إن الخلاف والإختلاف هو الذي أوصلنا إلى هذا الإنقسام والتشرذم ،كما أنه البيئة الخصبة التي يستغلها ويستثمرها تجار الحروب والفتن .لهذا يجب أن نتوحد للحفاظ على ما تبقى من أطلال لهذا الوطن ،لأنه إذا بقينا موحدين ،سننتصر مهما كانت قوة خصومنا ،لان قضيتنا وطنية عادلة ،وهم معتدون ومتحولون دموييون .ولن نكون موحدين ما لم تتغلب روح الثقة التي تجمع بيننا على روح الشك والمناكفة والمخاصمة التي فرقتنا عقودا طويلة سابقة .لهذا على اليمنيون الآن وفي هذا الوقت بالذات ،نزع الخلاف والأختلاف من قاموس الحياة السياسية الراهنة .لان الوطن أصبح على المحك .خاصة وإن قوى التمرد والإرهاب والمشاريع الإقليمية والدولية وتجار الحروب التقت مصالحهم ،بعد إشعال الحرب الطائفية في اليمن ،والتي أدت إلى إنقسام الشعب والجيش وتخلّف النخب السياسية والإجتماعية اليمنية .الأمر الذي يستدعي إستنفارا شعبيا وامنيا في اليمن ،حتى لا يصبح الوطن لقمة صائقة تتقاسمها الخلافة والأمامة والهيمنة الإستعمارية وتجار الحروب والفتن ،على نخب دماء اليمنيين .لان الفتن التي تتخفى وراء قناع الدين ،أصبحت تجارة رائجة جدا ،في ظل الضروف المعيشية والإقتصادية التي يمر بها الوطن .لهذا كله ،إذا لم يقف الشعب اليمني يدا واحدة في وجه كل من تسول لهم أنفسهم العبث بأمن وإستقرار اليمن " أصحاب المشاريع الصغيرة " ،مهما كان حجمهم وقوتهم ،ويضعوا بصماتهم الخيرة على الخارطة الجديدة التي يجري الإعداد لها هذه الإيام على قدما وساق في الداخل والخارج ،لن تغلق جهنم أبوابها كما يتصور بعضهم ،بل ستشتد الحرائق وتتعدد مصادر النيران لتلتهم ما بقي من أخضر ويابس .وهذا هو المآل الأخير الذي سنساهم بصمتنا في الوصول إليه .لان الأمن مسؤليتنا جميعا ،فمتى ما سكت المواطنيين عن عبث العابثين وخنعوا لسطوة الفسدة والمفسدين حلت عليهم الذله وما قوم صالح علية السلام إلا خير دليل .. لهذا وفي ظل وتيرة الأحداث المتسارعة بشكل لافت ،فضلا عن تطورات الأوضاع الإنسانية وتزايد معاناة المدنيين كلما أستمرت الحرب الأهلية التي مزقت النسيج الإجتماعي للمجتمع اليمني ،نقول لدعات التغيير والثورة أنتم في بلد لم يستكمل بعد ثورته التعليمية ،كما نقول لأصحاب المشاريع الصغيرة الذين أستغلوا الربيع اليمني في تصفية ثاراتهم القديمة والجديدة أوقفوا الفتن والنعرات الطائفيه والمناطقيه .من الأفضل لكم جميعا أن تحافظوا على حياة ما تبقى من أبنائكم ،بدل دغدغة احلام الحرية والتعلق بأوهام الثورة وقيم الكرامة والسيادة المستحيلة .إذ يكفي ما قد حل بالوطن من دمار وخراب وتشرذم ،فالحصول على عظمة مبلولة بمرق السلام والديمقراطية الأنتخابية والدولة المدنية ،وبوعود إعادة الإعمار والإنضمام إلى مجلس التعاون الخليجي أفضل من البقاء في العراء ،تحت الحصار والقصف الجوي والترهيب والتجويع ،وإرهاب الميليشيات .لان الصيف اليمني هذا العام سيكون ساخنا فلا تجعلوا مثل هولاء يزيدوة سخونة ،فقد شبع الشعب اليمني فتن وأملاءات داخلية وخارجية .