وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    في خطابه بالذكرى السنوية للصرخة وحول آخر التطورات.. قائد الثورة : البريطاني ورط نفسه ولينتظر العواقب    رسائل اليمن تتجاوز البحر    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    قدسية نصوص الشريعة    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    في ذكرى الصرخة في وجه المستكبرين: "الشعار سلاح وموقف"    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    تطور القدرات العسكرية والتصنيع الحربي    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    العدوان الأمريكي البريطاني في أسبوع    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    العشاري: احراق محتويات مكتب المعهد العالي للتوجيه والارشاد بصنعاء توجه إلغائي عنصري    الآنسي يُعزي العميد فرحان باستشهاد نجله ويُشيد ببطولات الجيش    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى "إسرائيل"    دوي انفجارات في صنعاء بالتزامن مع تحليق للطيران    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    صنعاء .. طوابير سيارات واسطوانات أما محطات الوقود وشركتا النفط والغاز توضحان    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52535 شهيدا و118491 مصابا    تحالف (أوبك+) يوافق على زيادة الإنتاج في يونيو القادم    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    وزير الدفاع الإسرائيلي: من يضربنا سنضربه سبعة أضعاف    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    الخبجي : لا وحدة بالقوة.. ومشروعنا الوطني الجنوبي ماضٍ بثبات ولا تراجع عنه    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    بن بريك والملفات العاجلة    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نظرية الحدود الآمنة للجنوب
نشر في عدن الغد يوم 24 - 11 - 2015


رؤية استراتيجية
تعريف الحدود الآمنة : حدود قوية يمكن الدفاع عنها بنقل المعركة إلى خارجها, لنضمن سلامة مناطقنا الحيوية والآهلة بالسكان بإبعاد مسارح العمليات عنها.
الأهداف
تهدف هذه الرؤية إلى :
تأمين الجنوب من أي عدوان خارجي ولاسيما عدوان الجماعات المسلحة الآتية من شمال الشمال.
اتخاذ تدابير عسكرية وسياسية وإعلامية تردع النوايا العدوانية نحو الجنوب وتمنعها من أن تتطور إلى غزو.
نقل المعركة إن أخفق الردع إلى خارج الحدود حالما تقع أي محاولة للغزو.
الرصد المبكر لأنشطة العدو ومعرفة نواياه التوسعية والإنذار من أي تحركات عدوانية يتخذها, وصولا إلى الضربات الإجهاضية التي تمنع الجماعات المعادية من غزو الجنوب للحفاظ على أرواح المواطنين الغالية ولحماية ممتلكاتهم من التدمير.
الخلفية التاريخية
على مدار حقب التاريخ ظل الجنوب مطمعا للجماعات الطائفية الغازية من شمال الشمال. وكانت نتائج الغزو غالبا ما تكون كارثية على الأرواح والعمران, وتعقبها حالة الإذلال الاجتماعي والعسف بمن لم يقتل من المواطنين, ونهب ملكياتهم. ولا يسعنا في هذا المقام أن نذكر كل الغزوات بل يمكن قراءة تاريخ الأئمة الزيدية لمعرفة جرائمهم بحق الجنوب واليمن عامة. وسنكتفي هنا فقط بذكر الغزوات خلال المدة الأخيرة من إعادة تأسيس دولة الإمامة على يد يحيى حميد الدين ثم مرحلة عودة الأطماع في حقبة علي عبدالله صالح. لعل أهم الغزوات التي سنقف عندها هي :
في عصر إمام الزيدية يحيى حميد الدين عانت المناطق الحدودية في لحج وردفان والضالع ويافع ومكيراس وبيحان من احتلال عساكره وعسفهم ابتداء من عام 1921 وظل بعض هذه المناطق تحت عسف الطائفيين الزيود حتى العام 1934.
