فيما لاتزال صنعاء بأجهزتها الاستخباراتية والأمنية تتحكم بالمشهد الأمني في عدن أضحت المقاومة الجنوبية شبه عاجزة عن تأمين عدن ليس ضعفاً منها وليس لكُبر المسؤولية الملقاة على عاتقها ولكن ممارسات صنعاء على مدى ربع قرن من الاحتلال وتهيئة البيئة الداخلية لعدن والجنوب لصالح القوة العسكرية وقوى الفساد المتوارث طوال فترة الوحدة عزز الحاضنة المعلوماتية العسكرية والعامة لصالح أجهزتها الأمنية. فالمقاومة الجنوبية إلى اليوم لم تراعي التحولات العسكرية والاقتصادية والسياسية التي تمر بها عدن وتترجم انتصاراتها العسكرية إلى مكاسب وطنية جنوبية لها القدرة على المحافظة عليها وجعلها قاعدة الارتكاز التي يُبنى عليها مؤسسات وطن وحلم شعب , ويتمثل هذا في القدرة على جمع المعلومات وحسن استخدمها وذلك عبر تشكيل مراكز تجميع معلومات أو بالأصح أجهزة استخباراتية خاصة بالمقاومة فمن يملك المعلومة الكاملة يملك القرار والأكثر قوة هم الأكثر معرفة بتفاصيل الأشياء , فقيام الدولة الجنوبية يعتمد على المعرفة بالمعلومات العسكرية والمدينة والتوجيه السليم للمزاج الشعبي والاجتماعي والولاء الوطني . حيث أن المعرفة المعلوماتية هي العين التي تسابق الزمن , لترسم السياسات المتجانسة مع المستجدات الحالية والمستقبلية فمن أهمية تشكيل مراكز المعلومات تحليل الوضع القائم وتوضيحه أي بمعنى أين نحن الآن ؟ وبناءاً عليه يمكن التحليل والتكهّن بالمستقبل ومعرفة أين سنصل وماذا سيواجهنا , فقوة المقاومة تكمن في "مالا يعرفه عنها عدوها , وما تعرفه المقاومة عن عدوها" وهذا ما تفتقده المقاومة إذ أن كل تفاصيلها وعملياتها العسكرية والسياسية والإدارية تنشر على الإنترنت والصحف قبل الشروع في تطبيقها على الواقع وهذه من الأخطاء القاتلة أن تقدم لعدوك ما تنوي فعله فيقطع كل السُّبل في وجهك ويجعلك عاجز عن الوصول لمبتغاك لأنك لم تحافظ على معلوماتك. يوما ما سنصحو على خبر مفاده أن مخابرات صنعاء تشكر وتكرم المفسبكين الجنوبين على المعلومات اللي يقدمونها على طبق من ذهب للمخابرات بتفاصيل العمليات السياسية الجنوبية وتحركات المقاومة وكل صغيره وكبيره على الساحات الجنوبية في وقتٍ فيه الهفوات قاتله وتعيدنا إلى مربع الصفر. فبعد انتصار المقاومة صار ميدان الحرب والسِّجال هو ميدان المعلومات والملفات بجانب ساحات الوغى , الحرب اليوم تكمن في القدرة على قراءة ما يختبئ خلف الوقائع والأحداث والقدرة على الوصول للمعلومات الصحيحة الكاملة وبسرعة وسرية تامة لتحليلها واستعملها في تأمين الجنوب وتثبيت الأمن فيها . فمن يدير عدن اليوم هم منظومة متكاملة من طغاة وفاسدي الأمس والاحوج المرجو من المقاومة هو التخلص من هذه المنظومة التي تلوي ذراعهم بترك الحبل على الغارب في الجانب الأمني والإغاثي والصحي بالذات في التعامل مع الجرحى لأن في مواجهتهم حماية للمدينة وللمقاومين التي بدأت تحصدهم دراجات الموت في شوارع المدينة.