يؤدي وفدا حوثيا برئاسة الناطق الرسمي باسم الجماعة محمد عبدالسلام زيارة مفاجئة إلى مدينة أبها السعودية، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تشكل تنازلا حوثيا نوعيا من نوعه بعد طول مكابرة أدت باليمن إلى حالة من التدمير الشامل ماديا وبشريا. ونقلت صحيفة "العرب" اللندنية خبر الزيارة نقلا عن مصادر سياسية مطلعة لم تسمها، وقالت إن الوفد الذي يتكون من عدد من قيادات الجماعة السياسية والعسكرية، شوهد عند منفذ "علب" الحدودي قبل أن يدخل الأراضي السعودية. ويقول المحللون إن الحوثيين يريدون منع مواجهة عسكرية حاسمة في صنعاء قد تكون لغير صالحهم، مؤكدين أن عاصفة الحزم أنهكتهم، ففضلوا الابتعاد عن إيران والسعي إلى تحصين مواقعهم السياسية عبر تقديم تنازلات للسعودية، خاصة أن حلفاءهم الإيرانيين لم يبادروا إلى دعمهم عسكريا مثلما يفعلون الآن مع الرئيس السوري بشار الأسد، وأنهم تركوهم يواجهون مصيرهم بأيديهم في ظل اختلال موازين القوى لفائدة السعودية وحلفائها اليمنيين. وتعد هذه المرة الأولى منذ انطلاق عاصفة الحزم التي يجلس فيها الحوثيون والسعودية وجها لوجهة داخل الأراضي السعودية. واصطحب الوفد الحوثي معه الأسير السعودي جابر الكعبي الذي تم تسليمه للجانب السعودي، فور الوصول إلى المنفذ الحدودي "علب". وقالت السعودية الأربعاء إنها استعادت عريفا احتجزته ميليشيات يمنية وسلمت سبعة يمنيين احتجزتهم في مناطق العمليات القريبة من الحدود السعودية اليمنية. وجاء في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية "أعلنت قيادة قوات التحالف أن شخصيات قبلية واجتماعية يمنية سعت لإيجاد حالة من التهدئة على الحدود اليمنية المتاخمة للمملكة لإفساح المجال لإدخال مواد طبية وإغاثية للقرى اليمنية القريبة من مناطق العمليات". وأضاف البيان "كما تم استعادة المعتقل السعودي العريف (جابر أسعد الكعبي) وتسليم عدد سبعة أشخاص يمنيين تم القبض عليهم في مناطق العمليات بالقرب من الحدود السعودية الجنوبية وتعرب قيادة قوات التحالف عن ترحيبها باستمرار حالة التهدئة في إطار تطبيقها لخطة (إعادة الأمل) بما يُسهم في الوصول إلى حل سياسي برعاية الأممالمتحدة وفق قرار مجلس الأمن رقم ( 2216 )". وأكد القيادي في الحركة الحوثية وعضو المجلس السياسي عبدالغني العجري، والذي يرجح إشرافه على الملف السعودي، حدوث مفاوضات مباشرة بين الحوثيين والجانب السعودي وصفها بالساخنة. كما أكد الإعلامي المقرب من الجماعة محمد علي العماد في منشور له على فيسبوك وصول الوفد الحوثي إلى مدينة أبها. وكشفت المصادر أن جلسات الحوار السعودية الحوثية ماتزال في مرحلة جس النبض، وأنها تعد في الأساس امتدادا لمشاورات شارك فيها ممثلون حوثيون وضباط سعوديون في مسقط برعاية عمانية. ويقول محللون إن الزيارة المفاجئة تعبر عن إدراك متأخر لحقيقة الواقع ولطبيعة الجغرافيا المحيطة باليمن، كما تمثل ضربة موجعة لرهانات الداعمين الرئيسيين للحوثيين داخليا مثل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وخارجيا مثل إيران التي أعلنت الثلاثاء عن استعدادها إرسال مستشارين عسكريين إلى اليمن، في محاولة لمنع أي تقارب لحلفائها مع الرياض. ويؤكد المحللون أن جماعة الحوثي بدأت تشعر بالقلق بعد ظهور بوادر تململ في معاقلها الرئيسية في صعدة بسبب طول الحرب وخسائرها الباهظة وغياب أي رؤية حقيقية أو واقعية لها. وقالت "العرب" إن ناشطين من حزب الرئيس السابق علي عبدالله صالح وجه الاتهامات للجماعة الحوثية بالسعي للتخلي عن صالح وتقديمه كبش فداء في أي اتفاق قادم مع دول التحالف. كما لم يتأخر الرد الإيراني على زيارة الوفد الحوثي إلى مدينة أبها السعودية، فقد أشار الجنرال مسعود جزائري نائب رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية الثلاثاء إلى أن بلاده قد ترسل مستشارين عسكريين لليمن لمساعدة الحوثيين على قتال التحالف العربي. وسئل جزائري في مقابلة مع وكالة تسنيم للأنباء عما إذا كانت إيران سترسل مستشارين عسكريين إلى اليمن مثلما فعلت في سوريا، فقال إن بلاده "تشعر بواجبها لمساعدة الحكومة والشعب السوريين.. وتشعر أيضا بواجبها لمساعدة الشعب اليمني بأي وسيلة بوسعها ولأي مستوى ضروري". ويذهب المحللون إلى أن الحوثيين سيقومون بتقديم تنازلات كبيرة في سبيل إيقاف الحرب التي باتت تطرق معاقلهم الرئيسية في صعدة وصنعاء والجوف، غير أنهم لن يستطيعوا فرض أية شروط لمصلحتهم على الجانب السعودي، خاصة وأن الرياض تبدو أمام فرصة مواتية لفرض شروط من ناحيتها تتعلق بإعادة ترتيب البيت اليمني وإعادة الشرعية في مسعى لحل سياسي للأزمة، فضلا عن وضع حد لعلاقتهم بإيران وميليشيا حزب الله اللبناني.