في عصرنا الراهن تمكن طائفيو شمال الشمال من استغلال المشاعر القومية وسذاجة القيادات الجنوبية في الدخول في وحدة اندماجية تمكنوا خلالها من التغرير بالقيادة الجنوبية لترسل بقواتها الضاربة وتفرقها في مناطق شمالية بعيدة عن أي دعم أو إمداد من الجنوب في حال انقلاب الشريك في الوحدة. وفي المقابل أرسلت لواء العمالقة ذي الحجم الكبير الى محافظة أبين وجعلته على مقربة من قواعد إمداده في البيضاء. وتمكنت خلال حقبة زمنية وجيزة من إشغال القيادات الجنوبية بالفساد وتمكنت خلال ذلك من إضعاف وحداتهم العسكرية تمهيداً لهزيمتهم في حرب 94. وقد لعب لواء العمالقة دورا محوريا في هذه الهزيمة عندما شطر الجنوب الى نصفين وجعل التواصل البري بينهما مستحيلا, فضلا عن تهديده لعاصمة الجنوب عدن. وقد عانى المدنيون في الجنوب من القصف الإجرامي لمنازلهم ومن ضرب المرافق الحيوية للماء والكهرباء ومحاولة فرض حصار بحري. وبعد الحرب شاهد الجنوبيون كيف تصرف المنتصرون تصرف الغزاة, فأخرجوا كثير من الجنوبيين من وظائفهم وأحلوا الموالين لهم من الشمال ومنعوا الشباب من الجنوبي من حقه على الحصول, وحاربوا كثير من الناس في مصادر رزقهم. ونهبوا أراضي الجنوب وثرواته. وبلغ الحال من السوء ما لا يخفى على أي متابع.
في عام 2015 اصطنعت الجماعات الطائفية في شمال الشمال حربا مع الجنوب رغبة منها في إزاحة أول رئيس لليمن يأتي من خارج الطائفة الزيدية, ورغبة في التنكيل بكل القوى الجنوبية الرافضة لحكم طائفيي شمال الشمال. في هذه المرة كشف الغزو الزيدي الشيعي عن قناعه القبيح, وصاروا يدعون جهارا لتصفية من يقف في وجههم من الجنوبيين وأخذوا يقتلون المدنيين ويفجرون بيوتهم ويحاصرونهم ويقطعون عنهم الماء والغذاء والدواء. وكانت العواقب أشد تدميرا للإنسان والعمران هذه المرة. لكن المقاومة للغزو هذه المرة كانت أشد عنفاً وأمضى سبيلا؛ لأنها قامت بعد عقدين من الظلم والتهميش فملأت النفوس نقمة, وبعد مشاهدة الناس لجرائم الطائفيين في الشمال ضد المقدسات الدينية والاجتماعية فاستفزت حميتهم الدينية للدفاع عنها, فتوحدت جميع الأطياف في الجنوب لمواجهة الغزو, ويسر الله لها مساندة قوات التحالف التي صارت ترى الخطر الذي يقترب من حدودها, فتمكنت المقاومة من دحر الغزاة.
وخلال تجربة 25 عاما من الوحدة لم نر آثارا حقيقة لمشاعر الوحدة لدى الأقوام الطائفية في شمال الشمال مع الشوافع عموما والجنوبيين خصوصا, بل إن تجربة الوحدة قد أغرتهم بالعدوان والشراهة في الغزو. وحتى بعد أن كانت مقاليد الجنوب بأيديهم لم يتورعوا عن إنزال الحملات العدوانية المدمرة المندفعة بتعبئة طائفية ضد الشوافع عموما وضد الجنوب وأهله. وبعد أن ُطردوا من الجنوب وبعد ما لحق بهم من حرب ضروس في مأرب وتعز حاولوا شن غزوات عديدة على المناطق الجنوبية في باب المندب والمضاربة ورأس العارة وكرش ومكيراس وبيحان و الضالع, لعلهم يجدون منفذا لإعادة احتلال الجنوب والتنكيل بأهله, لاستعادة ما خسروه من أملاك وثروات منهوبة.
المبادئ العامة
تعتمد نظرية الحدود الآمنة على مبادئ عامة ينبغي التزامها لنضمن النجاح. هذه المبادئ هي:
الروح الهجومية: فقديما قيل: "خير وسيلة للدفاع الهجوم". وبغير الهجوم ستكون أركان هذه النظرية ركيكة وغير فعالة عمليا. لأن ترك مبدأ الروح الهجومية سيجعل القيادات تنتظر المعركة على حدودها, أي إنها ستدير المعارك في المناطق الحيوية والآهلة بالسكان, التي ستؤدي الى خراب الديار وازهاق الأنفس التي ندافع عنها, وعودة كل مآسي الحرب من حصار وأوبئة ونقص في الغذاء والدواء والماء, وسيكون دفاعنا ضعيفا. فضلا عن ذلك فإننا نترك للعدو المبادأة وحرية التصرف فيكسب بذلك ميزات على القوات الصديقة بنقله المعارك الى أراضينا وبإمكانية تدمير قواتنا وخلخلتها وبإمكانه كذلك أن يضعف الروح المعنوية لدى القوات الصديقة ويرفع معنويات قواته بالمبادأة.
