لطالما اتهم دولة الرئيس حيدر ابوبكر العطاس بضبابية موقفه وتناقض تصريحاته من القضية الجنوبية التي كان يدلي بها للإعلام منذ انطلاق الحراك الشعبي السلمي في الجنوب عام 2007م وحتى بدء عاصفة الحزم المباركة اواخر شهر مارس من العام الحالي والكثير من القيادات الحراكية والنشطاء الشباب في الجنوب كانوا يعتقدون ان العطاس يبحث من خلال تصريحاته التي يرونها متناقضة وضبابية عن مصالح ومنافع شخصية له . تشرفت بمعرفة دولة المهندس حيدر العطاس منذ اربع سنوات تقريبا فوجدته رجل دولة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى ، يحاول باقصى جهده اخراج الجنوب والشمال على حد سواء من ازماته الحادة التي ظل يعاني منها الشعبين منذ انقلاب المخلوع صالح وحلفائه على الوحدة بين البلدين عام 1994م ، ولطالما كنت استمع منه عن حق الجنوبيين في تقرير مصيرهم واستعادة دولتهم وهويتهم وحق الشماليين في التخلص من عصابات الفساد والظلم التي تحكمهم بنظام المشيخة والقبيلة منذ قرون والعيش بحياة كريمة . كانت لديه رؤية لحل المشاكل في اليمن شمالا وجنوبا لخصها من خلال تعريفه للازمة انها تحتوي على مشكلتين رئيسيتين الاولى سياسية بين دولتين وقعتا اتفاقية للوحدة الاندماجية ادت الممارسات الاقصائية والانقلابية لاحد اطراف هذه الوحدة الى فشلها فشلا ذريعا مسببة ازمة كبيرة وخطيرة جدا على العلاقات بين الشعبين في الشمال والجنوب . والمشكلة الثانية هي مشكلة تاريخية محصورة في الشمال من خلال علاقة مناطق شمال الشمال بمناطق وسط وجنوب الشمال او كما يعرف اختصارا مناطق الشوافع ومناطق الزيود ، وكانت رؤيته لانهاء الازمة في اليمن من خلال حل هاتين المشكلتين بشكل سلمي ومن خلال جلوس جميع الاطراف على طاولة الحوار للوصول الى حلول مرضية للمواطن جنوبا وشمالا تصون كرامته وتحفظ حقوقه . وكان على ايمان وقناعة تامة بأن الشعبين في الشمال والجنوب هم اخوة تربطهم علاقات الجوار والدين والدم وان لا حل لبقاء هذه العلاقة الاخوية التي افسدها نظام عصابات صنعاء العسكرية والقبلية الا بعودة الوضع الى ما قبل الثاني والعشرين من مايو 1990م مع حق الشعبين في التنقل والعمل والاستثمار في البلدين ، فالوحدة السياسية قد انتهت منذ عام 1994م ولكن وحدة الجوار والدين والدم باقية الى قيام الساعة . ومن خلال اللقاء الذي اجرته مؤخرا قناة حضرموت مع دولة المهندس حيدر العطاس رأيته ثابتا على موقفه من القضية الجنوبية لم يتزحزح ولم يؤثر فيه منصبه كمستشار لرئيس الجمهورية اليمنية فزاد يقيني بصدق كلمته وثبات موقفه وتمنيت ان يحذو حذوه جميع الساسة الجنوبيين في وسطيته واعتداله مع ايمانه بقضية شعبه وعدالتها فالتطرف والمزايدات في المواقف لا تجلب الا مزيدا من الكوارث والنكبات جميعنا في غنى عنها فهل نتعض قبل فوات الاوان .