروّج لمبادرات "إنهاء الحروب"، فكل أزمة تمثل فرصة جيدة لانتزاع امتيازات تاريخية.

الرياض كانت الساحة الأبرز. حيث أعلن ولي العهد، في منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي، عن "فرص شراكة بحجم 600 مليار دولار، ترتفع في الأشهر القادمة ضمن المرحلة الثانية إلى تريليون دولار" في المجالات العسكرية والاقتصادية والتقنية، مؤكدًا وجود 1300 شركة أمريكية تعمل في المملكة وتمثل ربع حجم الاستثمار الأجنبي.
وفي خضم المشهد، تتسابق بعض دول الخليج نحو التكنولوجيا المتقدمة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي بوصفه كنز السيادة المقبل. وفي هذا السياق، تسعى الإمارات – التي توصف بأنها عاصمة الرأسمال – إلى أن تصبح رائدة عالمية في مجال الذكاء الاصطناعي في إطار تنويع اقتصادها، وهي رؤية تتطلب استثمارات تتجاوز تريليون دولار حتى مطلع العقد المقبل.
وإذ بات الذكاء الاصطناعي يمثّل العصب الحيوي للهيمنة التقنية في القرن الحادي والعشرين، تتجه السعودية والإمارات نحو ترسيخ حضور استثماري نوعي في البنى التحتية (AI infrastructure) بفئاتها ومكوناتها.
وبهذا يمكن القول بأن شعارات "تنويع القاعدة الاقتصادية" لم تعد مجرد أطروحات عامة، بل تحوّلت إلى مرتكزات استراتيجية تستند إلى توطين الخوارزميات وتوظيف الأنظمة الذكية في إعادة تشكيل أنماط الإنتاج والقوة الناعمة في المشهد العالمي.

قطر، التي تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط وتُوصَف من قِبل الإدارة الأمريكية بأنها "الحليف الرئيسي من خارج الناتو"، تمتلك خبرة طويلة في تكتيكات الحضور والتأثير. وهي تستعد لتقديم مئات المليارات من الدولارات، تشمل صفقة مع شركة بوينغ وعقودًا للطائرات دون طيار. كما استبقت الزيارة بتجهيز طائرة جامبو (قصر طائر) بقيمة 400 مليون دولار، تُعدّ من أثمن الهدايا التي تلقتها الإدارة الأمريكية على الإطلاق، ويتوقع أن تُحال للبنتاغون ومنها للرئيس بعد الفحص والموافقة. وقبل شهر، تم توقيع صفقة تطوير عقاري في قطر تحمل علامة ترامب التجارية.
ورغم أن محور الزيارة يركّز على القضايا الاقتصادية، فإن الملفات الإقليمية كالحرب في غزة، والبرنامج النووي الإيراني، ورفع العقوبات عن سوريا، حاضرة في المحادثات. وتسعى دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، إلى الحصول على ضمانات أمنية أمريكية ودعم استراتيجي لمواجهة التحديات الإقليمية.
هكذا تسير القافلة بهدوء: صفقات كبرى على وقع الحاجة الخليجية للتنمية والأمن. أرقام قد تدهش كبار المحللين الاقتصاديين، لكنها حقيقية وليست جداريات افتراضية تزين واجهة الاحتياطي الفيدرالي.

وعلى أي حال، سيعود ترامب إلى دياره محمّلًا بالعقود والوعود، فيما تنتظر العواصم الخليجية ما يعزّز قدرتها على التعامل مع أزمات المنطقة، ويدفعها لعبور ما بعد الهيدروكربونات. وقد يمتد الطموح إلى ما هو أبعد من المصالح الإقليمية، ليختبر الخليجيون قدرتهم على التأثير في الداخل الأمريكي نفسه. لكنهم مع ذلك لا يتحركون ككتلة واحدة، بل يزحفون فرادى، حيث تنافس كل دولة جارتها حتى في العتبات الحرجة.

احمد عبد اللاه
مايو 2025


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.