وتتحقق الروح الهجومية من خلال أخذ القوات بالمبادأة والمباغتة فتضرب الأعداء على حين غرة في عقر دارهم وأماكن نفوذهم. وتتحقق بشن ضربات استباقية عنيفة لأي جهود للتجييش أو التعبئة ضد الجنوب, وفي العمق الاستراتيجي لشمال الشمال حالما تبدأ؛ ليعلم المعتدون شدة بأس المدافعين وقوة شكيمتهم في المواجهة؛ فيزرع ذلك الأمر في نفوسهم رعبا يردعهم عن المضي في عدوانهم.
الردع: وهو التدابير المتخذة لتخويف العدو ومنعه من اتخاذ سلوكيات عدائية بالتلويح باستعمال القوة أو باستعمالها المحدود.
ويتحقق الردع من خلال أمور عدة, هي:
الاخذ بمبدأ إعداد القوة الكافية لمنع أي طامع في الجنوب من أي تحرك عدواني.
الحفاظ على الحلف العربي الذي تشكل لدحر عدوان طائفيي شمال الشمال المدعوم من إيران على الجنوب.
تشكيل أحلاف مع كل القوى الفاعلة في الشمال التي تعارض عدوان الزيدية السياسية والاثني عشرية والتسلط المناطقي.
القدرة على تحقيق ضربات استباقية في عمق العدو تفشل جهوده في العدوان وتخلخل جبهته الداخلية. فالعدو الذي تتوفر لديه كثافة بشرية في بيئات جاهلة قد لا يخشى من تصاعد أعداد القتلى في قواته لقدرته على التعويض السريع وغير المكلف لخسائره البشرية. لكن العدو إذا علم أن نيران الحرب التي ينوي أن يشعلها ستمتد الى أرضه, وستضرب عمقه الاستراتيجي, وستوصل ذراع ثأرنا الطويلة إلى كبار رؤوسه ومسؤوليه ودعاة إشعال الحروب في مساكنهم الآمنة؛ فسيفكر مليا بالعواقب وسيشعر بقشعريرة الخوف وعرقها البارد يسيل على ظهره, وسيحجم عن عدوانه لرؤيته المآلات الوخيمة لفعله.
إدارة المعارك على أرض العدو: الغرض من وضع هذه الرؤية إيجاد حلول لمنع العدوان المتكرر الذي يقوم به الطائفيون على الجنوب, وحماية المدنيين من القتل والإصابة, وسلامة المنشآت الحيوية؛ لذلك كان لزاما علينا أن نفكر في إدارة معاركنا مع المعتدين خارج أرضنا حتى نضمن سلامة المدنيين والمنشآت الحيوية. ونقل المعارك إلى أرض الخصم تنقل ويلات الحرب والخراب على رؤوس الباحثين عنها. وهذا يسهم في تعزيز الردع المستقبلي عند المعتدين وحاضنهم الاجتماعي, ويمنعهم من الانخراط في حروب عدوانية مستقبلية.
الإجهاض المبكر لأي تحرك طائفي نحو الجنوب: إن ضعفت الدولة المركزية أو وقعت أي تفاهمات سياسية تُمكنُ الطائفيين من تشكيل أي قوة مسلحة أو مليشيات؛ فعلينا أن ننبذ تلك العبارات العقيمة من نوع "لا يعنينا" وأن لا نسمح لهذه المليشيات بأي تحركات عدائية نحو مناطق الجند وتهامة وسبأ. لأنها إن تقدمت فستكون على مقربة من حدودنا وستهدد أمننا. وإن حدث أي تقدم لقوات طائفية من آزال فإنه يجب أن يضرب مبكرا إن تجاوز مفرق الجوف مأرب شرقا أو رداع جنوبا أو يريم غربا. ويجب أن يضرب هذا التحرك على الطرقات لمنعه من العدوان والغزو قبل أن يصل إلى أهدافه, حتى نضمن إدارة المعركة بعيدا عن المناطق الحيوية والآهلة بالسكان. ويجب أن لانسمح بأي حال من الأحوال للصراع بأن يقترب من حدودنا.
الحفاظ على التفوق الدائم في التسليح والتدريب: يجب الاحتفاظ بنوعية المقاتلين المعبأين تعبئة نفسية عالية والحاصلين على تدريب عال يفوق ما لدى المعتدين. وعلينا الاحتفاظ بتفوق نوعي في التسليح يضمن لنا الوصول إلى الخصوم وردع المرتزقة والغوغاء عن الانضمام لهم.
