مر عام كامل على سقوط عاصمة الشر والخيانة صنعاء ... لو عاد احدنا لهذا اليوم قبل عام لما توقع هذا الواقع الذي نعيش فيه اليوم... قبل عام بالتمام والكمال سيطر الحوثيين ومن خلفهم المحروق المخلوع على صنعاء... في تلك الليلة لم ينم فتى مران لأنه حقق مالم يكن ليحلم فيه حتى في منامه ... هو اليوم في صنعاء بعد ان كان بالبارحة متقوقع في كهفه ولا يتعدى حدود نفوده الجبل الذي يعيش فيه .. من جهة أخرى كان المخلوع يضحك تلك الضحكة الشريرة الذي عهدناها منه ,, كيف لا يضحك وهو استطاع ان يزيح كل خصومه واحداً تلو الاخر واصبحوا مشردين كلاً في بلد ... اما هادي فهو ذلك الضعيف بين كل تلك القوى ولا يملك الا حراسته الشخصية ... اما الشعب فنام وهو لا يعلم ما يخبئ له الغد ... استمر الاحتقان في صنعاء وتم وضع هادي و رئيس حكومته و وزراءه تحت الاقامة الجبرية من قبل الحوثيين وقوات صالح بحجة حمايتهم من الثورة الشعبية المباركة على حد وصفهم ... واجبر الحوثيين هادي على توقيع اتفاق السلم والشراكة حينها لم يتوقع الكثيرون تطور الامور اكثر مما حدث في ذلك اليوم وخصوصاً بعد توقيع الاتفاق الذي نص في اول بند له ان ينسحب الحوثيين من صنعاء الذين دخلوها بحجة مواجهة جرعة البنزين و الديزل .... استمر الوضع على ماهو عليه .. الحوثيين ومعهم شريكهم صالح يديرون البلد من تحت عباءة هادي الى ان جاء ذلك اليوم الذي فاجئ فيه هادي وحكومته الجميع ... قدم بحاح استقالته وقبلها هادي الذي الحق استقالة الحكومة ب استقالته ... في تلك اللحظة استطاع هادي سحب بساط الشرعية و اصبح الحوثيين وصالح بحكم الانقلابين ... لحظتها رفض الحوثيين انعقاد البرلمان لبحث استقالة هادي خوفاً من تحول الحكم بشكل دستوري الى رئيس مجلس النواب يحيى الراعي الذي يعتبر من أحذية صالح ... و اظن لو عاد الزمن بهم لتلك اللحظة لما رفضوا انعقاد البرلمان ... وبدل من ان ينحوا طريقاً شرعية قاموا بإعلانهم الدستوري والذي نص بحل البرلمان وتحويل السلطات جميعها الى اللجنة الثورية بقيادة محمد علي الحوثي ... من ناحية أخرى كان هناك واقع يغلي في عاصمة الجنوب عدن التي شهدت مليونيات واعتصامات لكافة شرائح المجتمع الجنوبي و المطالبين بقيام دولتهم الجنوبية على الحدود الدولية في عام 90م وكان من المتوقع اعلان قيام الدولة الجنوبية في مليونية 30 نوفمبر للعام 2014 لولا الاختلافات بين بعض القيادات حول الرؤى والطرق الخاصة بقيام الدولة الجنوبية ... وفي تلك اللحظة التي قدم فيها هادي وحكومته استقالتها اعلنت اربع محافظات جنوبية وهي عدنولحج وأبين والضالع رفضها تلقي الاوامر السياسية والاقتصادية والعسكرية من صنعاء و تم استدعاء اللجان الشعبية الجنوبية التي حاربت القاعدة في ابين الى العاصمة عدن لحمايتها وحدث في تلك الايام العديد من المناوشات بينها وبين قوات عبدالحافظ السقاف سقط فيها العديد من القتلى والجرحى ... حينها ظن الجنوبين ان يوم الخلاص بات قريباً وان هناك توجه جنوبي نحو الاستقلالية التامة من اليمن وخصوصاً بعد الويلات التي قابلها هادي في صنعاء ومعه افراد حكومته الجنوبين ... استمرت حالة الاستقطاب الشمالية الجنوبية الى ان جاء ذلك اليوم الذي قلب الموازين مرة اخرى واستطاع هادي الفرار من صنعاء الى عدن واعلانه التراجع عن استقالته ولحقه بعدها وزير الدفاع اللواء محمود الصبيحي ... هادي فور وصوله عمل على تبديل الحراسات الرئاسية في عدن والتي كانت اغلبها شمالية واستبدل بدلها قوات جنوبية ... واستقبل هادي العديد من السفراء والشخصيات القبلية في عدن واتضح ان البلد تسيير نحو حالة التصارع بين مركزين احدهما في صنعاء والاخر في عدن ... هادي ومن أجل تقوية سلطاته الشرعية على ما تبقى من المحافظات عمل على استدعاء عدد من القيادات الجنوبية مثل ثابت جواس ومحمد طماح واصدر قرارات بتعيين الاول قائداً للقوات الخاصة الذي كان يرأسها عبدالحافظ السقاف و عين العميد محمد طماح قائد لقاعدة العند الجوية ... لكن السقاف رفض قرار الاستقالة وماطل فيها بتوجيهات من صالح الذي كان يهدد في احد خطاباته انه لن يكون امام هادي غير البحر للهروب منه الى جيبوتي ... وفي صباح يوم 19 من مارس 2015 كانت شرارة الحرب الاولى حيث قام عبدالحافظ السقاف بمحاولة انقلاب وتمكن من السيطرة على المطار لساعات قبل ان