محمد عبدالله القادري الحوثيون والحراكيون وجهان لعملة واحدة ، والأنقلابيون والأنفصاليون جزءان من بعض يخدم بعضهما بعضاً ، فالعملية الأنقلابية والعملية الأنفصالية هي مخطط أيراني واحد ، والجماعة الحوثية في شمال اليمن والحراك الجنوبي في جنوباليمن كلاهما أدوات أيران تستخدمها في تنفيذ مخططها داخل اليمن . مخطط أيران في اليمن يقتضي تحقيق السيطرة على اليمن في حالتين : الحالة الأولى تحقيق السيطرة في ظل بقاء اليمن موحد ، والحالة الثانية تحقيق السيطرة في ظل أنفصال اليمن ،، وذلك من خلال أستخدام أثنتين من الأوراق لتنفيذ ذلك المخطط فالورقة الأولى هي الورقة الحوثية والورقة الثانية هي الورقة الحراكية ، والورقة الحوثية يكون لها الأولوية من خلال أستخدامها في تنفيذ مخطط أيران في حالة السيطرة على اليمن موحداً وفي هذه في هذه الحالة يتم الأستغناء عن أستخدام الورقة الثانية ورقة الحراك ، وفي حالة فشل السيطرة على اليمن في ظل بقاءه موحد فسيتم الأتجاه إلى الخيار الثاني وهو السيطرة على اليمن في ظل الأنفصال وفي هذه الحالة يتم أستخدام الورقة الحوثية والورقة الحراكية في آن واحد. بصورة أخرى أقول أن أيران تعتمد في تنفيذ مخططها على أستخدام الورقة الحوثية في حالتين : الحالة الأولى في ظل بقاء اليمن موحد وذلك من خلال أستخدام الورقة الحوثية في بسط السيطرة على الشمال والجنوب ، والحالة الثانية في ظل أنفصال اليمن ويتم أستخدام الورقة الحوثية في السيطرة على الشمال ، بينما تستخدم أيران ورقة الحراك الجنوبي في حالة واحدة فقط وهي حالة أنفصال اليمن وتستخدم هذه الورقة في جنوباليمن في حالة فشلها في أستخدام الورقة الحوثية في السيطرة على الشمال والجنوب في ظل بقاء اليمن بشكل موحد. هناك أسباب كثيرة جعلت أيران تنظر إلى أمكانية السيطرة على اليمن بشكل موحد ، فالسبب الأول هو أستخدام الوحدة اليمنية كشماعة وهذا مايبرر دعوى الحفاظ على الوحدة اليمنية والدفاع عنها ، والسبب الثاني هو وجود نسبة كبيرة من الأسر السلالية التي تنتمي إلى الهاشميين أو آل البيت في الجنوب وهذا مايمكن زمام الحكم لآل البيت في شمال اليمنوجنوبه بصورة موحدة ، والسبب الثالث وجود جماعات طائفية في الجنوب تتمركز في محافظتي عدن وحضرموت وتلك الجماعات تتقارب مع الفكر الأيراني وهذا مايجعل هناك تأييد عقائدي يسهل في السيطرة على الجنوب ، والسبب الرابع هو نظرة أيران إلى عدم قدرة أبناء الجنوب على مواجهة الهجوم الحوثي القادم عليهم من الشمال وهذا مايسهل أنتصار المعركة في بسط السيطرة وهنا ستكون أيران قد أستطاعت أن تبسط سيطرتها على اليمن بشكل موحد من خلال وجود دولة تتناسب تناسب كامل مع فكر وعقيدة وسياسة أيران في الدرجة الأولى . السؤال الأول الذي يطرح نفسه : لماذا وقف الحوثي مع الحراك الجنوبي قبل الأنقلاب على صنعاء ولماذا وقف الحوثي ضد الحراك بعد الأنقلاب وهجم عليه إلى عدن؟ وهنا الأجابة تقتضي أن الحوثي جعل الحراك وسيلة لتسهيل الأنقلاب في صنعاء بينما جعل الحراك ذريعة للهجوم على عدن بدعوى الحفاظ على الوحدة وهذا يدل على أن الأتفاق بين الحراك والحوثي يتضمن تنفيذ مخطط أنفصال اليمن والأختلاف بين الحوثي والحراك نتيجة توجه الحوثي على الأنفراد بالسيطرة على اليمن .