إن فلول المليشيات الطائفية لمّا تقتنع بأن أبناء الجنوب قد هزموها, وترى أن ما وقع لها هو "انسحاب تكتيكي" لتفادي ضغط الطيران وقوات التحالف, ولعل جزء من هذا الاعتقاد يعززه خبرتهم بالمقاتلين الذين كان أكثرهم –على شجاعتهم- يجهلون فنون القتال التي لم يتربوا عليها. ولو واجهوا جنودا مدربين ومنضبطين وتحت قيادة عسكرية موحدة للمسوا الفرق من الساعات الأولى للمواجهات, ولخلق ذلك في نفوسهم هلعا من المواجهات, سيثبط هممهم في أي مواجهات في المستقبل.
التدابير المتبعة لإرساء الحدود الآمنة
تطمح هذه الرؤية الاستراتيجية للحفاظ على أمن وسلامة الأرض والإنسان في الجنوب الذينِ طالما قاسيا من الحروب العدوانية التي يشنها عليهم الطائفيون من شمال الشمال. وهذه الرؤية شاملة لأحوال الجنوب السياسية سواء أكان سيفك الارتباط ويستعيد استقلاله أم سيبقى دولة بسيطة ضمن الدولة الاتحادية. ففي حال بقائه في الدولة الاتحادية تبقى هذه الرؤية قائمة وقابلة للتطبيق, حتى يضمن الجنوب سلامة أراضيه ومواطنيه من المعتدين المتربصين به الموت والدمار في شمال الشمال. لذلك اقترحت هذه الرؤية القيام بعدة تدابير حتى ننجح في إرساء الغاية العليا لها, وهي حماية المناطق الحيوية وسكانها من أي عدوان. وتنقسم هذه التدابير إلى تدابير سياسية وعسكرية وأمنية وتثقيفية توعوية.
التدابير العسكرية
إنشاء قوات حماية محلية وعالية التدريب - إن بقي الجنوب ضمن الدولة الاتحادية - يجند أفرادها من كافة مناطق الجنوب, وتتمركز هذه القوات في نفس المناطق التي جندت منها لتكون وحدات مستعدة لصد أي عدوان من خارج الجنوب أو لأي محاولة للإسقاط من الداخل. وتوزع هذه الوحدات على نقاط الضعف في الحدود الدولية القديمة توضع في معسكرات وضمن سلاسل من المواقع الصغيرة الحسنة التحصين والموزعة بعناية ودراية في سلاسل على قمم الجبال والمنافذ التي يسهل الانسلال منها, وتوزع في الداخل ضمن مواقع حصينة على مفارق الطرقات وفي معسكرات في مراكز المحافظات والمديريات. هذه القوات يمكن لها أن تأخذ مسمى الحرس المحلي. ولا شك في قوة مسوغات إنشاء هذه القوات, وهي حماية أهل الجنوب وأرضه من أي مؤامرات غزو من الجماعات الطائفية ومن أي غدر للشريك الآخر في الاتحاد. وإن قرر الشعب في الجنوب مصيره واتخذ خيار فك الارتباط تكون هذه القوات جاهزة لتتحول لجيش وطني قادر على الذود على النظام الناشئ.
بعث الروح العسكرية في الجنوب: لقد كانت الروح العسكرية قبل الوحدة سارية في الجنوب من خلال وجود نظام التجنيد الالزامي الذي جعل من معظم المواطنين طلابا يدخلون مدرسة الجيش التي تغرس فيهم روحها, وروح القتال والتحدي وحب المعارف والمهارات العسكرية. وكانت هناك تنظيمات الطلائع (الذي يعادل الكشافة) في المدارس الابتدائية, واتحاد الشبيبة في الثانويات والجامعة. وكان هذان التنظيمان يزرعان الروح العسكرية في نفوس الناشئة بما يقدمانه من تدريب على التنظيم والانخراط في أطر شبه عسكرية والانضباط والصرامة العاليين وبعض التدريبات العسكرية. ولا ننسى هنا أنه كانت لدينا قوات مسلحة صغيرة لكنها كانت عالية الكفاءة والأداء لأنها اعتمدت على التدريب والتأهيل العالي لضباطها وافرادها فضلا عن الانضباط الصارم والحفاظ على التقاليد العسكرية المتوارثة وعدم وجود أي ضباط يحصلون على رتبهم لأنهم من أبناء المشايخ أو الوجاهات. لذلك علينا بعث تلك الروح العسكرية ببعث تلك التنظيمات الشبابية وذلك الجيش المحترف الذي يردفه نظام التجنيد الالزامي الفائق الكفاءة بمعين لا ينقطع من الجنود وضباط الصف والضباط فضلا عن المتخصصين في كافة صنوف الأسلحة. وبهذه الروح العسكرية نستطيع أن نضمن قوة جاهزة لردع أي معتد ومعين لا ينضب من المقاتلين القادرين على نقل الصراع إلى أرض المعتدي لتزرع في نفسه الخوف من العواقب الوخيمة من العدوان فتثبطه عن أي عدوان مستقبلي على الجنوب.