تتمكن اللجان الشعبية الجنوبية والجيش الموالي لهادي من قمع تمرده والسيطرة على معسكر الصولبان في ظهيرة ذلك اليوم ... لم يكن حدث تمرد السقاف الوحيد في ذلك اليوم بل كان هناك حدث اخطر وهو قيام مقاتلات حربية يمنية بقصف قصر المعاشيق في العاصمة عدن ... ظن الجنوبين في ذلك اليوم انه يوم الانتصار الاكبر على الجيش الشمالي وكانت هناك فرحة عارمة في عموم عدن و الجنوب .. وفي اليوم الذي تلاه تصاعد المشهد في صنعاء بتفجيري مسجدي بدر والحشوش الذين خلفا 140 قتيل بينهم العلامة الحوثي المرتضى المحطوري والعشرات من الجرحى في اكبر تفجيرات تشهدها صنعاء وفي نفس اليوم تم اسقاط عاصمة لحجالحوطة لتنظيم القاعدة وسرت اشاعات حول اعدامهم عدد من الجنود لتنام كل محافظاتاليمن في حالة من التوتر لم تشهدها منذ حرب اجتياح الجنوب في 94م ... وفي تلك الحالة التي كانت تعيشها اليمن عامة ظهر صبي مران من على قناته المسيرة ليهدد ويتعود اليمنين والجنوبين خاصة حيث اتهمهم ب أغرب تهمه بوصفه لهم بأنهم (( قاعدة ودواعش )) ... واعلن في نهاية خطابه التعبئة العامة ضد ما اسماه قتال التكفيرين والدواعش ... وفي اليوم الذي تلاه تحركت قوات صالح ومعها الحوثيين جنوباً واستطاعت السيطرة على كلاً من ذمار واب وتعز والبيضاء في غضون يومين ... لتبدأ بعدها الحرب الحقيقية على الحدود الدولية السابقة بين الدولتين الشمالية والجنوبية في تاريخ 25 مارس في كلاً من كرش والضالع ومكيراس ... نام الجنوبين تلك الليلة وهم اقوياء فرحين بصد اولى قوات العدو الا انهم لم يدركوا انهم مقبلين على واقع مغاير في نهار اليوم التالي ... حيث استطاع الحوثين وقوات صالح من السيطرة على قاعدة العند واسر اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع واللواء فيصل رجب قائد اللواء 31 واللواء ناصر منصور هادي رئيس جهاز الامن السياسي في عدنوابينولحج وشقيق الرئيس هادي ... سادت حالة من الهلع والتخبط وانتشرت الشائعات في العاصمة عدن حول سيطرة الحوثيين عليها وهروب الرئيس هادي منها واختفى اللجان الشعبية الموالية له من عدن .... عاش العدنيين والجنوبين عامة ذلك اليوم على حسرة ضياع الحلم الجنوبي و استرجعوا ذاكرتهم لذلك المشهد الذي رأوه في عام 1994م عندما سيطرة قوات صالح على عدن ... وفي مساء ذلك اليوم كانت تسمع اصوات القذائف والاشتباكات من اطراف مدينة عدن حيث هباء ابناءها بشكل طوعي لقتال الغزاة الجدد وفي نفس اللحظات طالعتنا القنوات الاخبارية خبر وصول الرئيس هادي الى سلطنة عمان ومنها الى السعودية ... ذلك الخبر اشعر الناس بالحزن واكاد اجزم ان اغلب الجنوبين ناموا مبكراً في تلك الليلة الحزينة ... الا انه وفي الساعة الثانية من فجر يوم الخميس الموافق 26 من مارس اعلنت السعودية وعلى لسان سفيرها في الولاياتالمتحدةالامريكية عادل الجبير بدأ عمليات عاصفة الحزم بمشاركة 10 دول عربية من أجل اعادة الشرعية لليمن ... ومنذ ذلك اليوم انطلق ابناء الجنوب بكل شرائحهم وافكراهم وتوجهاتهم لمقاتلة الحوثيين وقوات صالح على قاعدة طرد الاحتلال اليمني من الجنوب العربي واعلان دولته الكاملة السيادة ... قاتل الجنوبين قتال لم يكن يتوقعه حتى اشد المتفائلين الجنوبين واستطاعوا في منتصف شهر مايو من تحرير محافظة الضالع الجنوبية واعلانها اول محافظة جنوبية محرره ومسيطر عليها من قبل المقاومة الجنوبية ... وفي يوم 13 من شهر يوليو بدأ عمليات تحرير العاصمة عدن بتحرير منطقة رأس عمران ومفرق الوهط وتلاها في اليوم التالي انطلاق عملية السهم الذهبي الهادفة الى تحرير عدن بمشاركة قوات من التحالف العربي الى جانب المقاومة الجنوبية والتي تمكنت من احكام سيطرتها على كل مديريات عدن في اول ايام عيد الفطر المبارك ... وتتالا سقوط كلاً من لحجوابين وشبوة بيد المقاومة الجنوبية التي استطاعت ان تثبت نفسها على الارض بفعل التضحيات الكبيرة التي قدمتها في هذه الحرب لتصبح اليوم الرقم الصعب في الجنوب والقوة الضاربة فيه ... وتوقفت عجلة الانتصارات عند تحرير الجنوب وبدأت معارك الشمال التي تبدو متعثرة حتى الان ولكن لن يتوقف التحالف الا ب استعادة صنعاء وكل اليمن . واعتقد انه لو عاد الزمن بعبدالملك الحوثي وصالح عاماً الى الوراء لم ارتكبوا تلك الحماقات التي قضت على شعب كان يعيش اصلاً تحت خط الفقر ...