وهنا نقول أن الحراك ساعد الحوثي في الأنقلاب على صنعاء بينما الحوثي أنقلب على صنعاء وانقلب على الحراك . السؤال الثاني الذي يطرح نفسه : لماذا وقف الحراك الجنوبي مع الحوثي في أنقلاب صنعاء ولماذا وقف الحراك مع المقاومة في عدن ضد الحوثي ؟ وهنا الأجابة تقتضي أن الحراك أستخدم الحوثي كوسيلة يحقق بها الأنفصال في عدن من خلال نجاح الأنقلاب في صنعاء ، بينما وقف الحراك مع المقاومة نتيجة خلافه مع الحوثي وهذا ماجعله يتخذ ورقة المقاومة لتحقيق الأنفصال في عدن بعد صد الحوثي وزحفه ، وكماهو معروف أن هناك قيادات حراكية جنوبية شاركت مع الحوثي في معارك عمران والزحف نحو صنعاء ولكن تلك القيادات وقفت في عدن لمواجهة الحوثي وذلك ناتج من الأتفاق والخلاف على كيفية وحالات تنفيذ مخطط أيران في اليمن . طبيعة المخطط الأيراني في اليمن هو الذي يولد طبيعة الأتفاق وطبيعة الأختلاف بين الحوثي والحراك الجنوبي ، فعندما تسعى أيران لتنفيذ مخططها من خلال طريقة السيطرة على اليمن بشكل موحد فهذا سيؤدي إلى الأختلاف بين الحوثي والحراك ، وعندما تسعى أيران لتنفيذ مخططها من خلال تحقيق السيطرة على اليمن بشكل أنفصالي فأن هذا سيؤدي إلى الأتفاق بين الحراك والحوثي . مايحدث اليوم في عدن بعد أنتصار المقاومة وتحريرها من الأنقلاب وصد الزحف الحوثي الأنقلابي يدل على تنفيذ المخطط الأيراني في اليمن بطريقة أخرى ، فالمطالبة الرسمية بالأنفصال التي يهدف إليها الحراك الجنوبي تدل على تنفيذ مخطط أيران بالطريقة الثانية بعد فشل الطريقة الأولى عند هزيمة الحوثي وأنسحابه من عدن وتراجعه إلى الشمال. الطريقة الثانية لتنفيذ المخطط الأيراني في اليمن هي أنفصال عدن عن صنعاء ، وسيطرة الحراك على جنوباليمن لخدمة سيطرة الأنقلاب على شماله ، وأستخدام الأنفصال لخدمة الأنقلاب وتبادل الدعم والمساعدة في تحقيق الهدف بين تمرد الشمال وحراك الجنوب ممايؤدي إلى الحفاظ على البقاء وتعزيز السيطرة وتثبيت أقدام القوة للطرفين معاً وتنفيذ المخطط الأيراني في اليمن . عملية أنفصال اليمن في الوقت الحالي لن نستفيد منه ألا أيران فقط ، وعملية المطالبة الرسمية بالأنفصال التي ينادي بها الحراك في الجنوب اليوم ليست الا مجرد عملية أنقاذ للحوثي في الشمال ، وهذا مايدل على أن الحراك الجنوبي ليس الا مجرد ورقة تستخدمها أيران في الوقت المناسب لتحارب بها المقاومة في اليمن وتحارب بها عودة الدولة اليمنية المدنية الشرعية القوية ، وتحارب بها دول التحالف العربي ، وتدافع بها على حلفاءها وتنفذ بها مخططها الأيراني في اليمن بصورة أخرى. مايحدث اليوم في عدن يدل على أن أيران فشلت في أستخدام ورقة الأنقلاب الشامل وتحولت إلى أستخدام ورقة الأنفصال المتبادل . و هي الآن تستخدم وسيلة أخطر من حيث أدوات الحرب في المعركة التي تشير ملامحها أن مواجهة الحراك في الجنوب ومواجهة الأنقلاب في الشمال هو أشد خطراً على المقاومة من مواجهة الأنقلاب الحوثي بمفرده .