حضرموت أرض الحضارة والتاريخ العريق ، حضرموت أرض العلم والعلماء ، حضرموت أرض الثقافة وأرض الفن والتراث ، ففي جانبها الحضاري تعتبر حضرموت أرض حضارية بإمتياز ، فهي تمتاز بقافلة من المعالم الحضارية ، جعلتها جوهرة تجذب كل السياح ليجعلوها مقصدا لزياراتهم ورحلاتهم السياحية . وذلك أصبحت حضارة في عيون الآخرين . وفي جانب العلم ونشر الإسلام ، فلا يخفى على أحد هذا الدور العظيم الذي قام به الأجداد في نشر الإسلام في مختلف أصقاع الأرض وبقاعها ، ليُرغموا التاريخ أن يسطّر لهم حروف من دهب في هذا المجال . حيث أن الحضارم كانوا من أوائل الناس الذين دخلوا الإسلام طواعية ، وكانت أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم والكتابات والإرشادات عن حضرموت واضحة كوضوح الشمس في كبد السماء ، مما جعل الخلفاء الراشدين يهتمون بها وبأوضاعها آنذاك ، واليوم نجدها حاضنة لمجاميع من العلماء الأفاضل من أبنائها ، ولصروح تعليمية تخرّج منها الآلاف من طلابها في مختلف التخصصات العلمية الشرعية والدنيوية . وفي الجانب الثقافي والفني والتراثي ، فهي أرض خصبة أثمرت لنا الكثير من الشخصيات الثقافية والفنية التي خلّفت لنا بصمات جما ، لتصبح اليوم ضمن الجانب التراثي . واليوم في ظل المتغيرات السياسية والأحداث التي عصفت بالبلاد جنوبا وشمالا ، ولكن دعوني أصطحبكم معي في الجانب الذي يهُمني ويُهم شعبي الثائر بدرجة أولى ، منذ العدوان الحوثي العفاشي على العاصمة عدن ومختلف محافظات الجنوب المحتل ، بإستثناء حضرموت التي لم يصلها العدوان الحوثي لكنها تعتبر ضمن المحافظات التي ترضخ للنظام الاحتلالي اليمني . الكل يعلم أن المعاناة التي اشتدت على أبناء الجنوب بإستثناء حضرموت أنتجتها الحرب الظالمة التي قادها الحوثي والمخلوع صالح بتحالف حاك ضدنا وإتفاق بينهما، ليغزوا الجنوب مجددا ، ناهيك عن الحروب الستة التي خاضها المخلوع ضد الحوثيين في الشمال تحديدا صعدة ، ورغم تلك الحروب التي بينهما ، والدماء التي أُريقت من الطرفين ،إلا أنهم أبو إلا أن يتفقوا ليقودوا الحرب والعدوان الثاني علينا ، حيث أن العدوان لا يختلف عن سابقه ولكنه أتى شاملا علينا حاملا أبشع صور الإجرام والعنجهية ، ليحاربنا أرضا وشعبا وتاريخا وعقيدة وثروات ، فكانت الأزمة الحادة والمعاناة الشديدة نتيجة تلك الحرب التي أكلت الأخضر واليابس ، وقتلت الرجال والنساء ، لا تميز بين صغير وكبير ولا شيخا ولا عجوز ، الى أن سخّر الله عزوجل صقور سلمان لتنقذنا مما نحن فيه بأمره ، فأرسل جنوده البواسل ومن معهم من التحالف العربي ، ليواجهوا العدو المتخلف أرضا ، وليمطروا عليه النيران جوا ، فأتى النصر من عنده سحبانه . ولكن حضرموت أرضي ، حضرموت موطني ، حضرموت حبي ، جريحة نعم إنها جريحة تنزف ولم تجد من يوقف نزيفها ويضمد جراحها ، رغم أن العدوان الثاني لم يصلها ولم يكن لها نصب منه ، ولكن المؤامرة كانت قاسية ، فأصبحنا نعاني مثلما يعاني قالب الثلج من الحرارة ، فيذوب ببطئ حتى يصبح ماءا ، ونحن لم تصبنا رصاصاتهم ولا أفواه مدافعهم ولا غارات طائراتهم ، ولكن أصابتنا فتنتهم وهي حرب أقوى من حرب المدفع والدبابة ، حرب تحمل كل صور المعاناة ، فتمكنوا من مكايدتهم لنا بالفتنة . غاب الوقود ، فشُلت الحركة وإنقطعت الكهرباء وأصبحنا في ظلام دامس ، والأمن أصبح معدوما ليأكل القوي المتنفذ اللص المواطن المسكين المغلوب على أمره ، إنها سياسة قذرة سياسة الحرب النفسية ، واليوم التعليم يتوقف بدون حجج ولا براهين معقولة ، فما كفاهم كلُ ذلك ؟ ، بل عنجهيتهم تطاولت حتى العلم والتعليم ، فما يكفيهم التدمير والفتنة التي أيقظوها ؟ بل أرادوا أن يحرموا جيلا من العلم ، ليصبح فاشلا في قيادة وطنه ، فاشلا في إدارة مجتمعه ، بل أرادوا أن تكون حضرموت أرض جهل وتخلف وظلام بدلا من أرض علم وحضارة ، وإنتشر المرض والوباء ، حميات شديدة ، وإسهالات مزمنة ، تعصف بالكبير والصغير ، نتيجة تلك المجاري ومياه الصرف الصحي التي عملت بحيرات في أوساط الشوارع والطرقات والحارات ، دون استشعار من أي جهة تدعي بأنها تسيطر على حضرموت . بل استخدموا وسائل الرش بإستخدام مادة الديزل ، من أجل مكافحة البعوض ومختلف الحشرات ، لتشكل دخاخين رشهم معاناة وأعراض على الحالات المرضية التي تعاني من أمراض الربو وضيق التنفس ، لتزداد معاناة هذا الشعب المسكين . ولكن بكل تأكيد لم تستمر المعاناة ، بل ستُخلق من رحمها رجال أقوياء أشداء يعصفون بركائز الجهل والتخلف والظلام ، ليرموا بها في مزبلة التاريخ ، وليسجل التاريخ هزيمة نكرا للعدو ، وإنتصارا مؤزرا لحضرموت ، ليعم الأمن والأمان والإسلام ولتُعيد مجدها وحضارتها وتاريخها العريق .