وليد محمود التميمي: عادة ما تقاس انجازات الحكومة وطاقمها الوزاري في الدول المحترمة و الخادمة لشعوبها بمدى استقرار العملة وانتعاش الاقتصاد وتحسين دخل الفرد، وتطور البنى التحتية ومستوى الخدمات العامة، واستتاب الأمن والاستقرار في ربوع البلاد. في اليمن الوضع مختلف جذريا، والحكومات المتعاقبة لا ترحل إلا بعد أن تكون قد زادت الشعب فقرا مدقعا، وقتلا ممنهجا، وحصارا خانقا بحزمة من الجرع الاقتصادية التي يعود ريعها لجيوب الوزراء وسيدهم الأول الذي علمهم السحر. الآونة الأخيرة أصبح الحكم على ما يبدو على نجاح الحكومة من فشلها يكمن في كمية الدموع التي يذرفها أعضائها، أمام الكاميرات وعدسات المصورين.. هي بدعة كان أول من مارسها رئيس حكومة الوفاق الوطني محمد باسندوة الذي شاهدناه يبكي وينتحب أكثر مما ينتج ويعمل، قبل أن يغادر الحكومة تحت ضربات الضغوط الدولية ومعاول الصفقات السياسية. لم يدر بخلدنا أن وزير في حكومة الكفاءات سيمضي قدما في تقليد باسندوة ومحاكاة تجربته في البكاء، ليكسب تعاطف شريحة واسعة من الجنوبيين رغم أنه عجز عن تحقيق أي تقدم في وزارته التي شاءت الصدف أن يتولى حقيبيتها بعدما كان وزيرا للصحة. الدكتور رياض ياسين، الذي يتشابه مع باسندوة في الكثير من الصفات والمزايا المشتركة، من بينها الميول لحزب الإصلاح اليمني وإدارة أملاك لاسرة ال الأحمر في الخارج، وتقديس الوحدة اليمنية، ومناصبة العداء للجنوب وقضيته العادلة.. لم نكن نتوقع أن وزير الصحة سابقا ووزيرالخارجية حالياً الذي ظهر في أكثر من مقابلة تلفزيونية يتحدث عن المقاومة الجنوبية بأنها مجموعة من المليشيات التي يجب أن تخضع للنظام والقانون وتدمج في الجيش الوطني أو يتم سحقها.. سيأتي يوما وترفع صوره في العاصمة عدن بكثرة ويروج له على أنه وزير عدني أصيل يستحق مناصرته والوقوف بجانبه ضد حملات التشهير التي تطاله لست أدري ممن!. فبدلا من أن ترفع صور شهداء المقاومة الجنوبية دون سواهم في العاصمة عدن، ظهرت مجاميع مشبوهه تمجد رياض ياسين لتحقيق أهداف سياسية تخدم حزب الإصلاح اليمني، وتدك اسفين في العلاقات الاجتماعية في عدن، وتعمق حدة الخلاف بين الرئيس اليمني عبدربه هادي والمهندس خالد محفوظ بحاح نائب رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء الذي كان معارضا على تثبيت ياسين وزيرا للخارجية. هذا الأخير راق له منصبه الحالي الحافل بالظهور الإعلامي والسفرات المكوكية المتكررة.. رغم أنه أن فشل فشلا ذريعا في التخفيف من معاناة العالقين والمغتربين في الخارج وتحطيم القيود المفروضة على تحركاتهم وتنقلاتهم في الدول العربية تحديداً، وفي مقدمتها الفيزا وتأشيرات العبور والإقامة. حالة واحدة ستجعلني أعذر كل من أيد حملة رفع صور ياسين في عدن، هي إدراكهم أنه بالفعل أدخل مصطلح جديد في مجال السياسة الدولية، لم يعرف من قبل، ولم يسبقه إليه أحد، هو (الوزير الشامل) الذي لا يقدم شيء باستثناء الولاء لهادي، كما أن بإمكانه أن يتحدث في كل شيء في العلاقات الدولية، والشؤون العسكرية، والخطط الحربية، وبرامج الإغاثة، ومشاريع الأعمار، والاتفاقيات والمعاهدات الثنائية، والجيوبتلوتكس، وعلوم الذرة والبحار والصحة الإنجابية وحبوب منع الحمل.. وزير شامل على غرار المسؤول أبو شريحتين أو أكثر في اليمن الذي يبدل موافقه ويغير انتمائه الحزبي ويعلق رجل في صنعاء والأخرى في عدن وينام في الرياض ويستلم من طهران أو أبوظبي.