أكدت مصادر سياسية مطلعة ل”العرب” زيارة وفد حوثي برئاسة الناطق الرسمي باسم الجماعة محمد عبدالسلام إلى مدينة أبها السعودية، وأن الوفد الذي يتكون من عدد من قيادات الجماعة السياسية والعسكرية قد شوهد عند منفذ “علب” الحدودي قبل أن يدخل الأراضي السعودية. وتمثل هذه الزيارة المفاجئة فهما متأخرا لطبيعة الجغرافيا المحيطة باليمن وتنازلا حوثيا نوعيا وضربة موجعة لرهانات الداعمين الرئيسيين للحوثيين داخليا الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وخارجيا إيران التي أعلنت الثلاثاء عن استعدادها إرسال مستشارين عسكريين إلى اليمن في محاولة لمنع أي تقارب لحلفائها مع الرياض. وتعد هذه المرة الأولى منذ انطلاق عاصفة الحزم التي يجلس فيها الحوثيون والسعودية وجها لوجهة داخل الأراضي السعودية. واصطحب الوفد الحوثي معه الأسير السعودي جابر الكعبي الذي تم تسليمه للجانب السعودي فور الوصول إلى المنفذ الحدودي “علب”. وكشفت المصادر عن أن جلسات الحوار السعودية الحوثية مازالت في مرحلة جس النبض وأنها تعد في الأساس امتدادا لمشاورات شارك فيها ممثلون حوثيون وضباط سعوديون في مسقط برعاية عمانية. وأكد القيادي في الحركة الحوثية وعضو المجلس السياسي عبدالغني العجري، والذي يرجح إشرافه على الملف السعودي، حدوث مفاوضات مباشرة بين الحوثيين والجانب السعودي وصفها بالساخنة. كما أكد الإعلامي المقرب من الجماعة محمد علي العماد في منشور له على فيسبوك وصول الوفد الحوثي إلى مدينة أبها. ووجه ناشطون من حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح الاتهامات للجماعة الحوثية بالسعي للتخلي عن صالح وتقديمه كبش فداء في أي اتفاق قادم مع دول التحالف. وقال محللون إن هذه الزيارة تحمل مؤشرا قويا على رغبة الحوثيين في فتح قنوات تواصل مباشرة مع السعودية والاستجابة لشروطها للوصول إلى حل سياسي، لافتين إلى أن الحوثيين يريدون منع مواجهة عسكرية حاسمة في صنعاء قد تكون لغير صالحهم.
مسعود جزايري: ندعم الحوثيين كما ندعم بشار الأسد
واعتبر المحللون أن عاصفة الحزم أنهكت الحوثيين، ففضلوا الابتعاد عن إيران والسعي إلى تحصين مواقعهم السياسية عبر تقديم تنازلات للسعودية، خاصة أن حلفاءهم الإيرانيين لم يبادروا إلى دعمهم عسكريا مثلما يفعلون الآن مع الرئيس السوري بشار الأسد، وأنهم تركوهم يواجهون مصيرهم بأيديهم في ظل اختلال موازين القوى لفائدة السعودية وحلفائها اليمنيين. ويذهب المحللون إلى أن الحوثيين في طريقهم لتقديم تنازلات كبيرة في سبيل إيقاف الحرب التي باتت تطرق معاقلهم الرئيسية في صعدة وصنعاء والجوف. وأشار المحلل السياسي اليمني ياسين التميمي إلى أن استقبال السعودية للوفد الحوثي ربما يمثل استئنافا لتواصل بدأ عام 2012، وكان حينها يأتي في سياق مختلف تماما عما هو عليه الحال اليوم. ولا يخفي التميمي حذره من انتهازية المشروع الحوثي قائلا “الأمر يدل على هزيمة المشروع الحوثي ببعده الإقليمي، ولكنه إن سمح ببقاء الحوثيين كقوة فإنه سيمنحهم فرصة لاستجماع قواهم واستئناف تنفيذ المشروع الإيراني من جديد”. ويرى الباحث السياسي اليمني ورئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات نجيب غلاب أن الحركة الحوثية بدأت تشعر بالقلق بعد ظهور بوادر تململ في معاقلها الرئيسية في صعدة بسبب طول الحرب وخسائرها الباهظة وغياب أي رؤية حقيقية أو واقعية لها. ويرجح غلاب أن يعطي الحوثيون ضمانات للسعودية في ما يخص تأمين الحدود للتفرغ للحرب الداخلية و”هذه الألعاب الحوثية لم تعد مجدية وعليها أن تنفذ كل ما هو مطلوب منها”. لكن مراقبين استبعدوا أن يتمكن الحوثيون من تمرير شروطهم خاصة أنهم في موقع ضعيف، وأن الفرصة ستكون مواتية للسعودية لفرض شروطها في إعادة ترتيب البيت اليمني وإعادة الشرعية في مسعى لحل سياسي للأزمة، فضلا عن وضع حد لعلاقتهم بإيران وميليشيا حزب الله اللبناني. ولم يتأخر الرد الإيراني على زيارة الوفد الحوثي إلى مدينة أبها السعودية، فقد أشار الجنرال مسعود جزايري نائب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية الثلاثاء إلى أن بلاده قد ترسل مستشارين عسكريين لليمن لمساعدة الحوثيين على قتال التحالف العربي. وسئل جزايري في مقابلة مع وكالة تسنيم للأنباء عما إذا كانت إيران سترسل مستشارين عسكريين إلى اليمن مثلما فعلت في سوريا، فقال إن بلاده “تشعر بواجبها لمساعدة الحكومة والشعب السوريين. وتشعر أيضا بواجبها لمساعدة الشعب اليمني بأي وسيلة بوسعها ولأي مستوى ضروري”.