بعد إن أستهوتكم تفاحة الربيع العربي التي أخرجتكم من نعمة الأمن والأمآن إلى نقمة الحرب والخصام ،لان الديمقراطية ودولة العدالة والمساواة التي بشّرونا بها أوقعت اعدادا هائلة من الضحايا تجعل ضحايا نظام عفاش صفرا على الشمال .. فبمرور خمسه أعوام على إنطلاق الثورة الشبابيه السلميه في اليمن ،ومرور عام على دخول اليمن في واحدة من أكثر الحقبات ظلاما في تاريخها حديثه وقديمه ،أصبح كل اليمنيون يدركون إن هذا المآل الذي وصلت إليه اليمن ،لم يكن نتيجة الثورة الشبابية السلمية، وإنما ، بسبب الصراع القديم الجديد بين الإسلام السياسي السني " الاصلاح " والإسلام السياسي الشيعي " الحوثي " وكلاهما لا يمثلان لا الإسلام السني ولا الزيدي حصريا ،هذان الطرفان ومعهما القاعدة وتجار السلاح وزعماء القبائل وركني النظام السابق " علي عبدالله صالح وعلي محسن الاحمر " والمشاريع الإقليمية والدولية هم وقود الأزمة وإشعال الحرب في اليمن ،وهم في نفس الوقت مفتاح الحل السياسي اليمني .. لقد دخل اليمن النفق المظلم من أوسع أبوابه ،وبات يشهد مرحلة معقدة وخطيرة للغاية في تطوره السياسي المعاصر والحديث ،مما خلق حالة من عدم وضوح الرؤية لدى المواطن العادي أو حتى المثقف .ونتيجة إلى هذا الحال الذي تعيشه اليمن اليوم ، الذي يتطلب ظهور إرادة وطنية حقيقيه ،لاتنطلق من مسلمة منتصر ومهزوم ،بل من منطق الشراكة في بناء الوطن للجميع وبالجميع . فالأفضل أن تبتعد دول التحالف العربي بقيادة السعوديه, عن فرض أي حل لقضية اليمن السياسيه وتترك اليمنيين أنفسهم يقررون ما يريدون وحدة أم أنفصال أم فيديرالية, المهم إن يفعلوا ذلك من دون حرب, إذ يكفي ما قد عانوه من الحرب والجوع والألم. المهم الآن هو العودة إلى الخيار السياسي, وإتاحة الفرصة لليمنيين من جديد لحل مشاكلهم بأنفسهم. عن طريق الحوار وبإشراف مباشر من الأممالمتحدة, وإرسال قوات دولية لحفظ السلام في اليمن.كما إن توحيد الجهود بين دول التحالف العربي بقيادة السعوديه, والدول الراعيه للحوار اليمني, بمن فيها مبعوث الاممالمتحده إلى اليمن, من شأنه أن يسهم في التأثير بطريقه إيجابيه في مختلف الأطراف المؤمنه بأهمية الحوار, من أجل التوصل إلى حل سياسي للصراع حول السلطة. خصوصا بعد أن تمكنت السعوديه من تدمير القوة العسكريه والسلاح الذي سيطرت عليه مليشيات الحوثي وصالح. لان في الواقع, ليس في وسع أي من الأطراف في اليمن تحقيق أنتصار بقوة السلاح, وقد بدأت دول العالم تعترف بهذه الحقيقه, وكذلك العاقلون من بين صنّاع القرار في دول الجوار. فإما أن يستمر حال اللا حرب واللا سلم, وتعطيل الدوله في اليمن, ما يعني حربا أهليه مستمره بوتيره منخفضة, لن تلبث أن تتحول إلى حرب شامله في لحظه ما يصعب تحديدها, أو يتم التوصل إلى تسويه.المهم, حاليا, تأسيس نظام يمنع عودة الأستبداد, ويضمن حقوق المواطنه المتساوية في السلطة والثروة والحريات والتعددية السياسية ويحارب القوى المتطرفة التي ترفض الأعتراف بها...