منع تشكيل أي قوات عسكرية هجومية خاصة بمنطقة آزال باستثناء قوة لحفظ الأمن. فقد كان تاريخ هذه المنطقة تاريخ العدوان على اليمن ولاسيما المناطق الشافعية. وكان كثير من أهلها ذوو طبيعة عدوانية تجاه غيرهم من المناطق, يؤزهم على عدوانيتهم عقيدة الزيدية السياسية الطائفية المتطرفة التي تصم المسلمين السنة ب "كفار التأويل". فلطالما ألحق عدوانهم الخراب والدمار بالأرض والأنسان أينما حلوا. فكانوا قبل عصر المتفجرات يشعلون النار في الدور ويتلفون المحاصيل وينكلون بمن يقاومهم ويمثلون بجثثهم. أما بعد أن امتلكوا الاسلحة الحديثة ذات القدرات التدميرية الهائلة فقد شاهدنا آثار همجيتهم التي زرعت الدمار الهائل في عدن ولحج وأبين وشبوة وتعز, وتسببت في مقتل آلاف المدنيين. لهذا كان من الواجب منع هذه الجماعات المتوحشة المدمرة للحضارة والإنسان اليمني من عدوانهم على غيرهم بمنعهم من تشكيل أي قوات مسلحة ذات بال أو مليشيات عدى الشرطة والقوى الأمنية الكافية لحفظ الأمن. ويجب تجريد القبائل التي أرسلت أبناءها في الحرب العدوانية التي دمرت البلاد من كل سلاح ثقيل أو حتى من البنادق. ويجب أن يبقى المنع لعقود طويلة مع تدابير ثقافية وإعلامية أخرى, حتى تخرج أجيال جديدة من هذه المنطقة تؤمن بحسنات السلم وتقبل بالتعايش مع الآخرين وترفض العدوان.
تحديد نسبة المنتمين للجيش الاتحادي من آزال : يجب أن لا يزيد عدد المنتسبين في الجيش الوطني من المتحدرين من الأقلية الزيدية على نسبتهم السكانية الكلية في سكان اليمن حتى لا يحوزوا غلبة عسكرية مثل السابق فيستعينوا بها على بسط سلطانهم المناطقي أو الطائفي, أو يعيدون غزواتهم التدميرية تحت أقنعة وطنية زائفة لباقي بلاد اليمن. ويجب أن لا يقبل من هذه المناطق من كان ولاؤهم لعفاش أو الحوثيين بل يقبل من كان لهم ولاء لله ثم للوطن ووقفوا ضد مشروع الإمبريالية الإيرانية المدمر لليمن.
التدابير الأمنية
لن تكون الحدود آمنة ويمكن الدفاع عنها مالم تحرسها عيون أمنية ساهرة تراقب كل ما يستجد لدى العدو وتعطينا إنذارا مبكرا لنواياه العدوانية أو التخريبية فيسهل علينا اتخاذ التدابير الوقائية وحصر الشر قبل انتشاره والقضاء عليه في مكمنه. ويجب أن تعتمد التدابير الأمنية في رقابتها هذه على :
إنشاء أجهزة معلومات خاصة بإقليم الجنوب إن بقي الجنوب ضمن الدولة الاتحادية. وإنشاء أفرع متخصصة فيها بالخطر الإيراني والطائفي الزيدي.
زرع المصادر البشرية في عمق العدو لجمع المعلومات واختراق أي جماعات أو منتديات له سرية أو علنية الطابع.
المراقبة الدائمة للأنشطة الهدامة في العمق الجنوبي ووضع الخطط الملائمة لمواجهتها, والتصرف السريع والحازم مع تحركاتها التي تشكل خطرا حالّا على الأمن العام في الجنوب.
مراقبة الجماعات الطائفية في عدن والتنبه لأي صلات أو أنشطة مشبوهة.
