الإنسانية، وعدم التحيز، والحياد، والاستقلال، والخدمة التطوعية، والوحدة، والعالمية في الثامن من أكتوبر لعام 1965م تم الإعلان في فينا المبادئ الأساسية السبعة للحركة الدولية للصيب الأحمر والهلال الأحمر لتكون هي أساس ومبادئ أساسية لعملها والذي تضم مائة وسبعة وثمانين جمعية في جميع بلدان العالم . ونحن الآن في الذكرى الخمسون لصدور ذلك الإعلان في عامنا هذا 2015م مازال العالم ومنها وطني الحبيب اليمن السعيد متمسك بتلك المبادئ الإنسانية ويطالب بتفعيلها لمعالجة ما يعانيه الشعب اليمني نتيجة الحرب المدمرة . تلك المبادئ الأساسية السبعة لو تم تفعيلها على ارض الواقع لحصلت انتعاشة كبيرة للعمل الإنساني والإغاثي وانجاز خطوات كبيرة في اتجاه إيقاف نزيف الدم في وطني الحبيب اليمن السعيد وبالأخص إيقاف نزيف المدنيين الذي يشكلون غالبية ضحايا تلك الحرب . تلك المبادئ السبعة ليست فقط مبادئ أساسية لعمل الحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر فقط بل مبادئ هامة وأساسية في العمل الإنساني لجميع المنظمات والمؤسسات العاملة في المجال الإنساني لو تم تحقيقها على ارض الواقع لتم انجاز الكثير في المجال الإنساني ولتجاوزنا كثير من الخلافات والمعيقات الكبيرة الذي تتمحور جميعها في عدم تحقيق تلك المبادئ الإنسانية الأساسية مما يجعل للأطراف الفاعلة مبرر ووسيلة للتهرب من الإيفاء بالتزاماتهم الإنسانية . بالإضافة الى ان تحقيق تلك المبادئ سيعزز من ثقة المجتمعات والشعوب الدولية في عمل تلك الحركات والمنظمات الإنسانية وبما يؤدي الى تجاوب تلك الشعوب والمجتمعات مع أعمالها ورفدها بالاحتياجات والإمكانيات اللازمة لتنفيذ أعمالها وحماية تلك الجمعيات والمؤسسات الإنسانية من أي اعتداء او انتهاك يعيق عملها وأيضا تشكيل ضغط دولي ولوبي دولي كبير للضغط على أصحاب القرار السياسي لتنفيذ الالتزامات الإنسانية . وبنظرة موجزة للمبادئ الأساسية السبعة للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر نجد أنها تحتوي على مضمون إنساني كبير كالتالي: 1- مبدأ الإنسانية : تعريف الإنسانية لغة عرفها قاموس الوسيط للغة العربية بأنها جملة الصفات التي تميِّز الإنسان . أو جملة أفراد النوع البشريّ التي تصدق عليها هذه الصفات. والعمل الإنساني لغة هو: القيام بِعَمَلٍ نَموذَجِيٍّ فيهِ الخَيْرُ لِبَني البَشَرِ وَيَتَجاوَبُ مَعَ ما يَنْبَغي أَنْ يَكونَ عَلَيْهِ سُلوكُ الإِنْسانِ . وبهذا نعرف وفقاً للتعريف اللغوي للإنسانية انه المقصود به التعامل مع جميع البشر . فالأعمال الإنسانية بمعناها الأكثر تخصصاُ هي الأعمال التي تودي الى رفع او الحد من انتهاك حقوق الإنسان وأهمها حماية الحياة والحفاظ على الكرامة الإنسانية من الانتهاك ويدخل ضمنها جميع الأعمال الإنسانية التي تودي لتحقيقها لجميع الناس . 2- مبدأ عدم التحيز: بمعناه الواسع عدم التفريق في المعاملة او تقديم الخدمات الإنسانية بين الأشخاص لأي سبب كان ( لسبب الجنس أو العنصر أو الرأي السياسي أو الانتماء أو اللون أو الطائفي أو المعتقد الديني) والتعريف اللغوي في اللغة العربية لكلمة تحيز وفقا لما ورد في معجم الرائد للغة العربية انه مرتبط بما بعده فإذا كان ( تحيز عنه ) بمعنى تنحى عنه وإذا كان (تحيز له) انضم إليه ووافقه وكلاهما خطأ ومحظور في العمل الإنساني الذي يتخاطب ويعمل للإنسان فقط دون تحيز لا له ولاعنه وإنما يكون للجميع وينظر للجميع بنظرة واحدة معيارها فقط الإنسان دون غيره ودون أي تحيز . 