التوعية الأمنية للمجتمع من الأنشطة الهدامة والطرق الملتوية للتنظيمات السرية الباطنية في تجنيد مناصرين لها بين الجنوبيين.
الحذر من تكوين العدو لخلايا نائمة أو نشطة تعمل على غرس نفسها في الجنوب بأغطية تجارية أو غيرها.
التدابير التوعوية
لا تكفي التدابير العسكرية وحدها لكي يكون النجاح كاملا في تأمين الحدود. بل يجب إردافها بتدابير أخرى توعوية للسكان المتحدرين من آزال حتى نتمكن من إزالة الروح العدوانية المتوطنة لديهم تجاه باقي اليمن. كذلك هناك إجراءات توعوية يجب اتخاذها لباقي المناطق التي عانت الغزو والعسف الزيدي حتى يظل أهلها ومتعلموها ونخبهم السياسية حاضري الوعي للخطر الكامن في شمال الشمال والذي قد يستأنف نشر شروره عند أول منعطف يجد فيه رخاوة لدى باقي مناطق اليمن أو يحاول متذرعا بالباطنية تقمص لبوساً وطنية, أو يحاول التسلل إلى الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني حتى يمارس لعبته المفضلة في التغيير من الداخل كما لاحظنا من الطائفيين في سابق الأيام. وهذه التدابير هي :
إصلاح التعليم : فيجب أن تضمن كتب التعليم تدريسا للعقيدة الصحيحة التي تخلوا من شوائب السلالية البغيضة وتكفير المجتمع اليمني تحت اسم "كفار التأويل", وحصر الحكم في البطنين وغيرها من العقائد السقيمة التي انحرفت عن سماحة الإسلام. ويجب أن يدرس في كتب التربية الوطنية أضرار العقيدة السلالية البغيضة وما جرّته على الوطن من اقتتال أهلي ودمار هائل على الإنسان والبنية التحتية, وما سببته من تأخر في سلم الرقي الإنساني للشعب اليمني.
إنشاء المتاحف : يجب أنشاء متاحف متخصصة في تخليد فضائع الحوثة والعفافيش لتظل ذكرى جرائمهم جرسا يذكرنا ويذكر الأجيال القادمة, ليظلوا متيقظين فلا يسمحون لأسباب عودتها بالظهور مجددا.
تفعيل وسائل الإعلام : علينا أن نفعل وسائل الإعلام بعمل برامج سنوية عن حرب 2015 العدوانية التي فرضها الحوافش على شعبنا وسببت خسائر فادحة في الأروح ودمار في العمران والمرافق الحيوية, وزادت من البؤس على البؤس الذي كنا نعانيه من سياساتهم السابقة. هذه البرامج توعي الشعب بمخاطر هذه الجماعة وتساهم في جهود منع عودتها وتذكر أتباع هذه الجماعات والمتعاطفين معها بالخسائر الفادحة التي لحقت بالبلاد من حروبهم العبثية.
التدابير السياسية
العمل على رأب الصدع في المجتمع الجنوبي وتقوية اللحمة بين أهله. وهذا هو أهم ما في هذه التدابير. فحدود الجنوب ستظل أمنة وقوية إن كانت الجبهة الداخلية قوية ومتعاضدة وتنبذ دعوات المناطقية المنتنة وأي دعوات أخرى تسبب شرخا اجتماعيا وتقود إلى المواجهات العبثية بين أبنائه. ويجب علينا في الجنوب أن نشيع ثقافة القبول بالأخر المختلف عنا سياسياً حتى لا نعيد تكرار مآسي الماضي بيننا ونعطي الفرصة لأعدائنا لمعاودة غزونا.
الاعتماد على خلق أحلاف مع القوى الخيرة في الشمال.
العمل على كسب الراي العام العربي والعالمي والداخلي لنصرة تحركاتنا في مواجهة عدوان الطائفيين.
في الختام أقول : لقد كانت هذه رؤية أولية عامة لمسألة تأمين الإنسان والأرض في الجنوب من أي عدوان مستقبلي يأتي من الجماعات الطائفية الغازية من شمال الشمال في المستقبل. وهي مساهمة متواضعة لا تحسب أنها قد أحاطت بالمسألة من كل جوانبها, لكنها تطمح إلى أن يتفاعل معها المتخصصون في الجوانب العسكرية والأمنية والسياسية فيرفدونها برؤى موازية تضيف اليها وتفصل جوانب الإجمال وتعدل وتسد مواطن الخلل.
وكان الله في العون


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.