3- مبدأ الحياد: الحياد في الجانب الإنساني بمعناه الواضح الجلي بالبقاء على مسافة واحدة من أطراف الصراع وأيضا من الضحايا . ويرتبط هذا المبدأ بالمبدأ السابق وهو عدم التحيز الا انه هنا أكثر وضوحاً بتحديد مكان العمل الإنساني في منطقة الحياد وهي منطقة وسطى بين جميع الأطراف لا تميل الى أي طرف ومحدده بشكل واضح في مصطلح الحياد ونقصد هنا الحياد الايجابي (positive neutrality) بتقديم الخدمات الانسانيه لجميع الأطراف دون تمييز وبحياد تام وليس الحياد السلبي بالتوقف عن تقديم الخدمات الإنسانية لجميع أطراف النزاع . فالحياد المطلوب هو الايجابي الذي يشبع الحاجات الإنسانية للجميع بحياد تام ودون أي ميلان. 4- مبدأ الاستقلال: الاستقلالية في العمل وعدم التبعية لأي جهة كانت هام جداً وشرط أساسي ومحوري لجميع المنظمات المؤسسات التي تقوم بالعمل الإنساني وفي مقدمتها الحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر وبحيث تكون مستقلة استقلال كامل عن الجميع مرتبطة فقط بالإنسان والإنسانية فقط . وأهمية هذا المبدأ ينبع من أهمية حرية الحركة الإنسانية بسرعة ووفقاً لما يطرأ دون أي تباطؤ الذي يكون اهم أسبابه هو التبعية . ولا يكفي فقط الإعلان بمبدأ الاستقلال بل العمل الإنساني هو الذي يحدد مدى توافر هذا المبدأ الهام من عدمه بدراسة مدى التجاوب والسرعة في العمل الإنساني . 5- مبدأ الخدمة التطوعية: بمعنى ان الجهات التي تقوم بتنفيذ الأعمال الإنسانية تقوم بذلك ليس لمصلحة شخصية لتلك الجهة او فريق عملها وإنما هي خدمة إنسانية تطوعية يكون العمل الإنساني هو هدفها الوحيد وهو مصلحتها وان الدافع الوحيد لعملها هو مساعدة الناس. 6- مبدأ الوحدة: هذا المبدأ بمعنى ان جهود الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر في أي بلد يجب ان تكون في مصب واحد وان تتكاتف وتتوحد الجهود الإنسانية لها في جمعية واحدة في كل بلد يتعاون الجميع للقيام بالعمل الإنساني بحيث لا يجوز إنشاء أكثر من جمعية للهلال او للصليب الأحمر في بلد واحد لنزع فتيل الاصطدام والتنافس بينهم. ويمكن أيضا تطبيق ذلك مع منظمات المجتمع المدني العاملة في المجال الإنساني والاغاثي بتكوين وإنشاء شبكة واحدة تضم جميع المنظمات والمؤسسات العامة في المجال الإنساني ليحصل التكامل الايجابي والعمل الجماعي الناجح . 7- مبدأ العالمية : مبدأ هام جدا ويقصد به عالمية العمل الإنساني للحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر بحيث ان أي تقصير من أي جمعية للهلال او الصليب الأحمر في أي دولة هو مسؤولية تقصيرية لكامل منظومة الحركة الدولية وليس فقط مسؤولية تلك الجمعية فقط وبما يؤسس هذا المبدأ الى التكاتف والتضامن والتعاضد بين جميع أعضاء الحركة الدولية وبما يؤدي ذلك إلى تقييم عملهم وإصلاح الاختلالات في عملها وتجويده . بالإضافة إلى أن مبدأ العالمية يقصد به أيضا أن جميع جمعيات الحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر متساوية وينظر إلى الجميع بنفس المنظور الدولي فهي متساوية في الحقوق والواجبات. وفي الأخير : نبارك للحركة الدولية للصليب والهلال الأحمر احتفاليتهم بهذه المناسبة الرائعة في إعلان المبادئ الأساسية السبعة لها ونأمل أن يتم تفعيل تلك المصفوفة في اليمن بما يؤدي الى الإسراع في تقديم خدماتهم الإنسانية لضحايا الحرب في اليمن وفقاً لتلك المبادئ بكثافة وجودة مرتفعة لتحقيق أفضل النتائج المنشودة وان تكون تلك المبادئ السبعة منتشرة ومعروفة لجميع أفراد ومكونات المجتمع اليمني ومحل اهتمام وتفعيل في جميع المؤسسات والمنظمات العاملة في المجال الإنساني لتسهيل وتذليل الصعوبات والعقبات أمام العمل الإنساني للحد من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن نتيجة الحرب .